جلس (خالد) على مكتبه مهموماً حزيناً، ولاحظ زميله في العمل (صالح) ذلك الوجوم والحزن على وجهه، فقام عن مكتبه واقترب من (خالد) وقال له: "خالد نحن إخوة وأصدقاء قبل أن نكون زملاء عمل، وقد لاحظت عليك منذ قرابة أسبوع أنك دائم التفكير، كثير الشرود، وعلامات الهم والحزن بادية عليك، وكأنك تحمل هموم الدنيا جميعها، فإنه كما تعلم الناس للناس والكل بالله تعالى".
سكت (خالد) قليلاً ثم قال: "اشكر لك يا صالح هذا الشعور النبيل وأنا أشعر فعلاً أنني بحاجة إلى شخص أبثه همومي ومشاكلي؛ عسى أن يساعدني في حلها"...
اعتدل خالد في جلسته وسكب لزميله صالح كوباً من الشاي، ثم قال: "القضية يا صالح أنني كما تعلم متزوج منذ قرابة الثمانية أشهر، وأعيش أنا وزوجتي في البيت بمفردنا، ولكن المشكلة تكمن في أن أخي الأصغر (حمد) ذا العشرين عاماً أنهى دراسته الثانوية، وتم قبوله في الجامعة هنا، وسيأتي إلى هنا بعد أسبوع أو أسبوعين ليبدأ دراسته، ولذا فقد طلب مني أبي وأمي وبإصرار وإلحاح شديدين أن يسكن حمد معي في منزلي بدلاً من أن يسكن مع بعض زملائه الطلاب في شقة من شقق العزاب، لأنهم يخشون عليه من الانحراف والضياع! فإن هذه الشقق كما تعلم تجمع من هب ودب، والغث والسمين والمؤدب والضائع وكما تعلم فالصاحب ساحب.
رفضت ذلك بشدة لأنه -كما لا يخفاك- شاب مراهق، ووجوده في منزلي خطر كبير، وكلنا مرّت بنا فترة الشباب والمراهقة ونعرفها جيداً، وقد أخرج من المنزل أحياناً وهو نائم في غرفته، وقد أتغيب عن المنزل أحياناً لعدة أيام بسبب ظروف العمل.. وقد... وقد... وقد...
ولا أكتمك سراً أنني قد استفتيت أحد المشايخ الفضلاء في هذا الموضوع، فحذّرني من السماح لأي شخص، ولو كان أخي بأن يسكن معي ومع زوجتي في المنزل، وذكر لي قول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المجال: «الحمو الموت»، أي أن أخطر شيء على الزوجة هم أقارب زوجها، كأخيه وعمه وخاله وأبنائهم، لأن هؤلاء يدخلون البيت بكل سهولة ولا يشك فيهم أحد، ومن هنا تكون الفتنة بهم أعظم وأشر. ثم إنه لا يخفاك يا صالح أن المرء يريد أن يخلو بزوجته وحدهما في بيته حتى يأخذ راحته معها بشكل أكبر وهذا لا يمكن أن يتحقق مع وجود أخي حمد في المنزل".
سكت خالد قليلاً وتناول رشفة من كوب الشاي الذي أمامه ثم تابع قليلاً: "وحين وضّحت لأبي وأمي هذه الأمور وشرحت لهما وجه نظري، وأقسمت لهم بالله العظيم إنني أتمنى لأخي حمد كل خير، غضبوا مني وهاجموني عند الأقارب، واتهموني بالعقوق ووصفوني بأنني مريض القلب وسيء النية خبيث القصد، لأنني أسيء الظن بأخي مع أنه لا يعتبر زوجتي إلا مثل أخته الكبرى، ووصفوني بأنني حسود حقود أكره لأخي الخير ولا أريده أن يكمل تعليمه الجامعي.
والأشد من كل هذا يا صالح أن أبي هددني قائلاً: "هذه فضيحة كبيرة بين الناس كيف يسكن أخوك مع الأغراب وبيتك موجود، والله إن لم يسكن حمد معك لأغضبن عليك أنا وأمك إلى أن نموت، ولا نعرفك ولا تعرفنا بعد اليوم، ونحن متبرئون منك في الدنيا قبل الآخرة".
