النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: المقامة الهلالية (1) ، " تجريب " ..

  1. #1 المقامة الهلالية (1) ، " تجريب " .. 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    18
    معدل تقييم المستوى
    0
    [align=center].
    (( المقَامَةُ الهلالِيَّةِ " 1 " ))

    قالَ الراوي : بينا نحنُ جلوسٌ بينَ يدي أبي عبدالله القاضي ، وحولُنا الخصُومُ للتراضِي ، وبعدَ أنْ أبدى كلُّ خصمٍ كَلْمَه ، واشتكى إلى القاضي خصمَه وظُلمَه ، وسألوا القاضيَ عدلَه وعلمَه ، أشارَ القاضي بعينِ الراضي إلى أحدِ الجالسين ، فأجلْنا إليه الأبصارَ ناظرين ، فوقفَ رفيعُ القامةِ ، مقصّبُ العباءةِ والعمامة ، منيرٌ كالبدرِ في تمامِه ، في يدهِ اليُمنى نورُ قُبولٍ ، و يسراهِ تحرّكُ بسحرهِا العقول ، فافترّ شنبُهُ عن شهدِ الكلمات ، تَفْصُدُ حروفَها البسمات ، لينثالَ كلِمُهُ الخفيف ، يثقلُه سحرُه الكثيفْ ، فتمايلتْ رؤوسُ القومِ للصفح ، وتهادتْ بينَ يديهِ بشائرُ الصلح ، فكبّرنا وهلّلْنا بعدَ أنْ قامَ الرجالُ ، كالجبالِ ، يمدُّ كلٌ خيرَ واديهِ إلى مَن كانَ معادِيه ، فوقفْنا جميعاً كالأعلام ، والقاضي قد بدأ الكلام ، حتى يوثّقَ الصلحَ قبل الختام ، وأنشدتُ قائلا :


    أكرِم بقاضٍ همُّهُ الإصلاحُ ///// والرشدُ والصفاءُ والفلاحُ
    أعطى المهيبَ فرصةً قضاها ///// ليبْتَدِرْ في الأفقِ النجاحُ
    فغابَ صوتُ البومِ واشْرَأبّتْ /// أعناقُنا إذْ غرّدَ السماحُ



    ولم أتموضعْ جالِسا ، حتى رأيتُ بالبابِ بائسا ، دميمُ الخلقةْ ، كأنه عَلَقَة ، يسير عنكبوتا أعْرجَ ، ومن رآهُ لم يجدْ فرجا و مخرجا ، يوحِي لرائيهِ بالهمِ ، ومُدانيهِ بزعافِ السمِ ، أبخرُ الفمِ ، تشمئزُ منهُ المزابل ، وتئِن من خُطاهِ السوابِل ، عرفتُ بمرآهِ معنى المسخ ، وضرورةَ النسخ ، وليتَهُ لم ينطقْ ببنتِ شَفَه ، حتى لا يؤجج في القاضي الأنَفَة ، فوقفَ على أربعٍ نرى منها اثنتين ، وتخفى علينا اثنتان ، فأشارَ له القاضي أنْ تكلم ، فتلعثمَ بينَ مسلمٍ ومتكلم ، فتبسمَ القومُ أَنه من عجمٍ نفاهُمُ الرومُ ، فليسوا بحاجةٍ إلى رُخُوم ، فأشارَ له القاضي أنْ يجلس ، وللحديث والأنسِ يُبْلِسْ ، فلم يجدْ مكانا يليقُ ، إلا ما لعله به خليق ، فتنبّر بعجزهِ بين أحذيةِ الرجال ، والضحكُ يهلُّ على الجلوس ، بلا دراهم ولا فلوس ، حتى استراحتِ النفوس ، فرفعَ ما يشبِهُ اليد ، وأشاحَ عنهُ القاضِي خشيةَ الرد ، فاشتطَّ بِهِ الغضبْ ، وكحّ وندبْ ، ثم انسلَّ من عباءةِ الأدبْ ، وقال :
    أيها القاضي ، وباغي التراضي ، في الحاضر والماضي ، إعلمْ أنَّ من جاؤوك اليوم ، من عليةِ القوم ، قد حرمني أحدُهُمُ النوم ، وأخذتُ أقلبُ كلامَه ، وأبعثرُ أقلامَه ، حتى عثرتُ على الدليلِ أنّهُ عليلْ ، فلا سماحَ ، ولا دماحْ ، حتى تقعقعُ الرماحْ ، فغمّضَ القاضي عينهِ ، وأرخى عمامتَهُ إلى أُذُنيه ، وطرفا منها على مِنْخَرِهِ ، وأمرَ بمبخرِهْ ، وأشارَ إلى الحاجبِ أنْ تولَّ أمرَه ، ولا تنسَ أنْ تلسعَ دُبُرَه ، بملقطِ الجمرةْ ، فأمسكهُ الحاجبُ من رجلهْ ، وعرّهُ عرّا ، كجيفةٍ إهابُها مُحْمَرّا ، حتى أشفقنَا على أحذِيتِنا ، ونفضْنا من رائحتِه أردِيَتِنا ، والحاجبُ يقولُ : أخرجْ يا مكسورُ الضادِ ، و جرذُ الوهاد ، ومِرجلُ الرمادِ ، أتفرقُ الرجالَ ؟ بالقيل والقالْ ؟ ماذا تركتَ للنساءِ يا تعيسْ ؟ ألم تهبْ ملفوظَكَ الخسيسْ . ثم غابَ الصوتُ لم أسمعْ إلا ثغاءَه وحرشفةَ رغاءَه ..
    فتبسمَ القاضي ، وأهلُ السماحِ والتغاضي ، حتى التفتَ إليَّ أحدُهم وأشارَ بيدهِ أنْ أنشِدْنا ، فتبسمتُ قائلا :

