معالجة المادة المعجميّة في المعاجم اللفظـيّة القديمة


د. محمد بن سعيد الثبيتي

... لا يمكن الحديث عن جمع المادة المعجميّة بمعزل عن جمع المادة اللغويّة حيث كانت العناية الأولى بجمع المادة اللغويّة استجابة إلى ما توجبه المحافظة على القرآن الكريم، وتفهم معانيه من حفظ مادته اللغويّة، وما ترمي إليه من دقيق الدلالة والمغزى وصحيح المبنى والمعنى.
وعلى ضوء ذلك شمّرالأوائل من أئمة اللغة فأخذوا يجمعون اللغة وكان هدفهم الأول جمع الكلمات الغريبة وتحديد معانيها، ويعدّ (المربد) بالبصرة أول محطة رأى فيها العلماء وطلاب العربية تحقيق ذلك الهدف حيث كان (المربد) من أسواق البصرة التي يقصدها الأعراب للمتاجرة ولتبادل المنفعة، وربما حضر بعضهم وليس عنده سلعة يبيعها ولا رغبة في شراء، وإنّما جاء ليشبع رغبته في القول والإنشاد واستماع الشعر والأخبار كما هي عادة العرب في أسواقها، وكان أهل البصرة يخرجون إلى هذه السوق وبينهم فئة من رواة اللغة وطلابها جاءوا ليدونوا ما يسمعون عن هؤلاء الأعراب، وكان من بين هؤلاء الفئة الأصمعيّ؛ إذ يقول :

((جئت إلى أبى عمرو بن العلاء فقال: من أين جئت يا أصمعي، قلت: من المربد. قال: هات ما معك، فقرأت عليه ما كتبت في ألواحي، ومرّت به ستة أحرف لم يعرفها، فأخذ يعدو في الدّرجة قائلاً: شمّرت في الغريب ياأصمعيّ)).





د. أبو شامة المغربي