أطرق خالد برأسه قليلاً ثم قال: "وأنا الآن حائر تائه فمن جهة أريد أن أرضي أبي وأمي ومن جهة لا أريد أن أضحّي بسعادتي الأسرية... فما رأيك يا صالح في هذه المشكلة العويصة؟"
اعتدل صالح في جلسته ثم قال: "بالتأكيد أنت تريد رأيي في الموضوع بكل صراحة ووضوح ولذا اسمح لي يا خالد أن أقول لك إنك شخص موسوس وشكاك، وإلا فما الداعي لكل هذه المشاكل والخلافات مع والديك؟ ألا تعلم أن رضا الله في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما؟ وإذا سكن أخوك معك في منزل واحد فإنه سيقوم بشؤون وحوائج البيت في حال تغيبك لأي سبب من الأسباب وسيكون رجل البيت في حال غيابك".
سكت صالح قليلاً ليرى أثر كلامه على وجه خالد ثم تابع قائلاً: "ثم إني أسألك لماذا سوء الظن بأخيك، ولماذا تتهم الأبرياء بدون دليل أنسيت قول الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}[الحجرات:12]. أخبرني: ألست واثقاً من زوجتك؟ ألست واثقاً من أخيك؟ فقاطعه خالد قائلاً: "أنا واثق من زوجتي، ومن أخي ولكن أيـ..." فقاطعه صالح معاتباً قائلاً: "عدنا إلى الشكوك والأوهام والتخيلات.. ثق يا خالد أن أخاك حمد سيكون هو الراعي الأمين لبيتك في حال حضورك، وفي حال غيابك، ولا يمكن أن تسوّل له نفسه أن يقترب من زوجة أخيه، لأنه ينظر إليها وكأنها أخته.. واسأل نفسك يا خالد لو كان أخوك حمد متزوجاً هل كنت ستفكر في التحرّش بزوجته أو التعرض لها بسوء؟ أظن أن الجواب معروف لديك.. خالد لماذا تخسر والدك وأمك وأخاك، وتفرّق شمل العائلة وتشتت الأسرة من أجل أوهام وتخيّلات وشكوك واحتمالات، لا حقيقة لها؟؟ فكن عاقلاً! وأرض أباك وأمك ليرضى الله عنك، وإرضاء لشكوكك ووساوسك أنصحك أن تجعل حمد في القسم الأمامي من المنزل، وتغلق الباب الفاصل بين القسم الأمامي وبقية غرف المنزل".
اقتنع خالد بكلام زميله صالح، ولم يكن أمامه مفر من القبول بأن يسكن أخوه حمد معه في المنزل. بعد أيام وصل حمد إلى المطار واستقبله خالد ثم توجها سوياً إلى منزل خالد ليقيم حمد في القسم الأمامي وسارت الأمور على هذا المنوال.
ودارت الأيام دورتها المقدرة لها في علم الله تعالى، وها نحن الآن بعد أربع سنوات، وها هو خالد قد بلغ الثلاثين من عمره وأصبح أباً لثلاثة أطفال، وها هو حمد في السنة الدراسية الأخيرة له وقد أوشك على التخرج من الجامعة، وقد وعده أخوه خالد بأن يسعى له بوظيفة مناسبة في الجامعة، وبأن يبقى معه في المنزل نفسه حتى يتزوج وينتقل مع زوجته إلى منزله الخاص به.
