لم أكن أتوقع يوماً أن تنتهي سيطرتي الاستعمارية لجهاز ريموت كونترول الدش ...صدق الذي قال "دوام الحال من المحال" ..
لم أكن اصدق أن انقلاباً تركياً سيقع في بيتي ينهي عصر حكمي لريموت الدش
والتلفزيون واحتكاري للقنوات التلفازية الأخبارية الممتعة (في نظري فقط) .. أيامي التي خلت كنت أطير كالعصفور من غصن إلى غصن ومن محطة إلى أخرى ..
تلك الحُمّى المهندية اللميسية قضت بثورة بيضاء على صداقتي الاحتكارية طوال فترة طويلة ..وبدلا من أن أكون مُرغِم (اسم فاعل) من حولي على متابعة ما اريد اصبحتُ مُرغَماً (اسم مفعول ) على متابعة مسلسلتين تركيتين بغيضيتين .
.ولا اعتقد يا عزيزي القاريء بأنك تنكر معرفتك لهما ..
.فهما في زمننا هذا اشهر من مخترع المصباح الكهربائي والامين العام للرمم المتحدة (ليس خطأً إملائياً أبداً) ..فأينما تولي وجهك فثمة بطل من ابطال هذي القنابل التركية يطل عليك ..في الشوارع في الطرقات وفي أضواء السيارات ..وحتى في المدارس وأحلام الفتيات ..
في ليلة الثورة على حكمي تجمعت بُنياتي أمام التلفاز ..تماماً كما يفعل اولئك المعارضون على شاشات التلفاز أمام السفارات الأمريكية والبريطانية للاحتجاج ..وجوههم عابسة ..ويائسة ..يلون محياها الغضب والرغبة في الأصلاح ..تقدمت إبنتي مريم ذات ال17 ربيعا ً ...وقالت : بابا ..بابا..عاوزين مهند ..عاوزين مهند يا بابا ...في البداية لم استطع ان استوعب طلبها ..ما اسرع غليان الدماء أيها القاريء الكريم !!!!لكأن دماؤنا تبحث عن أي محفز لتقفز بأعلى ما تستطيع... تبدل وجهي ..وقلت :مين مهند ؟؟؟ انت عارفة بتقولي ايه يا بنت الراجل الكويس !!!! مين مهند ده ؟؟!! قولي انطقي ؟؟؟
..تقدمت فطوم الشعنونة الصغيرة (أم نص لسان ) :} لاء يا راجل ..يوووه ..ده مثلثل يا عم الحج ..اثمه مهند ونور واحنة متعودين نبث (=نبص ) عليه بث (=بس ) التلفزيون اللي في الاوضة بايض ( بايض = لا يعمل وليس القصد الاباضة من باض يبيض ) واحنة عاوزين نعرف نور حتثيب مهند ولا لاء {...بالنسبة لي لم افهم شيئاً مما قالته فتاتي الصغيرة الا ان نبرة التحدي والتجمهر امامي والاعتصام دفعني الى تسليم مقاليد الدش الى الشعب لكي يتابع نور ومهند وما عساي ان افعل وقد شاهدت زوجتي تصطف بجانبهم ضدي .. الى جانب التلويح باستخدام الملح الزيادة في الشوربة والسلطة وكل ما استلذه من يديها ...كان يجب علي ان ادرك خيوط المؤامرة قبل ساعة الصفر ..لربما اصلحت التلفاز الخرب واستملت المعارضة وأرحتُ المخيخ ..او لربما زججت بالمتآمرين في غرف نومهم قبل بدء المسلسل وواحتفظت بالكرسي اقصد الريموت