الأيام السبعة!!
*
السبت ..
جاءته تحمل الورقة في يدها , وقفت بينه و بين التلفاز , لوحت له بها, نهرها بعنف " ابتعدي أريد أن أرى نشرة الأخبار المفصلة"
فضت الرسالة و شرعت تقرأها بصوت عالٍ "إن لم تتركوا البيت ..قتلناكم بلا شفقة!"
و مررت يدها على رقبتها بخوف..
*
يوم الأحد..
جمعت بقايا ثيابها , أغلقت الحقيبة القديمة ,و توجهت نحوه و هو يجلس أمام التلفاز ممدد الساقين .
-سأترك البيت ..لن أبقى حتى أقتل !
- إنه مجرد كلام!
-بل تهديد حقيقي..
-فلتنسي الأمر و لتجلسي إلى جواري لنتابع مايجري!
-تشاهد الأخبار من التلفاز..بينما لو أخرجت رأسك من النافذة لرأيتها على أرض الحقيقة!!
*
يوم الإثنين
تقلب في فراشه صباحا..ناداها بصوته الأجش , انتظر أن تأتيه , لكنها لم تفعل , فقد غادرت البيت دون رجعة, نهض مترنحا , غسل وجهه و أعد لنفسه فنجانا من القهوة , و جلس أمام التلفاز!
*
يوم الثلاثاء..
ليلا شعر بالخوف و الوحدة, و الباب يطرق .. ثم يهتز, الصوت يسير متخفيا في الظلام يأوي إلى أذنيه " سنعود في وقت لاحق .."
-صحيح فوراؤنا قائمة طويلة!
تنتشر في العتمة المغرقة في السواد ضحكات سوداء شريرة, و يحدث نفسه بوجل مستعر "هل هم هؤلاء ؟!
التلفاز يصدح صوته الضعيف "هؤلاء هم القتلة!و الدماء أغرقت المدينة!"
- دماء ..دماء..
أطفأ التلفاز و أقسم أن لا يشاهد الأخبار مرة أخرى , ثم أغلق باب حجرته و اختبئ تحت الغطاء..
*
يوم الأربعاء
ككل الأيام ..يوم الأربعاء..لم يعد يأبه كثيرا بالتلفاز ..فالأحداث لا تعرض فيه فقط , بل يراها تتمدد في رأسه أيضا..أراد أن يفتح النافذة المسنة,لكنه توقف لهنيهة , و هو يلمح شيئا متكورا .. يثعب دما , يتشبث بالنافذة .. تكبر قطعة اللحم , تستطيل .. تنمو منها يدان و رجلان..و رأس .. و الدم يتصبب منها,
_ ألن ترحل من هنا؟!
يصفع النافذة بقسوة ..لتنغلق مكسورة..يصرخ هلعا ..يختفي الآدمي اللحم ..و لا يبقى غير قطرات دم لرجل قتل في تفجير ..
*
يوم الخميس..
عاد من عمله يحمل كيسا ..و هما ,في الطريق المتهاوي ..تعثر ..ليقع ..على شيء لدن..انغرست يداه في كتلة من لحم متعفنة , الرائحة تتسلق أنفه, ..نهض مجددا.. نفض ثيابه من غبرة الطريق الموحش, ثم أرسل عينيه لتستطلع هذا الشيء الجاثم في الطريق! فتك به الخوف حينما رأى جثة رجل مكتوف الأيدي , و ذو رأس يتدحرج في شارع أسود طويل..دون أن يتوقف !
*
يوم الجمعة..
استيقظ باكرا , لم يفتح النافذة, و لم يشاهد التلفاز, و لم يحتسِ قهوته, بل هرب من بيته تحت جنح الخوف, و قبل أن يصبح كتلة لحم متدحرجة ..أو بقعة دم متسلقة لنافذة!