ذات مساء وبينما كان خالد عائداً بسيارته بعد منتصف الليل إلى منزله، وبينما هو يسير في أحد الطرق في حارة مجاورة لمنزله، إذ لمح من بعيد شبحين أسودين على جانب الطريق فاقترب منهما، إذا بعجوز كبيرة في السن ومعها فتاة مستلقية على الأرض، وهي تصرخ وتتلوى والعجوز تصيح وتولول "أنقذونا أغيثونا يا أهل الخير".. استغرب خالد هذا الموقف ودعاه فضوله إلى الاقتراب منهما أكثر وسؤالهما عن سبب وقوفهما على جانب الطريق فأخبرته العجوز أنهم ليسوا من أهل هذه المدينة حيث لم يمض على سكنهم فيها إلا أسبوع فقط، وهم لا يعرفون أحداً هنا وأن هذه الفتاة هي ابنتها وزوجها مسافر خارج المدينة لظروف عمله، وقد أصابتها آلام الطلق والولادة قبل موعدها المحدد، وابنتها تكاد أن تموت من شدة الألم، ولم يجدوا أحداً يوصلهم إلى المستشفى لتلد الفتاة هناك.. ثم خاطبته العجوز والدموع تنهمر من عينيها وهي تتوسل إليه قائلة "أرجوك أقبّل قدميك، اعمل معي معروفاً، أوصلني وابنتي إلى أقرب مستشفى الله يحفظ لك زوجتك وأولادك من كل مكروه".
أثّرت دموع العجوز وصراخ الفتاة الملقاة على الأرض في قلب خالد، وتملّكته الشفقة عليهما. وبدافع النخوة والشهامة والمروءة، ومساعدة المكروب وإغاثة الملهوف، وافق على إيصالهم إلى المستشفى فقام بمساعدة العجوز بإركاب الفتاة داخل السيارة ثم انطلق بهم مسرعاً إلى أقرب مستشفى للولادة، ولم تفتر العجوز أم الفتاة طوال الطريق عن الدعاء له بالخير والتوفيق وأن يبارك الله له في زوجته وذريته.
بعد قليل وصلوا إلى المستشفى وبعد إنهاء الإجراءات النظامية في مثل هذه الحالات دخلت الفتاة إلى غرفة العمليات لإجراء عملية قيصرية لها لتعذر ولادتها ولادة طبيعية.
وإمعاناً من خالد في الكرم والشهامة والمروءة لم تطاوعه نفسه أن ينصرف ويدع هذه العجوز المسكينة وابنتها الضعيفة وحدهما قبل أن يتأكد من نجاح العملية وخروج المولود بسلام، فأخبر العجوز أنه سينتظرها في صالة انتظار الرجال وطلب منها إذا انتهت العملية وتمت الولادة بنجاح أن تبشره بذلك، واتصل بزوجته في المنزل وأخبرها أنه سيتأخر قليلاً في المجيء إلى البيت وطمأنها على نفسه.
جلس خالد في صالة انتظار الرجال وأسند ظهره إلى الجدار فغلبته عينه فنام ولم يشعر بنفسه. لم يدر خالد كم مضى عليه من الوقت وهو نائم، لكن الذي يذكره جيداً تلك المشاهد التي لم تمح من ذاكرته أبداً؛ إذ آفاق من نومه على صوت صراخ الطبيب المناوب واثنين من رجال الأمن يقتربون منه والعجوز تصرخ وتولول، وتشير بيدها إليه قائلة "هذا هو، هذا هو".. دهش خالد من هذا الموقف، فقام من مقعده واتجه مسرعاً صوب أم الفتاة وبادرها بلهفة قائلاً "هاه هل تمت الولادة بنجاح؟".
وقبل أن تنطق العجوز بكلمة اقترب منه ضابط الأمن وقال له: "أنت خالد؟" قال: "نعم".. فقال له الضابط: "نريدك خمس دقائق في غرفة المدير"..