    يضيقُ علينا عرينُ الأسودِ ////// إذا زارَها غفلةً ثعلبُ
    ويهربُ عطرُ الصباحِ الجديدِ /// لرائِحَةٍ قُبْحُهَا يغلِبُ
    وإنْ ضَاعَ تفسيرُ مسخِ القرودِ /// فذاكَ لتفسيرِهَا يَجْلِبُ
    فليسَ لهُ غيرُ دبغِ الجلودِ ///// وتنشيرُها عندما تُطْلَبُ
    بِهِ قد كرهْنا شِواءَ القديدِ /// وأكبَادُنا عنهُ لا تقلبُ



    فقاطَعني القاضي بضجيجِهِ وقد بدَت أضراسِهْ ، فخبأَها على الطاولةِ إذ حنى راسَه ، والقومُ يعومونَ في بحارِ الضحكِ والضجيجْ ، وبطونُهم لهفى إلى اللحمِ النضيجْ ، يتضَاحكُون ، ويتهَامَسُون ، ويتغامزونْ ، فوقفَ القاضي ونادَى ، يا آلَ مَجْلِسْ :
    " طعامُكم اليومَ لذيذْ ، فقد جئتُكم بنجديٍّ حنيذْ ، لنْ يصدَّ عنهُ من ذاقَه ، ولنْ تنسَوا بعدَ اليومِ مذاقَه ، فإنْ كدركم ذلك الأبخرْ ، فقد أضحَككمُ الراوي إذْ قال فأشْعَر ، والضحكُ يريحُ الروحْ ، ويدمحُ القروحْ ، ورائحةُ الطعامِ الشهي ، ستنسيكم الصدّ والنهي ، بعدَ مقدمِ ذلك البهي ، فهلمّوا إلى طعامِكم "



    عميق احترامي ..

    * هذه أولى محاولاتي لكتابة هذا الفن ، وحتى اطلاعي عليه قليل جدا ..
    لا تتركوها تمر دون تمحيص أرجوكم .. بكم أرتقي ..
    [/align]
    كل عام وانتم بخير ..


    تحية أكبار واعتزاز وشكر وتقدير على كل جهد تبذلونه في هذا المكان المتخم روعة بالعلم وخدام العلم بكل تفاني ..

    وقوفي أحتراما للجميع وخصوصا للـ : د . ابو شامه المغربي ..

    إنحناءة قلم تلميذ باحث :

    أحمد
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: المقامة الهلالية (1) ، " تجريب " .. 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية (منال)
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    47
    معدل تقييم المستوى
    0


    فارس الكلمة وحارسها المتألق :

    صقر الطائف

    ما أروع أبداعاتك وما أرق صفحات كلمك وهي صافية أصيلة تعبق بالعراقة والأصالة فوق لجين بديع جميل يتماهى في الجمال والرصانة والقوة والبراعة من المقامة الهلالية وما فيها من سرد وتشويق وشعر وبلاغة وفصاحة من هذه الكلمات المنتقاه بعناية ودقة ومصفوفة بجودة وتمكن في هذا العقد الرائع الساحرالجذاب وهذا الفن الراقي الذي يأخد بلب الإبصار وعمق الأفكار وبواطن الإرواح إلى مملكة اللغة الآسرة بكل مناحي الإبداع العربي الفريد .

