رحمة الله
... فلم يكن من حظ تلك الأفئدة إلا الألم الجامح وكأنه ورم، وما كان لهذه العيون من نصيب غير الدمع الغزير الملتهب وكأنه الحمم...
ألم بهم ما ألم، وذهبت الأحزان العظام والخطوب الجسام بما تبقى لهم من الأمن والسكينة، إلا أنهم لم يقنطوا يوما من رحمة الله، ولم ييأسوا حينا من روحه...
لم يكن الماضي بالنسبة إليهم سحابة صيف عابرة، أو ذكرى سائغة للطمس والنسيان، ولم يكن ما داهمهم في ما مضى من قبيل السراب أو من جنس الذهاب بغير إياب، بل كان ما أصابهم فيه جراحا غائرة عز بلسمها، وكسورا قاهرة عسر جبرها...
تحملوا في صمت ثقلا يهد الجبال هدا، وكابدوا ما لا يدع للحليم رشدا، وما لا أحد من الخلق يملك له ردا، فما كان منهم إلا أن توجهوا إلى من لا تأخذه سنة ولا نوم بالدعاء فردا فردا، وختموه بقولهم: حسبنا الله ونعم الوكيل اليوم وغدا، هو القاهر فوق عباده وصاحب النعم التي لا تعد عدا...


د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

aghanime@hotmail.com