جاء في ترجمة علي بن أحمد بن يوسف بن الخضر الحنبلي الآمدي الذي عُرف بتعبير الرؤى وكان ضريراً أنه كان "يعرف أثمان جميع كتبه التي اقتناها بالشراء، وذلك أنه كان إذا اشترى كتاباً.. أخذ قطعة ورق خفيفة وفتل منها فتيلة لطيفة وصنعها حرفاً أو أكثر من حروف الهجاء لعدد ثمن الكتاب بحساب الُجمّل ثم يلصق ذلك على طرف جلد الكتاب من داخل ويلصق فوقه ورقة بقدره لتتأبّد (أي تنشف وتثبت) فإذا شذ عن ذهنه.. ثمن كتاب ما من كتبه مسّ الموضع الذي علّمه في ذلك الكتاب بيده فيعرف ثمنه". هل يمكننا - من خلال هذا الخبر - أن نرجع فضيلة هذا الاختراع المسمى اليوم (طريقة برايل) إلى علي بن الخضر؟
وهل بالإمكان أن نقول (طريقة ابن الخضر)؟ أم أن للاختراعات حظوظاَ كما أن للناس حظوظاً؟
إنها - حقاً - حظوظ المخترعين، ولو قُدّر لابن الخضر أن يُشيع طريقته، أو أن يحظى بمن يشجعه على تطويرها لنسبت الطريقة إليه. والمهم أن مثل هذا الخبر يجب أن يبث في مناهجنا الدراسية، وأن يطالعه الطلاب، لما له من أثر في حفز الهمم، وتغيير النظرة السلبية التي تهوّن من شأن العقل العربي. إن تاريخ العرب والمسلمين زاخر بالعجائب، وفيه من التطور والتمدن والتحضر الشيء الكثير، ونحن اليوم بحاجة إلى أن نسير على سنّتهم في التفكير العملي المثمر، وأن نسعى لأن نكون مؤثرين في الحضارة الإنسانية لا متأثرين بها فحسب. وفي حلقات أخرى سأشير الى بعض المخترعات العربية التي نسيها التاريخ، أو لأقل: نسي العرب أنهم اخترعوها.
توفي علي بن الخضر - رحمه الله - بعد عام اثنتي عشرة وسبعمئة للهجرة.
المصدر