دخل الجميع غرفة المدير وأغلقوا عليهم الباب وهنا أخذت العجوز تصرخ وتضرب وجهها وتلطم خدها، وتشد شعرها، وهي تصيح قائلة هذا هو المجرم السافل، أرجوكم لا تتركوه يذهب واحسرتاه عليك يا ابنتي.. بقي خالد مدهوشاً حائراً لا يفهم شيئاً مما حوله، ولم يفق من دهشته إلا عندما قال له الضابط: "هذه العجوز تدعي أنك زنيت بابنتها واغتصبتها رغماً عنها فحملت منك سفاحاً ثم لما هددتك بأن تفضحك وتبلغ عنك الشرطة وعدتها بأن تتزوجها ولكن بعد أن تلد ثم تضعوا الجنين عند باب أحد المساجد ليأخذه أهل الخير ويوصلوه إلى دار الرعاية الاجتماعية!".. صعق خالد لسماع هذا الكلام واسودت الدنيا في عينيه ولم يعد يرى ما أمامه وتحجرت الكلمات في حلقه، واحتبست الحروف في فمه وسقط على الأرض مغمىً عليه.
بعد قليل أفاق خالد من إغماءته فرأى اثنين من رجال الأمن معه في الغرفة فبادر الضابط المختص قائلاً: "خالد أخبرني بالحقيقة، ملامحك تنبئ أنك شخص محترم، ومظهرك يدل على أنك لست ممن يرتكب مثل هذه الجرائم المنكرة". فقال خالد والألم يفطر قلبه: "يا ناس أهذا جزاء المعروف أهكذا يقابل الإحسان، أنا رجل شريف عفيف، وأنا متزوج وعندي ثلاثة أطفال ذكران سامي وسعود وأنثى هنادي، وأنا أسكن في حي معروف".
لم يتمالك خالد نفسه فانحدرت الدموع من عينيه إنها دموع الظلم والقهر إنها دموع البراءة والطهر، ثم لما هدأت نفسه قص عليه خالد قصته كاملة مع تلك العجوز وابنتها!
ولما انتهى خالد من إفادته قال له الضابط: "هون الأمر عليك؛ أنا واثق أنك بريء ولكن القضية لابد أن تسير وفق إجراءاتها النظامية، ولابد أن يظهر دليل براءتك والأمر بسيط في مثل حالتك هذه فقط سنقوم بإجراء بعض التحاليل الطبية الخاصة التي ستكشف لنا الحقيقة!"، فقاطعه خالد "أية حقيقة؟! الحقيقة أنني بريء وشريف وعفيف ألا تصدقونني إن الكلاب لتحسن لمن أحسن إليها ولكن كثيراً من البشر يغدرون ويسيؤون لمن أحسن إليهم!"
في الصباح تم أخذ عينات من الحيوانات المنوية لخالد، وأرسلت إلى المختبر لفحصها وإجراء الاختبارات اللازمة عليها، وجلس خالد مع الضابط المختص في غرفة أخرى وهو لا يفتر عن دعاء الله واللجوء إليه أن يكشف الحقيقة!
بعد ساعتين تقريباً جاءت النتيجة المذهلة لقد أظهرت التحاليل الطبية براءة خالد من هذه التهمة الكاذبة، فلم يملك خالد نفسه من الفرحة فخر ساجداً على الأرض شكراً لله تعالى على أن أظهر براءته، واعتذر الضابط عما سببوه له من إزعاج، وتم اقتياد العجوز وابنتها الفاجرة إلى قسم الشرطة لمتابعة التحقيق معهما واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهما.
حرص خالد قبل مغادرة المستشفى على توديع الطبيب المختص الذي باشر القضية فذهب إليه في غرفته الخاصة به مودعاً وشاكراً لجهوده ولكن الطبيب فاجأه قائلاً: "لو تكرمت أريدك في موضوع خاص لدقائق فقط".. بدا الطبيب مرتبكاً بعض الشيء ثم استجمع شجاعته وقال: "في الحقيقة يا خالد من خلال الفحوصات التي أجريتها لك أشك أن عندك مرضاً ما!! ولكنني غير متأكد من ذلك ولذلك أريد أن أجري بعض الفحوصات لزوجتك وأطفالك لأقطع الشك باليقين؟"
فقال خالد وقد بدا الخوف والفزع على محياه: "أرجوك يا دكتور أخبرني ماذا لدي، إنني راضٍ بقضاء الله وقدره، ولكن المهم عندي هو أطفالي الصغار، إنني مستعد للتضحية من أجلهم.."، ثم أجهش بالبكاء.. أخذ الدكتور يهدئ من انفعاله ويطمئنه ثم قال له: "أنا في الحقيقة لا أستطيع أن أخبرك الآن بشيء حتى أتأكد من الأمر فقد تكون شكوكي في غير محلها ولكن عجل بإحضار أطفالك الثلاثة!!"
