وضع على نعشه الخشبي مسجى بقماش أخضر , يوجد فيه بعض بقع الدم , النسوة يبكين وينتحبن بألم وحرقة , والدمع يغسل العيون المحمرة , والرجال ملتفون حول الجسد بعضهم واجمون متجلدون , وآخرون يجاهد الحزن والألم في إخراج دموعهم , والأطفال من خلف النوافذ العتيقة يتزاحمون لكي يخطفوا ببصرهم نظرة على الجسد الذي سوف تلتهمه الأرض لكي يجاور من سبقه الذين ركبوا العزة والكرامة وعانقوا البطولة ,
ــ يصيح احدهم أيتها النسوة كفوا عن البكاء وأعطونا زغرودة فرح فهذا زفاف , لقد اعتدنا على الموت والقتل , إن هذا الجسد حي يرزق عند الله , تعالت عبارات التكبير ... الله أكبر . الله اكبر.... جاءت الأم وهي تبكي بصوت عالي يمزق أنياط القلب مندفعة , دعوني أقبله .. دعوني احتضنه غمرته بجسدها وأخذت تزيد في عويلها , فجذبها الأب بقوة ,
ــ وقال : إنه كان ينتظر هذا القدر فعليك بالصبر والدعاء ,
حمل على الأعناق فتعالت أصوات التكبير من جديد وأطلقت بعض النسوة زغاريد , وراحت الأقدام تسير في اتجاه المقبرة , فتطاير الغبار أخفى بعض معالم صوره المعلقة على الطريق ,
وري الثرى وبناءً على وصيته فقد كتب على قبره
لم أرض أن يكون سلاحي كلمات جوفاء
فالوطن من أجل أن يتحرر فلا بد من التضحية والفداء