لا تحسبي أنني لا أفهمكِ


علمت أنكَ قد استغرقت وقتا في وصف حالها , ليأتي كلامكَ صافيّا ثّرا من نشوة البيان , وطيب حلاوة مساغ اللسان , فتلج قلبها , وتتربع على عرشه دون حاجب , ولا استئذان ....
الضياء وجَدْته يشع من جوانب أسلوبكَ , وقوافي لفظكَ , وتركيب متنكَ الذي توّجه حدّة , وذكاء فهمكَ ....
لم تسمع منكَ قولاً متأثّما , ولا متلثّما... وكأنكّما فريقان تقابلا , ولا يمكن لهما أن يضلا مسلكهما , وينحدرا عن طريقهما بعد أن ائتلفت بقدرة خالق الخلق روحهما ....
سعدت برؤياكَ ....
بعدت عن غيركَ ....
ولن يؤلم قلبها إلاّ حينما تجدكَ مشغولا عن لقاء صنو روحكَ...
ألم تعلم أنّ في قلبها يعيش حبًّا صامتًا يحكي لنفس نفسه ألم فجيعته , ودمعة طول لياليه !!؟؟؟...
تراها تناجي :
من مبلّغ عني هذا الذي أصابني !!!؟؟؟...
راحت تعكف على قراءة فلسفة قلبها , وتدرس علاقة حبها ليطّلعَ بعد ذلك على خفايا نفسها , ويعلمَ من هي التي زادها الشوق لرؤية توأم روحها !!!؟؟؟...
وما كادت أن تسلك طريقه إلا لأنها وجدته يتغنّى بالشجاعة , وقد حمل سيف الحق والعدل ليحتلّ موطن قلبها ...
فهل يعيبها الوفاء بعد أن سكن الودّ باطنها , و لو امتد العمر بها لكانت الدنيا قد هنأت بخلود تاريخ صدق أجمل ما في داخلها ...
أنتَ لها الآن الجبل الأشمّ الذي تود أن تصعد إليه لتهتدي إلى حسن قولها , وتنعم بآلاء لفظها...
كذا الكريم والله إذا أعطى...
سال النضار من فيض عطائه , وبان العلا من قوافي بيان لفظه ليكسب رفعة مستمعه , ويراعي جمال قلب حبه ....
ما أنصفكَ !!!...
ما أنصفكَ أيّها الإنسان حين تأبى الظلم لغيركَ, وتمطر من سحائب عطائكَ لتعلو إلى مكانة الصدق , وتسمو بمعاني العدل , والوفاء , والودّ لكل من هم حولكَ....
بإنصافكَ تستطيع والله أن تهتدي لقول فعلها , وصولة جولة قلبها , وألم لياليها ...
آنَ له الآن أن يعبّ من بحر عطائه , وكرم سخائه ليقصدها في مديحه , وحكمة رأيه فيقول :
سمعت فؤادكِ شاكيًا, ودمعكِ وحنينكِ عن هذا مخبرًا, و لا تحسبي أننّي بالأمس كنت لا أفهمكِ ...
إني والله قد أصبت طيبة قلبكِ , ونقاء طويتكِ ومحال يا عزيزتي أن تصغري في نظر أمير قلبكِ ....
قلبكِ التائه يفخر بمكانه الهانئ , ونجمه الساطع , وروائه البديع ...
لسانكِ يقول هذا , وروحكِ تفضح ذاكَ ...
فمن فكر ثوبكِ تلمست الجرأة و الشجاعة في القول , فلم الآن تلجين باب القنوط واليأس يا .......!!!؟؟؟...
يؤلمها هجركَ , وتأمل أن تزيدها من عطايا وصلكَ , ومنحة فضلكَ ....
لمَ تكتمين هذا كله , ولا تتحدثين عنه لتوأم فكركِ!!؟؟؟...
مؤمنة والله بلطف جودكَ , ولفتة طلعة حسنكَ , وجمال كرم أدبكَ , ولم يهتزّ القلب إلا حين يذكركَ...
ما في الفؤاد إلاّ ودّ تداركته ليسكن في الأعماق , وكاتمته النفس لئلا تفقد سرّ جمال سحره , وعزّة شرفه ....
فكيف لها إذا أن تصبر على بعدكَ وهي تأمل أن تبوح لكَ عن صدق مجموع ما في داخلها !!؟؟...
لا تنازعها بعد الآن حتى لا تفشل في أمرها , وتقتل نضارة بيان فكر حبّها .....
ألاَ أنعم صباحًا أيها الغالي ......
ستشكر صنو روحها وإن تراخت منية زمانها , ولا عيب أن تلج رواية أدبكَ حتى تصف موضع تهذيبكَ فتجعل من قولكَ رونقا لجملها , وحُسْن كلمها ....
السبب أنتَ في انفجار بركانها الذي تشعب في رسائل نقوش روحها , ودنيا السماء والأرض بدأت تشهد لعاصفة ألم أمل حبها...
ألم شديد.....
لكنه ألم النفوس الكبار ....
خلقت لتحكم عليها محكم العقد , تلتهب من ظمأ الهجر ليستوي ظاهرها وباطنها عند موعد اللقاء ...
سأخفف الآن عنكِ يا عزيزتي ... وثمة كلام سأقوله لكِ , وأرجو منكِ أن لا تضطربي , وتتململي من نشوة قلبكِ ...
لا أكتم عليكِ أنني أترامى من احتواء نظر فكركِ.. وأجد نفسي وكأنها قنبلة تود أن تنفجر لترتع في مدينة قلبكِ ...
دعها إذا تذكر لكَ تلألؤ حبها , وفتنة عاصفتها التي أصبحت معلقة من معلقات كل زمانها !!؟؟.. ...
بل اسمحي لي أن أقول لكِ:
أنتِ منبع الحب الذي فاض بأمواجه ليقذفها الزمن في قلبي ..
أأزيد عليكِ مما أنا اليوم عليه !!؟؟؟...
ليكن صدركِ جريئًا , وقلبكِ واسعًا ويسعى جاهدًا أن يرعى هذه المادة الأولية التي اصطفيتها من نبع الوفاء والإخلاص , والحياء والطهر والإيمان ...
أعلم أنَ نزواتكِ هي نزوات عاقلة فيها أصعب الممكنات والمستحيلات ...
لكن ثقتها بالله رب الخلق , وإيمانها لا يمكن أن تدفعها إلى سوءة النزوات والشهوات وتأمل من الله أن لا تهلك من جنون عاطفتها , ويرشدها الرحيم الرحمن إلى ما فيه الخير والصلاح والرشد


بقلم : ابنة الشهباء