من لا يقرأ يفعلها ،ومن يقرأ لا يفعلها
سقى الله أيام الشام كنت أعود ومعي صناديق من كتب
جديدة ومستعملة من شتى المدارس الفكرية
منذ أيام الجامعة كنت أشتري الكتب بالجملة
كنت أنفق أحياناً كل ما أملك ، وبينما كان الزملاء يصرفون وقتهم لحفظ المقرر كنت أتوسع بحثاً خارج المقرر، لكن عبثاً فالجامعات كانت عبارة عن ثانوية متقدمة ولازلت ربما
نادراً ما كنا نصادق بل نصادف أستاذاً يقبل النقاش والجدل نادراً
أصعد درجات حلب القديمة للعثور على مكتبة تبيع الكتب بالتقسيط
قلت له : وكيف تضمن حقك دون الاحتفاظ بالهوية ؟
قال : من يقرأ لا يفعلها .
بعد سنوات عدت لذات المكتبة وإذ بها تبيع الغث من الكتب
قلت له أما زلتم تبيعون بالتقسيط ؟
قال : لا إن فلان خرب بيتنا لذلك.
" من يقرأ لا يفعلها "
تراهم فعلوها ؟
أنت الصواب رغم شذوذ الواقع
الكتب التي اشتريتها منك أيام الجامعة وبالتقسيط وبالجملة كانت أجمل الكتب في حياتي
تلك الكتب التي تعلمت منها بينما كنت أجلس بجانب النافذة والمطر ينهمر بشدة، تعلمت منها ما لم أتعلم من كلية الآدب العربي .
حين سرق منزلي دخلت منزلي كمن يبحث عن عشيقته
نظرت فرأيتها كما هي بهية الطلة، وهاجة الألق ، باسقة المحيا، ثقيلة النظرات
لقد كانت مكتبتي العامرة بمكانها لم ينقص منها كتاب واحد
لم يسرقوا منها كتاباً واحداً وسرقوا كل المنزل
لأن من لا يقرأ يفعلها
ومن يقرأ لا يفعلها
طارق شفيق حقي