هو ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف .. وأمه : أروي بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس . أسلمت .
وكان عثمان يكني في الجاهلية أبا عمرو ، فلما ولدت له رقية في الإسلام غلاما ، سماه عبد الله واكتني به .
وقد أسلم - رضي الله عنه - قديما ، قبل دخول الإسلام دار الأرقم بن أبي الأرقم ، وهاجر الهجرتين إلي الحبشة .. ولما خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي بدر خلفه علي ابنته رقية يمرضها ، وضرب له بسهمه وأجره ، فكان - رضي الله عنه - كمن شهدها .. وزوجه النبي صلي الله عليه وسلم أم كلثوم بعد رقية وقال : لو كان عندي ثالثة لزوجتها عثمان . وسمي - رضي الله عنه - لذلك ذا النورين ، لجمعه بين بنتي رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وبايع عنه صلي الله عليه وسلم بيده في بيعة الرضوان .
وكان عثمان - رضي الله عنه - ربعة ، أبيض .. وقيل أسمر .. رقيق البشرة ، حسن الوجه ، عظيم الكراديس ، بعيد ما بين المنكبين ، كثير شعر الرأس ، عظيم اللحية يصفرها .
عن الحسن قال : نظرت إلي عثمان فإذا رجل حسن الوجه ، وإذا بوجنته نكات جدري ، وإذا شعره قد كسا ذراعه .
وعن أبي سعيد الخدري ، قال : رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم من أول الليل إلي أن طلع الفجر رافعا يديه يدعو لعثمان : اللهم عثمان ، رضيت عنه فارض عنه .
وعن أم المؤمنين عائشة : أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان جالسا كاشفا عن فخذه ، فاستأذن أبو بكر فأذن له ، ثم استأذن عمر وهو علي حاله ، ثم استأذن عثمان فأرخي عليه ثوبه ، فلما قاموا قلت : يا رسول الله استأذن عليك أبو بكر وعمر فأذنت لهما وأنت علي حالك ، فلما استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك . فقال : يا عائشة ، ألا أستحي من رجل والله إن الملائكة لتستحي منه . " انفرد بإخراجه مسلم " .
وقد تنبأ النبي صلي الله عليه وسلم بما سيحدث لسيدنا عثمان - رضي الله عنه - في أكثر من حديث وفي أكثر من مناسبة .. فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : كنت عند النبي صلي الله عليه وسلم فقال : يا عائشة لو كان عندنا من يحدثنا . قالت : قلت : يارسول الله ألا أبعث إلي أبي بكر ؟ فسكت ثم قال : لو كان عندنا من يحدثنا . فقلت : ألا أبعث إلي عمر ؟ فسكت . قالت : ثم دعا وصيفا بين يديه فساره فذهب . قالت : فإذا عثمان يستأذن ، فأذن له ، فدخل فناجاه النبي صلي الله عليه وسلم طويلا ثم قال : يا عثمان إن الله عز وجل مقمصك قميصا ، فإذا أرادك المنافقون علي أن تخلعه فلا تخلعه لهم ولا كرامة . يقولها له مرتين أو ثلاثا ." رواه أحمد " .
وعن سهل بن سعد قال : ارتج أحد وعليه النبي صلي الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان . فقال النبي صلي الله عليه وسلم : اسكن أحد ، فما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان . " رواه أحمد " .
وكان - رضي الله عنه - سخيا .. زاهدا .. متعبدا لله .. وقانتا .. كما اشتهر بشدة حيائه .
وقصتي تجهيزه لجيش العسرة ، وشراؤه لبئر رومية مشهورتين .
عن شرحبيل بن مسلم : أن عثمان كان يطعم الناس من طعام الإمارة ، ويدخل بيته فيأكل الخل والزيت .
عن الحسن ، وذكر عثمان بن عفان وشدة حيائه ، فقال : إن كان ليكون في البيت والباب عليه مغلق ، فما يضع الثوب ليفيض عليه الماء ، يمنعه الحياء أن يقيم صلبه .
وعن ابن سيرين ، قال : قالت امرأة عثمان حين قتل عثمان : قتلتموه وانه ليحي الليل كله بالقرآن ؟
عن الزبير بن عبد الله ، عن جدة له يقال لها رهيمة ، قالت : كان عثمان يصوم الدهر ويقوم الليل إلا هجعة من أوله . " رواه الإمام أحمد " .
وعنه أيضا قال : حدثتني جدتي أن عثمان بن عفان كان لا يوقظ أحدا من أهله من الليل إلا أن يجده يقظانا فيدعوه فيناوله وضوءه ، وكان يصوم الدهر .
وقد صح عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه أملي علي عثمان وصيته عند موته ، فلما بلغ إلي ذكر الخليفة أغمي عليه .. فكتب عثمان : ( عمر ) .. فلما أفاق أبو بكر قال : من كتبت ؟ فقال عثمان : عمر .. فقال : لو كتبت نفسك لكنت لها أهلا .
كما صح عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه جعله في أهل الشوري ، وشهد له أن رسول الله صلي الله عليه وسلم مات وهو عنه راض .
وعن ابن عمر قال : { أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه } " الزمر ٩ " قال : هو عثمان بن عفان - رضي الله عنه وأرضاه - .
وقد بويع بالخلافة يوم الإثنين ، لليلة بقيت من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ، واستقبل بخلافته المحرم سنة أربع وعشرين .. وعاش في الخلافة اثنتي عشرة سنة .. قال أبو معشر : إلا اثنتي عشرة ليلة .
عن عبد الله ، قال : حين استخلف عثمان ، استخلفنا خير من بقي ولم نأله .
وعن ابن عمر قال : كنا نخير بين الناس في زمان رسول الله صلي الله عليه وسلم فنخير أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان . " انفرد بإخراجه البخاري " .
وعن مطرف قال : لقيت عليا عليه السلام فقال لي : يا أبا عبد الله ما بطأ بك عنا ؟ أحب عثمان ؟ أما لئن قلت ذاك لقد كان أوصلنا للرحم وأتقانا للرب تعالي .
وعندما اشتعلت الفتنة رضي الله عنه ، صبر .. حتي حصر في بيته أياما ، ثم دخلوا عليه فقتلوه يوم الجمعة لثلاث عشرة خلت من ذي الحجة ، ويقال لثماني عشرة من سنة خمس وثلاثين للهجرة .. وهو يقرأ في المصحف ، وكان صائما يومئذ .. ودفن ليلة السبت بالبقيع وعمره تسعون عاما . وقيل خمس وتسعون .