سألت نفسي اليوم حينما كنت أتلو سورة يوسف ومررت عند هذه الآية الكريمة :
{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }
يوسف30
هل يجوز تأنيث المذكر وتذكير المؤنث في الجمع والمفرد ، ومتى ، وهل كان هنا تذكير المؤنث " وَقَالَ نِسْوَةٌ " نظرا لمكانة النسوة في مصر زمن امرأة العزيز ...!!!؟؟؟...
وبعد أن راجعت فقه اللغة رأيت فيما يخص ...
تذكير المؤنث وتأنيث المذكر في الجمع
هو من سنن العرب،
قال عز وجل: " وقال نسوة في المدينة " . وقال تعالى: " قالت الأعراب آمنا " .


من سنن العرب ترك حكم ظاهر اللفظ وحمله على معناه
كما يقولون: ثلاثة أنفس، والنفس مؤنثة، وإنما حملوه على معنى الإنسان أو معنى الشخص. قال الشاعر من الكامل:

ما عندنا إلا ثلاثة أنفس = مثل النجوم تلألأت في الحندس
وقال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة من الطويل:
فكان مجنى دون ما كنت أتقي = ثلاث شخوص كاعبان ومعصر
فحمل ذلك على أنهن نساء
وقال الأعشى من المتقارب:
لقوم وكانوا هم المنفذين = شرابهم قبل تنفادها
فأنث الشراب لما كان الخمر في المعنى وهي مؤنثة،
كما ذكر الكف وهي مؤنثة في قوله من الطويل:

أرى رجلاً منهم أسيفاً كأنما = يضم إلى كشحيه كفاً مخضبا
فحمل الكلام على العضو، وهو مذكر.
وكما قال الآخر من البسيط:
يا أيها الراكب المزجي مطيته = سائل بني أسد ما هذه الصوت
أي: ما هذه الجلبة؟
وقال الآخر من الطويل:
من الناس إنسانان ديني عليهما = مليئان، لو شاء لقد قضياني
خليلي أما أم عمرو فواحد!! = وأما عن الأخرى فلا تسلاني
فحمل المعنى على الإنسان أو على الشخص.
وفي القرآن: " وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيراً " ، والسعير مذكر.
وقال عز اسمه: " وأحيينا به بلدة ميتاً " . ولم يقل ميتة لأنه حمله على المكان، وقال جل ثناؤه: " السماء منفطر به " ، فذكر السماء وهي مؤنثة لأنه حمل الكلام على السقف، وكل ما علاك وأظللت فهو سماء والله أعلم.

المصدر
فقه اللغة 1/75-76