وصلت المادة التالية للمربد :
بيان الشاعر العربي محمد جربوعة حول مسابقة أمير الشعراء
"فضائح بؤرة مشروع ليبرالي خطير"
أرسله : صالح علي العواد
مقدمة:
رغم كل ما قيل لي عن "مسابقة أمير الشعراء" التي تنظمها هيئة الثقافة والتراث لأبي ظبي، فقد عقدت العزم على المشاركة .. أرسلت قصيدة بعنوان : " في صحبة رجل ليس الفرزدق"، ومن بين (7000) متقدّم للمشاركة، تمت إجازة عدد معيّن لا يتجاوز (150) شاعرا ..
كانت دعوتنا إلى "أبي ظبي" بعد ذلك استكمالا لإجراءات الفرز .. وسافرنا.. تمّت مقابلة اللجنة، وتمّت إجازتي ضمن السبعين شاعرا بقصيدة عنوانها " قراءة وهمية في لوح الماء والطين".
وكان من المقرر أن تجتمع لجنة موسّعة لتختار أربعين شاعرا من بين السبعين المجازين..
كان الأمر هنا يخضع لاعتبارات أخرى كثيرة – حسب ما قيل- .. رغم أن الكثيرين لا يفهمون معنى كلمة مصطلح" الاعتبارات" هذا..
وتم إقصاء أسماء كثيرة لها رصيدها الشعري، بينما رُشّحت لقائمة التصفيات النهائية أسماء أخرى ، لبعضها مكانته الشعرية فعلا، لكن لبعضها الآخر علامات استفهام كثيرة تحلّقت حول قرار "اختياره"..
الكثيرون متذمرون ..لكن الذي سمعته من بعض هؤلاء أن لا أحد يجرؤ على الكلام .. رغبة في المشاركة في المسابقة نفسها مستقبلا، أو في نشاطات ومسابقات أخرى في دولة الإمارات.
ولأنّه ليس من طبعي السكوت المرّ..فقد كان لا بد أن أصدر هذا البيان والتوضيح، تسليطا للضوء على بعض خبايا مسابقة أُريد لها أن تملأ فراغا كبيرا وأن تعيد للشعر بريقه، لكنّها وقعت في "طين الفساد" لتعيد تكريس "واقع المستنقع" ..
توضيح لا بد منه:
يرى البعض أنّ إصدار مثل هذا البيان سيكون تأهلا بامتياز مني لدخول "القائمة السوداء" للممنوعين من دخول دولة الإمارات، وأنا رغم كل شيء، أريد أن أقول أنني لا أقصد بهذا البيان دولة الإمارات ولا شعبها الذي لمست فيه طيبة واضحة ، بقدر ما أريد بيان " مشكلة" ستعاني من تبعاتها دولة الإمارات المعروفة بأنها دولة مسالمة.
وأريد من جهة إماراتية ذات سلطة فعلية، أن تقوم باستبيان شفاف وموضوعي لجميع الشعراء الذين شاركوا في هذه الدورة وفي الدورات السابقة، من فاز منهم ومن تم إقصاؤه، لتدرك أن هناك " تذمّرا" كبيرا تسبّبت فيه سياسة "إدارة" المسابقة، لكنّ وزره عند البعض تتحمله دولة الإمارات وهو ما لا نريد حدوثه..
ورغم كل هذا بين التفريق بين " المسابقة" و"دولة الإمارات" فأنا أتحمّل مسؤوليتي كاملة ولا أهتم لما قد يصيبني في سبيل بيان ما لا بد من بيانه، والساكت عن الحق شيطان أخرس.
مع العلم أنني أعتقد جازما أن الذي أقصاني من المسابقة هو " مشوار حياتي ومواقفي" السياسية والفكرية الثورية، وهو شيء أعتز به وأعتبره رصيد شرف في الدنيا وقارب نجاة في الآخرة.