    ولا أخفيك سراً يا أخي وأنا في أثناء القراءة لهذه المقامة قد ظننت - وبعض الظن ليس أثماً - أن هناك أسماً مشهوراً سوف أجده في نهاية المقامة ، حيث ذكرني كلامك بكتابنا القدامى وكانت المفاجأة أنك أنت الكاتب لا أحد غيرك ؟؟
    حقاً شيء راقي وأنيق وينم ويفصح عن قلم رشيق يقطرمن معين أصيل وتراث رصين ، قلم قد وجدناه محلقاً في سماء الشعر ، وها نحن نجدك محلقاً في سماء المقامة ، حيث الرقي والتألق والألق .


    في إنتظار المزيد من هذا الفن البديع من فيض قلمك الأنيق
    في هذا الروض المربدي الوسيم .


    رد مع اقتباس  
     

  3. #3 رد: المقامة الهلالية (1) ، " تجريب " .. 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    18
    معدل تقييم المستوى
    0
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة (منال) مشاهدة المشاركة


    فارس الكلمة وحارسها المتألق :

    صقر الطائف

    ما أروع أبداعاتك وما أرق صفحات كلمك وهي صافية أصيلة تعبق بالعراقة والأصالة فوق لجين بديع جميل يتماهى في الجمال والرصانة والقوة والبراعة من المقامة الهلالية وما فيها من سرد وتشويق وشعر وبلاغة وفصاحة من هذه الكلمات المنتقاه بعناية ودقة ومصفوفة بجودة وتمكن في هذا العقد الرائع الساحرالجذاب وهذا الفن الراقي الذي يأخد بلب الإبصار وعمق الأفكار وبواطن الإرواح إلى مملكة اللغة الآسرة بكل مناحي الإبداع العربي الفريد .

    ولا أخفيك سراً يا أخي وأنا في أثناء القراءة لهذه المقامة قد ظننت - وبعض الظن ليس أثماً - أن هناك أسماً مشهوراً سوف أجده في نهاية المقامة ، حيث ذكرني كلامك بكتابنا القدامى وكانت المفاجأة أنك أنت الكاتب لا أحد غيرك ؟؟
    حقاً شيء راقي وأنيق وينم ويفصح عن قلم رشيق يقطرمن معين أصيل وتراث رصين ، قلم قد وجدناه محلقاً في سماء الشعر ، وها نحن نجدك محلقاً في سماء المقامة ، حيث الرقي والتألق والألق .


    في إنتظار المزيد من هذا الفن البديع من فيض قلمك الأنيق
    في هذا الروض المربدي الوسيم .



    الراقية أ. منال ..

    حضور يلجم الأبجدية ، ويغرس بذور الضوء في قمقم الإرادة ..

    أتعلمين سيدتي أن هذه الحروف التي وضعها كرم خلقك ، وأنثالت عطرا على متصفحي ، لم تكتفي بتلوين الصفحة فقط ، بل تجاوزت ذلك وأنطبعت في أعماق الروح تحفيزا وقد وجدت قارئا واحدا فقط بل قارئة أنيقة ، يكفي نصي والله أن كنت القارئة الواعية له ، وهذا هو القارئ الذي يبحث عنه كل كاتب ..

    الشكر يحج إلى عليائك سيدتي ، ولن أمل ارتيادك لمتصفحاتي ..

    عميق احترامي ..
    كل عام وانتم بخير ..


    تحية أكبار واعتزاز وشكر وتقدير على كل جهد تبذلونه في هذا المكان المتخم روعة بالعلم وخدام العلم بكل تفاني ..

    وقوفي أحتراما للجميع وخصوصا للـ : د . ابو شامه المغربي ..

    إنحناءة قلم تلميذ باحث :

    أحمد
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 31/05/2012, 01:09 PM
  2. مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 11/12/2011, 11:53 PM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07/09/2011, 11:48 PM
  4. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 17/05/2011, 06:39 PM
  5. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04/05/2011, 10:38 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •