في رثاء قصيدة
( تدفقت قريحتي الشعرية بقصيدة وكتبت مجموعة من أبياتها على هاتفي الجوال كعادتي التي أدمنتها هذه الأيام، ونسيت حفظ القصيدة وكنت مسترسلا في الكتابة، فضغطت فجأة زرّ المسح فطارت دون أن أحفظ منها بيتا واحدا، فرثيت تلك القصيدة بهذه القصيدة )
شعر يوسف أحمد
ما كنت أحفظ حين أكـ تب أي حرف في القصيدة
أمّنتُ جوالي الصدو ق ، وثقتُ ب"الرام" الجديدة
ورقمتُ شاشته بدفـ ق من براعمها الوليدة
فاض القريض وأينعت في الروض أحرفه السعيدة
وتدفقت أنهاره شهدا وأخيلة بعيدة
وانثالت الأفكار تَتْـ رى تمتطي الخيل التليدة
فبسمت إذ لبست حروفي بردة الفن الفريدة
وارتحت إذ أرخت عليـ ي جدائل الصور المديدة
لكنني ما كدت أنقل خُطوة أخرى وئيدة
حتى ضغطت الزرّ فانـمسحتْ مولية طريدة
حدقت منكسرا بشا شتي الموثّقة العتيدة
ومددت كفّي أستعيد نوادر الحرف الشريدة
وضغطت أزرارا بدت في العقل منقذتي الوحيدة
فإذا بها ترتدّ نحـوي ليس في يدها قصيدة
حتى حسبت بأنها نصبتْ لأشعاري المكيدة
والان لا شعر يرفـ فّ فيسعد اليمن السعيدة
كلا ولا صور تطوف تغازل الدنيا الرغيدة
أرثي حروفي كلما صدحت بآذاني نشيدة
أرثي جزالتها التي شمخت كأبراج مَشيدة
أرثي أصالتها التي قد ألبست شعري بُروده
أرثي الخيالات التي كانت لهذا القلب عيده
وتوقّدتْ في أضلعي فأماطت الحجب العنيدة
وأحالت الدنيا ربيعا باعثا فينا وروده
أرثي المعاني خاشعا ت في محاريب العقيدة
تسمو بأرواح الورى وتعانق الحكم المفيدة
وتناصر الفقراء في زمن القيادات المَقودة
ما صفّّقَتْ لمنافق كلا ولا حلّّتْ وصيدَه
شفَّتْ فكان نداؤها وحيا وباطنها خريدة
لم تغتسلْ بالعار يوما في مسيرتها الرشيدة
ما طأطأت هاما ولا نفحت بباب الذُّلِّ عودَه
أرثي المشاعر تستحمـمُ بنبعة الطهرِ الحميدة
وأكفكف الدمع الذي قد فاض واستدعى مزيده
وأعتِّق الحزنَ المضاعفَ في الشرايينِ المريدة
أقصيدتي ما زلت للـ وجع المراوح مستعيدة
بك كنت أفقد من ذوى والآن أصبحت الفقيدة
ومضيتِ لا قبر يضمـ م ولا تعازٍ في الجريدة
فكأن إحساسات من حولي مصفّحَة بليدة
أقصيدتي يا زهر عمـري في مفاوزه البديدة
لو يدرك الجوال همـمي ما محا يوما قصيدة
إني احتسبتك في سبيل الله والأقصى شهيدة