اللجنة:
تتألف لجنة التحكيم من ثلاثة أشخاص هم:
د. علي بن تميم ،من الإمارات، وهو شخص عيي في فمه ماء، لا يكاد ينطق جملة صحيحة، إضافة إلى حقده الكبير على ما يسميه هو " المطلقات" التي لا يحبّذ وجودها في النص، ويحاكم الشاعر بناء عليها، وهذه المطلقات هي الأمور العقدية الدينية، ولا ريب أنّ هذه الصورة عن الدكتور علي بن تميم صارت معروفة عند الجميع، لذلك صار الكثيرون يتحاشون التقدّم للمسابقة بنصوص فيها "ألفاظ" أو "لوحات" أو "تناص" من هذه المطلقات العقدية.
وفي اللجنة أيضا، الدكتور صلاح فضل، من مصر، وهو شخص متورّط بطريقة ما في ما سُمي " فضيحة الدورة الثانية من مسابقة أمير الشعراء"، والتي سيأتي بيانها لاحقا.
أما الشخص الثالث فهو الدكتور عبد الملك مرتاض، من الجزائر، والذي يدرك كل من يعرف قواعد اللغة العربية أنه رغم قوته في مجال النقد ، فإنه أودى بمستقبل الكثير من الشعراء في المسابقة نتيجة لأحكام لغوية خاطئة .. واللحن من هذا الرجل يعرفه الجميع .. وآنذاك فلم يكن هناك بأس من أن يكون الرجل حجة في مجاله دون أن يدخل نفسه في أمر يزري به من التقعيدات اللغوية وغيرها.
ما قبل الدخول على اللجنة:
المشاهد العادي لمسابقة أمير الشعراء عبر البث الفضائي يكاد يسحره هذا العالم الساحر المسمى "شاطئ الراحة"، بكل ما فيه من الألوان والبروتوكول والروعة الإخراجية .. رغم أن كل ذلك لا يعدو أن يكون مجرد "خدعة بصرية" شبيهة بتلك التي يستعملها مخرجو "الأكشن"..
أما الحقيقة التي خلف هذه الإثارة الملوّنة التي تسحر عيون الناس وتستَرْهبهم فهي ذي:
صباح الخميس ،4/11/2010 ، وفي الساعة التاسعة تمّ نقلنا في سيارات إلى "مسرح شاطئ الراحة" .. كان المنتظر خياليا، لكننا فوجئنا ببهو كبير على طوله طاولة تشبه "محسب المقهى" تمثّل "الركن الإداري" .. تقف خلفها فتاة مصرية .. جلسنا قبالة الركن الإداري على صفّ من الكراسي .. قالت الفتاة المصرية: " هل هناك من يريد طباعة نصه على أوراق ؟".. كررت ذلك مرتين وقالت في الثالثة : " بعد هذا لا يمكن أن يقول شخص ما أنه يريد أن يستخرج نصا من بطاقة ذاكرة"..
مسابقة بهذا الحجم لا تتيح للشعراء جهازا واحدا تضعه تحت تصرفهم لتنقيح كلمة أو طبع ورقة ؟
حضر فريق التصوير ليأخذ التصريحات الأولى للسادة الشعراء .. وأدلى كل بما عنده بين مقتضب ومسترسل .. راغب وراهب.. وعلى طبائع البشر، فقد أثنى البعض وقوعا في شرك المطلوب الذي فهمه من خلال الدورات السابقة، بينما تكلّم بعض آخر على سجيته..
هل سيصدّق المأخوذون بروعة الإخراج السينمائي في المسابقة أنّ الشعراء قضوا يوما كاملا بلا غداء؟
من الساعة التاسعة صباحا ، وإلى حدود الساعة السادسة مساء جاء دوري للدخول على اللجنة ..ودخلت.
في مقابلة اللجنة:
كانوا أمامي ..ثلاثتهم .. ومثلما حزرت وخمّنت بتجربتي في الحياة.. كان على صلاح فضل أن يهرب بطريقة ما من ظلال "المشكلة الجزائرية المصرية" في مجال كرة القدم ..وكان على علي بن تميم أن يحكم على النص من خلال رؤيته للنص المتضمن مطلقات عقائدية..
