زكي مبارك في العراق (1)

بقلم: أ. د. حسين علي محمد
.....................................

ولد زكي مبارك في غرة شهر آب (أغسطس) من عام 1892م في قرية «سنتريس» إحدى قرى المنوفية، ولما اجتاز مرحلة الطفولة دخل «كتاب» القرية ليحفظ القرآن الكريم، ويحذق شيئاً من الحساب، ويجيد الكتابة، ثم يلتحق بالأزهر الشريف. ثم سارع للالتحاق بالجامعة منتسباً إلى كلية الآداب بعد ما أتقن اللغة الفرنسية، ووجد لها أستاذاً يحدب عليه ويشجعه، هو «الشيخ محمد المهدي» الذي كان يعتبره زكي مبارك الأستاذ الأول له، وهو القائل فيه:
وما كانت الآداب إلا طرائقاً .:. من الشعر أو ما يُستجادُ من النثرِ
فأبرزها المهديُّ عذراءَ غضَّةً .:. تأوَّدَ تحتَ الحلْيِ في الحلل الخضْرِ
مباحثُ لو غُذِّي زهيرٌ بروحها .:. لكانتْ قوافيه أرقَّ من السِّحْرِ
ولو فقهَ النيلُ المباركُ كُنهها .:. لحوَّل ذيَّاكَ المروجَ إلى خمْرِ
ونال شهادة الليسانس عام 1921م، ثم حصل على الدكتوراه بدرجة «جيد جدا» عن رسالته «الأخلاق عند الغزالي» في 15 مارس 1924م، ونظراً لتفوقه عُيِّن مدرساً في الجامعة في أواخر سنة 1925م، ولكنه ترك عمله واتجه إلى السوربون عام 1927م وحصل على الدكتوراه الثانية عن رسالته القيمة «النثر الفني في القرن الرابع الهجري» التي قدّمها باللغة الفرنسية في 25 أبريل سنة 1931م.
ثم عمل في الجامعة، وفي تفتيش وزارة المعارف، وقد قابل الكثير من المثبطات المجهضات، ولكنه كان يقف في مواجهتها شامخاً كالطودِ، وفي عام 1937م رُشِّح للعمل في بغداد لتدريس اللغة العربية في دار المعلمين العالية التي وصلها يوم 23 تشرين الأول (أكتوبر) 1937م بعد أن مر بفلسطين وبيروت ودمشق.
وهذا كتاب بعنوان «زكي مبارك في العراق» للكاتب العراقي عبد الرزاق الهلالي يقع في 397 صفحة من القطع الكبير، يتحدث عن الفترة التي قضاها زكي مبارك في العراق من 23 تشرين الأول (أكتوبر) 1937م حتى 23 حزيران (يونيو) 1938م، نعرض له هنا.
***
في يوم 17/12/1937م أقام أدباء العراق وكبار رجالاتها حفلاً لتكريم زكي مُبارك شارك فيه روفائيل بطي، وعباس حلمي الحلي، وعبد الرحمن البناء، وإبراهيم حلمي الحلي.
ومن قصيدة عبد الرحمن البناء في تكريم زكي مبارك قوله:
يا ابن العروبةِ: فذها ونصيرها .:. أرضيْتَ في إنتاجكَ الأجدادا
ووجدت منا في وجودِك بيْننا .:. حبا زكيا خالصاً ووِدادا
نرجو بهِ حُسنَ الوفاقِ، وهكذا .:. يرجو الذي زرعَ الجميلَ حصادا
شرّفتَ بغدادَ العُلا، وكأنّما .:. مصرُ العُلا قدْ شرّفتْ بغداد
سيّان مصرٌ والعراقُ على الذي .:. يرجو لعنصر قومِه الإسعادا
يا نيلُ صافحْتَ الفرات ودِجلةً .:. وجريْتَ في أرضِ العراقِ تَهادى
اليوم نبتُكَ في العراقِ مُحبَّبٌ .:. هيهات يشكو وحشةً وبعادا
انزلْ على اسْمِ اللهِ يا ابْن مُباركٍ .:. الأهلُ أهلُك مبدأً وسِيادا
(يتبع)