محرقة غزة الثانية
=========

يسقط من شعب غزة يوميا قتلى وجرحى على يد الصهاينة، صار القتل قربة لليهود يتقربون بها إلى الشياطين الأغبياء، وما أكثرهم.
فما بين 14 مارس و12 يونيو من هذه السنة سقط 496 قتيل، و550 جريح، 54 منهم طفلا قضوا، و14 امرأة، كما أن الذين قضوا من المرضى بسبب منعهم من الدواء والسفر خارج غزة للاستشفاء وصل 241 فلسطينيا على مرأى ومسمع من السفاحين والساديين من العرب كمبارك وغير العرب كبراون وساركوزي وبوش.
والآن يشارك أوفاما في السادية والهمجية قبيل استلامه قيادة زعيمة الإرهاب الدولي الولايات المتحدة الأمريكية..
فبالأمس السبت 27 دجنبر سنة 2008 قامت إسرائيل بمجزرة رهيبة في قطاع غزة راح ضحيتها من الشهداء إلى تاريخ كتابة هذه الكلمات 229 شهيدا و أكثر من 700 جريح، ولا تزال الآلة العسكرية الإسرائيلية من الجو تقصف الناس وتدمر البنية التحتية فلا ينفلت منها مسجد ولا مستشفى ولا مدرسة...
وأنا هنا لا أحب أن أتوجه بالنقد إلى الحكام العرب لتحميلهم المسؤولية، فهم أهون من أن يلتفت إليهم؛ لأنهم مجرد غبار سقط على ورق ستذروه الرياح مجرد أن تهب عليه...
كما لا أحب سرد العمليات الإجرامية للدولة الإرهابية فقد شهد التاريخ تعطش اليهود حتى لدم أنبيائهم، لقد بات سفك الدماء شيمة اليهود وشيمة من يساند اليهود كأمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها...
ولكنني أريد أن أتوجه إلى المسلمين من أبناء أمة محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بقولي لهم ما يلي:
ـ لنتذكر أننا لسنا وطنيين، وأن الوطنية أسسها الغرب لضرب الدولة العثمانية في البلقان بغية فصل بلاد تتبعها في أوروبا الشرقية، وكذلك في البلاد العربية وسائر البلاد الإسلامية، وعليه فأنا هنا في طنجة لا أحب أن أكون وطنيا حتى لا أفصل عن فلسطين والحجاز وتهامة والخليج والمغرب العربي وأفغانستان وباكستان وكل البلاد العربية والإسلامية، فأنا منهم وهم مني ولا يحق لهم أن يتنكروا لي، كما لا يحق لي أن أتنكر لهم، وإن فعل أحد منا فليعلم أن تلك الثقافة دخيلة علينا وعلى تراثنا دسّها المستعمِر لاستبدالها بالرابطة المبدئية وهي رابطة الإسلام...
ـ ولنتذكر أيضا أننا لسنا قوميين إلا بالانتماء العرقي فقط، وحتى هذا الانتماء الأخير يجعله تافها لأننا جميعا أبناء رجل واحد وأم واحدة هما آدم وحواء، أما الانتماء الفكري والحضاري فهو لحضارتنا ومبدئنا وأفكارنا ومفاهيمنا الإسلامية، فالكردي والبربري والأفغاني والتركي وغيره من أية قومية إذا كان يحمل نفس الأفكار التي أحمل، ويتبنّى نفس المفاهيم التي أتبنّى فهو مثلي، وأنا مثله، وهو مني، وأنا منه، وهذا هو الانتماء الحقيقي، وعليه فالقومية سواء كانت عربية أو بربرية أو أفغانية أو غيرها؛ مجرد رابطة عنصرية تضرب ديننا وإسلامنا، وتفرق بيننا، وتجعل حقوقنا مهضومة، فوجودي بطنجة والمغرب؛ هو وجود في بلدي، ووجودي في تهامة والحجاز؛ هو وجود في بلدي أيضا، ووجودي في تونس والجزائر وليبيا والخليج وأفغانيتان وجيبوتي والصومال والسودان ومصر وتركيا وأوزبكستان وغيرها من البلاد الإسلامية؛ هو وجود في بلدي كذلك، وأيا كان يعتدي على حقي هذا يجب رده والاقتصاص منه، وعليه فغزة وكل فلسطين بما فيها تلك الأراضي التي أقيمت بها دولة إسرائيل؛ هي بلادي علينا جميعا تحريرها وإرجاعها إلى أصلها، وإذن فالعمل لاستردادها عمل واجب ولا قيمة للمواثيق الدولية والاتفاقيات المبرمة مع أي كان...
ـ ولنتذكر أولا وأخيرا أننا مسلمون، وأن بلادنا بلاد لنا جميعا، وما نحن إلا أبناء رجال حملوا راية الإسلام إلى الشعوب والأمم الأخرى، فكان منها من اعتنق الإسلام وهي أكثر من العرب فصارت بلادنا بلادهم وبلادهم بلادنا، وعليه فالحق فيها هو لكل منا، والتفريط فيها جريمة نقترفها، وتحريرها واجب علينا جميعا لأننا كما قال النبي محمد عليه السلام أمة واحدة من دون الناس...
هذه هي ثقافتنا، هذه الثقافة هي التي يجب أن تكون مفاهيم نكيِّف سلوكنا بحسبها، وعليه فالفرد المسلم منا والحزب المسلم فينا والجماعة المسلمة بيننا معنية بكل ما يجري لأي مسلم في أي مكان في هذه الدنيا، ولكي ننتصر للمظلوم منا؛ يجب أن نقيم العدل على أنفسنا أولا بطرد الأفكار الساقطة والمفاهيم الدخيلة كالوطنية والقومية وغيرهما من أذهاننا ونعمل كأفراد وجماعات وأحزاب بحسب طاقتنا لرفع الظلم وإعادة الحقوق إلى أهلها ومنها طرد اليهود من فلسطين كلها وإعطائهم حق العودة إلى البلاد التي قدموا منها، ولكن بعد محاكمتهم والاقتصاص من المجرمين منهم، ولا يعني ذلك أن نتملص من العمل لإيجاد كيان تنفيذي ( أيْ دولة ) لأفكارنا ومفاهيمنا يعمل على إيجادها في واقع الحياة ويكرس سيادتها بيننا، ثم التمترس خلف رئيس ذلك الكيان للجهاد بجميع وجوهه تحت إمرته، فهذا الأخير هو الذي يجهّز الجيوش ويحرّكها للقتال والتحرير والجهاد...
ـــــــــــ
محمد محمد البقاش

طنجة في: 28 ديسمبر 2008
الساعة: الثانية واثنان وعشرون دقيقة ليلا بتوقيت غرينتش
================
ملاحظة: لحد نشر هذا المقال ارتفع عدد الشهداء إلى 290