الى الصديقين روان يوسفو يوسف ابو سالم


تحية عطرة وبعد ،
كم كان فرحي كبيرا و أنا أتلقى رديكما على التوالي منك روان و أنت أيضا يوسف ، لسبب بسيط جدا و هو أن ما أردته فعلا قد وقع و هو أن أسمع ردا من أساتذة و أصدقاء يرون ما لا أرى و يفطنون لما قد أغفل أنا عنه سواء بغير قصد أو بتقصير .. أستاذي الفاضلين، حين أكتب و حين اخترت هذا المنبر كأول منبر أكتب و أنشر من خلاله كتاباتي ، كانت بغيتي أن يستفز حرفي أقلاما أخرى تتقن ما قد أفشل أنا فيه و تتنبه لما قد أغفله .. فالحمد لله رب العالمين أن ظني لم يخب لا في المنبر و لا في أهله ..
فيما يخص ما أشار اليه أساتذتي الكرام، روان يوسف و يوسف ابو سالم ، فأنا حقيقة و للأمانة لا أكتب شعرا عموديا و لا أدعي ذلك .. لأني ببساطة أحس أن الوزن أحيانا يقيد المعنى أو يفقد النص الشعري بعضا من الجمالية التي تتنحى أمام ضائقة الوزن و القافية ، اضافة الى مسألة جوهرية بالنسبة لي و هي رأي شخصي بالمناسبة (قد يحمل الصواب و قد يخالفه) و هو أنني أرى أنه ليس من المعقول أن يظل تعبيرنا الشعري و الأدبي عموما مقتصرا على قوالب وضعت منذ قرون و كأن زماننا لم ينتج أدبا و لا فنونا و لا أشعارا تعبر عن ظرفيتها التاريخية بعيدا عن اسقاطات الماضي و قيوده ..
صديقي العزيزين حينما نعبر أو نكتب فاننا ،بشكل واعي أو غير واعي، نؤرخ ، سواء شعرا أو نثرا .. لذلك فليس عيبا أن نعبر بقوالب الفراهدي التي وضعها منذ الاف السنين ليس عيبا بالمرة .. بل بالعكس هو نوع من الوفاء لنظم و قوالب أنتجت حضارات في مراحل معينة من تاريخنا العربي ، حضارات كانت محيرة و معجزة بالمعايير الحالية للحيرة و الاعجاز .. لكن هل يا ترى سيكون ذلك التعبير نسخة أصلية لأدب القرن الواحد و العشرين ..؟؟ ألن يكون ذلك نوعا من اخفاء الفشل حاليا حين نركن الى قوالب كانت هي النتاج المبهر لمرحلة تاريخية مضت ..؟؟ هل سيظل أدبنا العربي و الشعر بصفة خاصة عاجزا عن التعبير عن نفسه كأدب و كفن خارج التقسيمات الشعرية و العروضية للقدامى ؟؟
هذا لا يعني أساتذتي الكرام أني مع الاسفاف أو الابتذال .. لا بالعكس ، أنا أرفض تماما أشكالا صار البعض يفرضها على شعرنا العربي بمسميات مختلفة ينسبها (بالاضافة) الى شعرنا العربي .. الشعر كما تعرفون جميعا هو لعب في الخيال او رسم في الخيال .. لكنه ليس رسما كيفما اتفق
بل له شروط و خصائص دونها يظل ما نكتب مجرد تعبير و تعبير فقط لا يرقى الى صفة الشعر ..
و فيما يخص ما أكتب فأنا اخترت قصيدة النثر أو النثر الشعري ان صح التعبير لأنني أحسها معينا لاينضب لمختلف التشكيلات الشعرية التي قد تحملها قصيدة النثر و التي يكون فيها الخيال سيد النظم دون أن يقوضه وزن أو بحر .. أما القافية التي تتكرر - في جميع نصوصي ليس التي نشرت فحسب - فهي شكل من أشكال الضبط الموسيقي النافع و الصحي للنص .. يكرر في الأسماع أن ما يقال شعرا للتذكير و التنبيه و دون أن يخل بالمعنى أو الصور الشعرية ..
أتمنى أن لا أكون قد أطلت عليكم أساتذتي الكرام ، و لتعلموا أني سعدت منتهى السعادة برأييكما على التوالي .. و اني لمتشوق منذ هذه اللحظة الى قراءة أرائكم و أراء كل الذين يرون أن فيما أكتبه شيئا يستحق الذكر .. دمتم و دام هذا المنبر و دام الشعر أبدا ضلالنا القديم ..
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .. / ضال جديدعيسى الأخير