جاسم الرصيف
ــــــــــــــــــــــــــــــ
يوم الغرابيل الملوّنة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالغربال، الناعم والخشن ، يفصل اهلنا الزؤان وبذور الأدغال عن الحنطة ، وبالغربال يتعرف المرء على ماهو خفيف الوزن قليل القيمة وماهو ثقيل ويستحق قيمته ، وما هو نافع أوضار ،، وبالغربال لاتحجب الشمس ، بكل معانيها وأيحائاتها الحيّة ، عن البشرية .
+ + +
المسافة الفاصلة بين السقوط ، بمعانيه ، والتسامي بنقائه ، لاتتجاوز البعد الزمني بين لفظ مفردة ( نعم ) أو مفردة ( لا ) . مسافة برقية فاصلة بين موقفين : إمّا سقوط أو تسام . ويحفل مشهدنا العراقي بكم هائل من تراكمات السقوط بمعانيه على منحدر الاحتلال المركّب الذي نعانيه من جراء ظهور تجار الحروب الذين ظهروا بيننا ، وعلى غرابيلنا ، مجيّشين ، أقليميا ووليا ، من قبل كل حاقد على عراق قوي موحّد ارضا وشعبا ، ليصنعوا كل هذه المظاهر الدموية التي بلّدت المشاعر الإنسانية تجاه معاناتنا العراقية .
واقع اليوم العراقي ، وبعد اكثر من خمسة اعوام على الاحتلال المركب ، ينبئ ان الغربلة الوطنية في بلدنا مازالت في بداياتها وذروة أوجها المتصاعد حتى تعترف مجبرة اكبر قوى الاحتلالات ، الأيرانية والكردية والإسرائيلية ، بالهزيمة المنكرة على أيادي المقاومين من قوى النهضة العراقية الجديدة . نعم . مازالت غرابيل المواطنة العراقية الصحيحة تعمل من أجل فرز معالم نقية الوضوح لحرّية حقيقية ، لوطن واحد وشعب واحد ، غير قابل للقسمة على تجار الحروب تعددت ولاءاتهم وجنسياتهم في آن .
ومازالت غرابيل العراق تفكّ طلاسم أوراق الطائفية والقومية العنصرية ، التي أسست لها هذه الاحتلالات ، في غرف كل بيت عراقي تضرر منها تحت شعار ( المحاصصة ) التي سوّغت على جناح ( حقّ ) كل القوميات والطوائف بوطن حرّ واحد ثم ( طارت !! ) على جناح ( باطل ) في سباق تجار الحروب نحو تشظية العراق الى أشلاء في آبار نفط منهوب وثروات مغتصبة وكراس بنيت وصممت لوجاهات مشتبه بها أخلاقيا ووطنيا وقوميا وانسانيا ، سقطت كلها في دونية مصالح تجار الحروب احزابا شاركت في العملية السياسية الحالية .
فجأة !!.
لمع ( عبد العزيز الحكيم ) ، أيراني الحسب والنسب والجنسية ، ( ليعلّمنا !! ) ، نحن من علّمنا العالم القراءة والكتابة وعبادة الله الواحد الأحد ، أن فصل جنوب العراق تحت عنوان ( فدرالية ) تأتمر بعمّات ( قم ) الفارسية هو الحلّ (الأمثل !! ) للمشاكل الوطنية التي ساهم بصنعها مع محاربي ( الده توماني ) التي غزت العراق لصالح الأب ( خام ) من تحت لحية العم المغفل ( سام ) !!.
وفجأة !! .
سطع ( جلال الطالباني ) و( مسعود البرزاني ) ، ( ليعلّماننا !! ) أن فصل شمال العراق ، مستعمرة على الطريقة الإسرائيلية التي لقنا بها من ( تلّ أبيب ) ، هو ( الحلّ النهائي ) للمشاكل التي خلقاها لأكراد العراق وكل قومياته الأخرى ، وفقا للنظرية ( السي بندية ) التي جرّباها بالوراثة منذ عقود في الشرق الأوسط ، وأثمرت عن نهب مليارات من الدولارات من اموال العراق ومن عطايا كل القوى الحاقدة على عراق قوي موحّد !! .
وغفلة !! .
فقع ( طارق الهاشمي ) و( الدليمي أبو سدارة ) وغيره من ( عربنا ؟! ) السنة الواهمين بانهم ( ضحكوا ) على ذقوننا بالترويج ( لنعمة !! ) بقاء الإحتلال ( مانعا !! ) لحمل حرب أهلية طائفية لاوجود لها في غير اذهان تجار حروب يتبارون على الكراسي والنهيبة ركض جياع شرهين ، آخر ما يهمهم ان يستعيد الشعب العراقي عافيته موحّدا على أرض واحدة ، فتحول الوطن على اجنداتهم الى مجرد ( حصة ) من قصعة الوطن المحتل ، وقصة ( قديمة ) بين قصص السطو المنظم !! .
سقوط ، بكل معاني مفردة السقوط ، هذا الذي نراه في وجوه شركاء الاحتلال المركب في حكومة لاتعرف إن كانت الركلة الوطنية التالية ستأتيها من عراقيي الأنبار أم البصرة أم ديالى أم نينوى أم بغداد ، وكأنها كرة قدم بين تتقاذفها عن ملعب العراق أقدام عراقية غاضبة ، ولكنها مازالت تحلم بالوصول الى هدف مستحيل : ان يستسلم اللاعبون العراقيون ( لستلايتات ) أميركا وأيران وإسرائيل التي إستعارت وجه كردستان بعد اميركا !! .
غربلة جاءت على موقع ( ربّ ضارة نافعة ) ، غيّرت تأريخ العراق الوطني كما غيّرت تأريخ الشرق الأوسط كله ، وتأريخ القوى المشاركة في الاحتلال ، ومسار الإنسانية المعاصرة كلها من عراقنا ، عراق الحضارات ، بأيادي الرافضين لوظائف مسامير أحذية محلية للجنود الغزاة . حلّت غربلتنا الوطنية كما شمس عجزت كل غرابيل الغزاة وتجار الحروب عن حجبها ، ومنحتنا حقّ رفع الغرابيل الوطنية الملوّنة إحتفالا بيوم يرحل فيه آخر مجرم حرب عن عراقنا الواحد ، وشعبنا الواحد ، الذي غربل أعتى القوى زؤانا بلا قيمة عن حنطتنا ورغيف خبزنا .
وما يوم الغرابيل ببعيد !! .