قصـــــــــة : ــــــــــــــــــ أنيــــن عاشقـة ـــــــــــــــــــ


بقلم / بنـــور عائشة ( عائشة بنت المعمورة )

التهمه قاع البحــر..

التهمتــه أمواج اليـّم المتلاطمة ووزعتـه على مذابح العشق الوردي فانفرطت عناقيد اللؤلـــــؤ من قيد عيون عسليــة تسأله قائلة:
ـ لماذا ابتلِيت بعشقـي، وأسرفت في هيامي، وأهملـت أحزاني على ما أصابني من وصال عذاباتك..
لم أكن أرغب أن أشد نظري على غروب شمس وهي تودع نهاري بأصابع قزحية، فلطالما تذمرت من الرؤيا التي سحرتني بهواجسك المستحيلة والتي نجحت في إقلاقي.
أعترف أنه لم تعد لي رغبة فيك،و لن أكابر في هجرك..
لأنك سرقت أحلامي وصحوت على دموع حارقة وآهات وذكريات تذبحني..
لك وحدك كل سخطي؟
لك وحدك كل آلامي..
انتحبت في بكائها،، تعصرها المرارة ويدميها الألم فتتضح لهـا الحقيقة التي حاولت دوما أن تلبسها ثوب البراءة والطهر،، أسقطت أشـرعة التعب الذي فصّـــــد أوصالها وذهب بحيرتها الدامية…
مر عامان على فراقهما وكل يوم و"ندى" تقف بجانب الصخرة المطلة على البحر، لم تقترب منه ولم تحاول أن تسبح فيه.. تسكن إليه كلما زاد اضطرابها وتحن إليه كلما اشتدت قيودها، وتكفكف دموعها كلما تذكرته (فؤاد) لقد أحبته وقد سرقه منها..
عشقه البحر فالتهمه..أمسية يوم خميس غادرها بغير رجعة؟
((البحـــــــر وحده هو الذي هزمنــــــــــي وسلب روحي النائمة في أعماقه.. البحـــر وحده هو الذي آســـــرني إليه كل مساء..))
كل مساء تأتي "ندى" رفقة أختها الصغرى تخاطب روحــه في أعماقه قائلة:
ـ افتقدتك ولم أستطع أن أنساك..
تقاسمت معك لذة الحب والألم وكنا أشبه بالتوأم نتوارى خلف أسـوار المدينة، فأحــدق إلى الوجوه خلسة وألتفت إلى الخلف فيمتد نظري إلى البعيد.. دون أن أرى أحداً يرافقنا في خطواتنا..
تمنيت أن ينام كل شيء، إلا أنــــا وأنـــت والبحــــر،، ثلاثتنا مسكونين بالطمأنينة والفـرح…
عامان ما جفـت دموعي وما هـدأت روحي، أصرخ في ليلي على حلمك.. يوقظــني وأعاود النوم على ذكراك..
أبهضتنــــــي موجـــــــات البحر المزبـد وهي تعيدك إلي نائمـاً ظننت أن حتفك مازال بعيداً، وحتفك يتوسـده قلبي.. حاولت أن أجمع شتـــــــات المبعثر فيك وأتلمس جنوني على شفتيــــــك الباردتيـــــــــن فأشعل روحي الدافئـــة فيك وتفتح عيناك تحضنني..
آه دهشة هي أيامي معك..تخلــــــــع زمنها فوق جسدك الممتد على الأرض، يحتويني انكســــــــاري وأرتـدي ثوب الحداد مكرهة،، تضيــق خطواتي وينقسم وجعي نصفين.. نصف الحكاية الأولى يحاصرني، ونصفي ممتد على جسدك ثم يضيـــــــق البحر على اتساعه ويصغر في عيني زورقـاً معلقاً على نافــــــــــــــذة رحيلك..
أَرادك ومـــــــــــــا أرادني أن نكون معاً،، نكمـل العشق فيه تاركين النظرات والخطوات التي خطفتـك مني..
زرعْتّنـــــــــــــي على نعـــــــــش أحزاني تجرني إليك كل مساء،، وموجات تتعرى أمامي ساخرة مني قائلـة:
ـ قد أخذته منك وإلى الأبد..بين القلـــب والبحـــر وطــــــن يسكن إليه..
عانقت "ندى" أختها الصغرى وعادت أدراجها مهزومة إلى غرفتها المطلة على البحر وهي تعانق جراحها،، وتعلـن انهزامها لعاشـــــــق التهمه البحر ما تبقى منه غير صورة في الذاكـــــرة وقميـص أســــــــود في الخزانـة يشبــــه الفكـرة.