جاسم الرصيف
ـــــــــــــــــــــــ
( أخطر مدينة في أخطر بلد )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا هو الوصف الذي إنتقاه جوناثان ستيل مراسل صحيفة الغارديان البريطانية لمدينة الموصل ، عاصمة محافظة نينوى ، بعد ان اضطر لتغيير السيارات التي تنقل بها عدّة مرات ، كما غيّر السوّاق في آن ، واضطر حرّاسه المسلحون لإخفاء اسلحتهم تحت مقاعد السيارات التي تنقل بها لسبب مازالت معظم وسائل الإعلام ، ومنها عربية ، تتجاهله وتتغاضى عنه تغاضي المتواطئ على حرب نفسية ضد الشعب العراقي ، والسبب هو ببساطة وحسب مراسل الغارديان : ( العمليات العسكرية اليومية ضد الجيش العراقي والبيشمركة الكردية والقوات الأمريكية يقع عددها مابين 60- 70 عملية يوميا ) !! .
والعمليات العسكرية التي قصدها مراسل صحيفة الغارديان ، وللتذكير هو ليس عربيا ( قومجيا ) ولا اسلاميا ( متطرفا ) ، هي : عمليات المقاومة الوطنية ، التي تعني ان ثمة أكذوبة تمرّر الآن ، بالتعاون مع وسائل اعلام عربية ، على ان العراق صار : ( جنّة !؟ ) امريكية ايرانية كردية ،، ولكن هذه الأكذوبة لم تمر على العراقيين الذين يشاهدون واقع الحال من خلال هذه العمليات العسكرية التي تشنها المقاومة الوطنية ، التي نجحت وبإمتياز واضح في إفشال واحدة من اكبر الحملات العسكرية المشتركة لقوات الإحتلالات المركبة ضدها في شهر أيار / مايو من هذا العام ، والتي سمّيت في حينها ( أم الربيعين ) التي صارت توصف اليوم :
( أخطر مدينة في أخطر بلد ) .
ومع ان مراسل الغارديان ينضم ، بقصد او غير قصد ، الى جوقة الكذابين من فيلق الإحتلالات المركبة في تلطيخ المقاومة الوطنية بأوصاف : ( عمليات القتل والإختطاف والعمليات الإنتحارية والقنابل المزروعة في الطرقات ) ، الاّ ان المتابع يكتشف ان لارابط حقيقيا بين عدّ ماوصفه ( جريمة ارهابية ) اذا جاءت ضد قوات الإحتلال وبين محاولة تسويقها على انها جرائم ضد ( المدنيين ) كما يحلو لقوات الإحتلال ان تسوّق اعلامها ، خاصة وان فيلق الإحتلال الإعلامي يسوّق المقاومة الوطنية ضدّه زورا على انها من اعمال تنظيم القاعدة ، خلافا لما يعرفه المتابعون ويتعايش معه اهالي ( أخطر مدينة في أخطر بلد ) .
من بين ماذكره مراسل الغارديان تفلت تفاصيل قد تمر ( بسلام ) على بعض القراء ، ولكنها حقائق وإدانات توثق جرائم حرب ضد الإنسانية تتحملها قوات الإحتلالات الأمريكية الأيرانية الكوندية ، تذكر الغارديان : ( هناك أحياء فارغة تسكنها الأشباح ) ، ومراسل الغارديان لايذكر ، إمّا عن قصد او عن جهل وقلّة دراية منه ، من هم البشر الذين كانوا يسكنون هذه الأحياء ولكنهم تخلوا عنها لسكن ( الأشباح ) ؟! . فهل يعقل ان تخلوا أحياء بكاملها من سكانها وبدون سبب ؟! .
