(12 ) رباعيات حسين علي محمد

بقلم: أ.د. حلمي محمد القاعود
............................

الشاعر الشاب حسين علي محمد له تجربة طيبة في عالم الشعر، وقد أخرج أكثر من مجموعة شعرية معظمها بالجهد الشخصي الشاق، وقد أصدرت له هيئة الكتاب منذ فترة مجموعة باسم "شجرة الحلم" نالت إعجاب ناقد كبير، ممّا حدا به إلى الكتابة عنها في مقدمتها.
وتأتي "رباعياته" التي صدرت مؤخراً ضمن مطبوعات جماعة "أصوات" لتحمل روحاً شفافة تفيض بالعذوبة والأشواق، وتغزو عالماً زاخراً بالألم والأمل، وترتكز على قاعدة من الحلم الجميل بالغد الأفضل والأكرم.
إنها ـ أي المجموعة ـ مناغاة للواقع المرير برؤية صافية، وترصد السلبيات والإيجابيات بلغة الشعر، مع لمسات من الأسى تطفو على السطح بين الحين والحين.
والجديد في هذه "الرباعيات" أن الشاعر قد تخلّى عن الشعر المرسل أو شعر التفعيلة تماماً، وأثيت وجوده ـ ربما لأول مرة ـ في عالم الشعر المُقفّى ذي الشطرين، من خلال أداء راق يؤكِّد أن هذا الشعر يملك إمكانات مذهلة لو وجد الشاعر المُجيد الذي يستطيع امتلاك ناصيته.
قد تبدو بعض الألفاظ غريبة على أذن القارئ أو قاموس الشاعر، مثل "النبيذ" في الرباعية الثانية، أو "عنصريا" في الرباعية الثامنة، ولكن هذا لا يُقلل من هذه المجموعة التي تتألّق بمعانقة الإنسان والانحياز له.
يقول في الرباعية السادسة والثلاثين، والتي تُذكِّرنا بنغمات الشعر الفارسي:
قدْ أهاجتْني دموعُ العاشقينْ .:. في عذابٍ لفـــــراقٍ أوْ لِقاءْ
قدْ قضيْتُ العمْرَ بحثاً عنْ جبينْ .:. تُشرقُ الفرحةُ فيهِ والصَّفـــاءْ !
وفي الرباعية السابعة والعشرين يقول:
لمْ تُحَرِّكْني دفوفُ الأرْضِ يوْما .:. أوْ غِناءُ المُطــرِبِ الموْهوبِ ليْلَهْ
قدْ قَضِيْتُ العمْرَ تسبيحاً وصَوْما .:. في ظـلامِ الليــلِ أشتاقْ الأهِلَّهْ !
ومن خلال هاتين الرباعيتين يستطيع القارئ أن يُدرك مدى سيطرة الشاعر على ناصية الشعر
حلمي محمد القاعود
................................
*مجلة "الإذاعة والتليفزيون"، العدد (2500)، في 12/2/1982م.