بعد ساعات معدودة أحضر خالد زوجته وأطفاله إلى المستشفى وتم إجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة لهم ثم أوصلهم إلى السيارة، وعاد هو ليتحدث قليلاً مع الطبيب، وبينما هما يتحدثان سوياً إذ رنّ جوال خالد فرد على المتصل وتحدث معه لدقائق، ثم أنهى المكالمة وعاد للحديث مع الطبيب الذي بادره قائلاً: "من هذا الذي تقول له إياك أن تكسر باب الشقة؟" فقال له: "هذا أخي حمد، إنه يسكن معي في الشقة نفسها، وقد أضاع مفتاحه الخاص به وهو يطلب مني أن أحضر بسرعة لأفتح له الباب المغلق".
فقال الدكتور متعجباً: "ومنذ متى وهو يسكن معكم؟".
فقال خالد: "منذ أربع سنوات وهو الآن يدرس في السنة النهائية من الجامعة".
فقال له الدكتور: "هل يمكن أن تحضره لنجري عليه بعض الفحوصات لنتأكد هل المرض وراثي أم لا؟"
فقال خالد: "بكل سرور، غداً سنكون عندك!"
وفي الموعد المحدد حضر خالد وأخوه حمد إلى المستشفى، وتم إجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة لحمد، وطلب الطبيب من خالد أن يراجعه بعد أسبوع من الآن ليعرف النتيجة النهائية ويتأكد من كل شيء...
ظل خالد طوال الأسبوع قلقاً مضطرباً، وفي الموعد المحدد جاء إلى الطبيب الذي استقبله بكل ترحاب، وطلب له كوباً من الليمون لتهدأ أعصابه، وبدأ يحدثه عن الصبر على المصائب والنكبات، وأن هذه هي حال الدنيا.. فقاطعه خالد قائلاً: "أرجوك يا دكتور، لا تحرق أعصابي أكثر من ذلك أنا مستعد لتحمل أي مرض، وهذا قضاء الله وقدره، فما هي الحقيقة؟"
طأطأ الدكتور برأسه قليلاً ثم قال: "في كثير من الأحيان تكون الحقيقة أليمة قاسية مريرة!! لكن لابد من معرفتها ومواجهتها!! فإن الهروب من المواجهة لا يحل مشكلة ولا يغير الواقع".. سكت الطبيب قليلاً ثم ألقى بقنبلته المدوية قائلاً: "خالد أنت عقيم لا تنجب!! والأطفال الثلاثة ليسوا أطفالك بل هم من أخيك حمد".
لم يطق خالد سماع هذه المفاجأة القاتلة، فصرخ صرخة مدوية جلجلت في أرجاء المستشفى.. ثم سقط مغمى عليه.
بعد أسبوعين أفاق خالد من غيبوبته الطويلة ليجد كل شيء في حياته قد تحطم وتهدم..
لقد أصيب خالد بالشلل النصفي، وفقد عقله من هول الصدمة، وتم نقله إلى مستشفى الأمراض العقلية ليقضي هناك ما تبقى له من أيام.
وأما زوجته فقد أحيلت إلى المحكمة الشرعية لتصديق اعترافاتها شرعاً، وإقامة حد الرجم حتى الموت عليها.
وأما أخوه حمد فهو قابع وراء قضبان السجن ينتظر صدور العقوبة الشرعية بحقه.
وأما الأطفال الثلاثة فقد تم تحويلهم إلى دار الرعاية الاجتماعية.. ليعيشوا مع اللقطاء والأيتام..
ومضت سنة الله الباقية.. «الحمو الموت»؛ {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً}.