جاسم الرصيف
ـــــــــــــــــــــــــــ
مهزلة التعايش الأمريكي الأيراني في العراق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
قبل ايام قال السيناتور الديمقراطي الأمريكي جون كيري ، المرشح السابق للرئاسة في اميركا ، تعقيبا عن زيارة له الى الدول العربية قائلا : ( عدت للتو من الشرق الأوسط ، حيث التقيت بالعاهل السعودي والرئيس مبارك وغيرهما ، وقال هؤلاء الزعماء ان الأميركيين قدموا العراق الى ايران على طبق من ذهب .. وهم ساخطون من هذا الخطأ الذي ارتكبه الأمريكان الذين طالبوا بشن الحرب ) وجاء قوله تعقيبا على اصرار المرشح الجمهوري مكين الحالم بإدامة الحرب في العراق مدعيا ان ادارة بوش قد حققت ( نجاحات ) هناك .
وفي هذا السياق اطلق جون مكين تصريحا ظريفا يوم الثاني والعشرين من هذا الشهر تموز 2008 قال فيه ان منافسه اوباما : ( يريد ان يخسر الحرب ليربح المنافسة ) !! فضرب الرجل نموذجا لايضاهى في التضليل الذي اعتدناه من محافظي ادارة بوش ، من حيث ان خسارة الحرب مسألة بت بها خبراء اميركان وبريطانيون قبل ان يرشح اوباما نفسه للرئاسة ، وهي حقيقة تعلن عن نفسها بنفسها على الأرض في العراق : فقدان السيطرة على معظم محافظات العراق ، وهشاشة الأمن رغم وجود ما لايقل عن مليون مسلح موال للإحتلالين والثلاث ورقات كوندية ، وبمعدل يفوق معدل الحراسات في ابشع واعتى السجون في كل انحاء العالم هو :
حارس واحد لكل ( 27 ) مواطن !! .
والأظرف ان مكين يتحدث عن ( نجاحات وتقدم ) في وقت تحولت فيه قواته وقوات حكومة ملاّ فسيفس الى كرة قدم تتلاعبها المحافظات الثائرة من الجنوب الى الشمال مرة ، ومرة من الغرب الى الشرق ، ناهيك عن منع التجوال الاّ بحماية قوات امريكية في بغداد !! ولكن الجمهوريون من اتباع النظرية البوشية في الحرب مستمرين في التغافل والتعتيم على فضيحة من الفضائح الإنتخابية الكبرى لحد الآن ومنذ اشهر وهي : تعايشهم الإضطراري مع ملالي ايران في ذات المضبعة التي اختاروها محاصرين معا في حي التشريع في بغداد .
كثرة من الأميركان ، من دافعي الضرائب ، تجهل حيثيات التعايش الإجباري بين محور الشر والشيطان الأكبر في ذات المزرعة الخضراء ، لأن حكومة بوش لم تعترف ، ولن تعترف في هذه الأيام في الأقل ، بحماقتها التأريخية المثيرة للسخرية ، عربيا واميركيا ، في انها جلبت وبإرادتها ، وكامل وعيها ، ومطلق غبائها مالايقل عن نصف مكونات حكومة المضبعة الخضراء من حاضرة الولي الفقيه الأيراني ، وكل هذا النصف : ايراني النسب والحسب والثقافة والتوجهات !!.
مسخرة امريكية بإمتياز يتجنب الجمهوريين ان تثار ضدهم في الداخل في هذه الأيام ، لأنه ضربة قد تكون القاضية على كل آمالهم في رئاسة امريكية جديدة ، مع انهم مهدوا للإنتخابات بمسرحية القضاء على جيش المهدي وجماعة الصدر ، ولكنهم ضللوا الشعب الأمريكي عن الخنجر الأيراني المغروز في الظهر ، وباعتراف نجاد بأن الجنود الأمريكان ( رهائن ) عنده حين الطلب من اعوانه في العراق ، وان قواته قد حفرت للقوات الأمريكية اكثر من ( 300 ) الف قبر على طول الحدود اذا لم ( تعقل ) اميركا و( تتوكل ) على ايران نووية .
بعض المراقبين يسمّونها ورطة عراقية ، والحقيقة انها ورطة ايرانية ايضا ولكن في العراق ، ابعادها ان : نصف الحكومة والبرلمان والجيش تبعية ايرانية تتكلم العربية بلهجة عراقية ، وان القائد الروحي لهذا النصف ايراني يستنكف ادانة الاحتلال ، كما يستنكف عن حمل الجنسية العراقية ، وكل هذا بعلم وموافقة ادارة بوش ، حتى ان السفير الأيراني بات يختصر سلسلة الكاتبات الى المراجع الوظيفية فيوجه اوامره مباشرة للدوائر العراقية ، دون المرور بعقدة وزارة الخارجية العراقية ، وفي آخر الأمثلة قيام السفارة الأيرانية بارسال تهديدات مباشرة لوسائل الإعلام ( العراقية ) بإحالتها الى القضاء الأيراني الموجود في بغداد اذا استمرت بتداول ( مسألة التدخل الأيراني في الشأن العراقي ) .
واراهن ان السيد كروكر ، سفير الولي الفقيه الأمريكي ، قد تلقى نسخة من هذا الإنذار ، ولكن ماذا يفعل الرهينة امام حضور من ارتهنه غير ان يوجه موظفا عنده مثل هوشيار زي باري ليقوم بتنبيه السفارة الأيرانية الى ان هذا التجاوز ( الأخوي ) مخجل ومذلّ على الصعيدين الوطني والأقليمي والدولي في آن !! اذ ليس من المعقول الا تعرف السفارة الأيرانية الأصول الدبلوماسية في بلد غريب ،، ولكنها يا سيد كروكر ويا إمّعة زي باري ، تخاطب نصفها الأيراني الذي يتنفس ذات الهواء الذي تتنفسونه في المنطقة الخضراء فعلام الزعل ؟! .
هو مجرد تجاوز للروتين في المخاطبات !!.
والمضحك في امر الجمهوريين من اتباع بوش انهم يتحدثون عن ( تقدم ) ، وكأنهم يعنون تقدما ايرانيا ، وليس اميركيا ، وتقدما على كل صعيد يساهم في الحاق المزيد من التخريب في العراق . مكين على ( حق ) عندما يعلن عن حلمه في البقاء مع محور الشر لمدة ( 100 ) عام في المضبعة الخضراء ، والأيرانيون على ( حق ) في توجيه نصفهم ( العراقي ) من تحت انف الغباء الأمريكي والحماقة العربية ،،
ولاعجب !! .