والجواب معروف عند اهالي ( أخطر مدينة في أخطر بلد ) وهو ان هذه الأحياء كانت تسكنها اغلبية من ضباط الجيش العراقي ، الذي سمّي ( قديما ) ونسميه ، حتى يوم الدين ، وطنيا ، والذين كانوا يشكلون نسبة قد تزيد عن ( 60 % ) من نسبة ضباط الجيش العراقي القديم ، الذي كان خامس اقوى جيش في العالم . وهي الأحياء التي خصصت في حينها ( للكفاءات العلمية الوطنية المتقدمة ) في الجامعات ومراكز البحوث العراقية ،، ولكن هؤلاء تخلوا مجبرين عن بيوتهم امام زحف الإغتيالات ( الديمقراطية ) التي نالتهم من قوات الإحتلالات الأمريكية الأيرانية الكوندية .
ويذكر مراسل الغادريان ان : ( مسؤولا في الحزب الإسلامي ــ المشارك في العملية السياسية الحالية ــ لم يستطع زيارة أهله في حي ّ آخر منذ أشهر ، لأنه خطير !! ) ،، والخطورة هنا على هذا المسؤول ، وغيره من المسؤولين المشاركين في العملية السياسية ، تأتي من وجود مقاومة وطنية رافضة للإحتلال وشركائه في عملياته بمختلف انواعها ، كما انها تعني ان المقاومة الوطنية تعدّ هؤلاء الذين يشاركون الإحتلال عملياته خطرين على القيم الوطنية ، فتتعامل معهم كما تتعامل مع شركائهم الأجانب في كل حي ّ من أحياء مدينة الموصل ، وبدون هوادة من خلال ( 60- 70 ) عملية يوميا .
كما تفلت تفصيلة اخرى في تقرير مراسل الغارديان الذي يذكر ان ( أخطر مدينة في أخطر بلد ) تخلو مما دعاه بمسلحي ( الصحوة ) السنية ، وكأنه يستغرب هذا الأمر ، ولكن العارفين ببواطن الأمور يوثقون ان جميع اهالي المدينة ، و ( 80 % ) منهم عرب سنة ، قد صحوا منذ اليوم الأول للإحتلال على رفض كل وال أجنبي ، وكل من والى اجنبيا على إحتلال البلد ، وهم احق من غيرهم باسم الصحوة الوطنية الصحيحة والسليمة التي مازالت ترفض الإحتلالات الأمريكية الأيرانية الكوندية ، لذا خلت ( أخطر مدينة في أخطر بلد ) ممن يحملون السلاح جنبا الى جنب مع قوات الإحتلال ، وهذا مالم يفهمه ايضا مراسل الغارديان بكل تأكيد .
ثمة فضيلة للغارديان في تقرير مراسلها جوناثان ستيل هي : انه وثق وأقر ّ بأن الموصل تعاني من ( إحتلالين ) أمريكي وكردي في آن . يقول : ( الأكراد وسعوا مناطق نفوذهم لتشمل 300 ميلا مربعا خارج اقليمهم ) ، بفضل حماية القوات الأمريكية طبعا ، وهذا مالم تذكره الغارديان ،، وهذا ما أدّى الى : ( تهجير مئات الألوف من السكان ، وينظر اليه متحرك خطير ومصدر لعدم الإستقرار ) ،، ومرة أخرى نذكّر بأن جوناثان ستيل ليس عربيا ( قومجيا ) ولا اسلاميا ( شوفينيا ) ، ولكنه يشخص معايشته ل ( 34 ) نقطة تفنيش كوندية ترفع العلم الكوندي وتقع مواقعها على بعد ( 75 ) ميلا عن حدود اقليم كوندستان الذي نبع منه ( الإحتلال الكردي ) لمدينة الموصل ، كواحد من اهم اسباب خطورتها ، وواحد من أهم اسباب عدم الإستقرار الذي تريده وتستقتل على استمراريته قوات الإحتلالات واولها في المدينة قوات البيشمركة الكوند .
وهنا يفرض السؤال نفسه :
لماذا لاتكون الموصل ( أخطر مدينة في أخطر بلد ) مادامت تعاني من كل هذه الإحتلالات ؟! .