وأنا شخص لا يتنفس سوى المطلق العقدي وفلسطين والعراق ..لذلك لم يكن هناك مناص من حقد علي بن تميم ..
لا يسعفك الوقت الثمين للجنة لتقرأ أكثر من سبعة أبيات من نصك ..سبعة أبيات تقرر مصيرك دون النظر إلى مشوارك الشعري .. يستوي في ذلك محمود درويش وشاعر دخل مجال الشعر بيمناه منذ شهرين ولا زالت يسراه خارجه!.
أثنى الدكتور صلاح فضل على النص ثناء عطرا، وكان لا بد أن يقفز إلى الخانة التي رسمتها له ليخلع عنه "التهمة" قائلا أنّ اللغة القوية في نصي ليست غريبة عن أبناء الجزائر العربية .. وهلم جرا ..
الدكتور مرتاض أثنى هو الآخر على النص ، وذكر جمالياته والتقابل فيه بين القديم والجديد، مستشهدا بهذا البيت من النص:
فالعاشقون إذا تبخّرَ ماؤُهمْ فقَدُوا البواصلَ، مُنجِدا أو مُتْهِما
وكان على صاحبنا الآخر أن يتجاوز أحقاده عملا بموضوعية النقد، أو حتى بأدب الضيافة، فأنا على كل حال لستُ شخصا مغمورا يمكن أن يتجاهله شخص مثل ابن تميم لم يظهر له اسم ولا برق له نجم قبل هذه المسابقة.
قال : أنت قلت في نصك:
ماذا أقول ..وفي شفاهي لُعثمتْ لغةُ القصائدِ .. و"الخليل" تلعثَما
الشِّعر يأبى ..إذ يُطلُّ ككاعبٍ مِن شَقِّ باب والتفعلُلُ أحجَما
"فكيف يجوز تشبيه الشعر بكاعب؟ لا والله..أنا لا أجيز هذا النص ".
شكرته ..لأنه أكّد لي ما كنت أعتقده فيه من العيّ وقلّة الفهم والانتقاص مما لم يسعفه فهمه القاصر في استيعابه.
تمت إجازتي .. وكان عليّ بعد هذا أن أنتظر "الاعتبارات الأخرى" التي تثبتني في القائمة أو تزيحني عنها..
قرار الأحد:
الأحد مساء ..في الساعة الثامنة بتوقيت أبي ظبي ، وفي ردهة الفندق كان النطق بالحكم .. وتمّ إسقاط أسماء من لم يرق للجنة .. وهنا كان السؤال الكبير عند الجميع هو:
على أي أساس؟
وهو سؤال مشروع حين تصطدم بواقع إجازة شخص بدأ يكتب الشعر منذ سنة واحدة وفي جعبته خمس قصائد، بينما تتم الإطاحة بأستاذ جامعي ، ناقد، وُلدت قصائد الأولى منذ ربع قرن.. وقد نال من الجوائز العربية والتكريمات والتشريفات الكثير.
عودة إلى معنى "المعايير" :
القرار النهائي يتم في اجتماع سري، لا يخضع فقط للتقييم الأدبي.. تستحضر اللجنة الموسعة ما كان المصورون قد أنجزوه من أشرطة ..ويتم عرض تصريحات الشعراء ..واللجنة هنا بعقلية الملوك ، تحب التزلف وتكره الجرأة، فسمو أمير الشعراء لا بد أن يكون هادئا ،طريا، لينا، لا علاقة له بالسياسة، ولا يحسن الانتقاد، بريء ، ساذج، والأفضل أن يكون صغير السنّ ليقال أن اللجنة هي التي اكتشفته وهي التي رعت مشواره بعد ذلك..
ثم لا بد من إشراك وتأهيل العنصر النسوي حتى لو كان ذلك على حساب شاعر (ذكر)، فيتم تقديم المفضول الأنثى، فقد للمحاصصة التمثيلية .. والأمر شبيه قليلا باللعبة السياسية في لبنان، مع تحياتنا للمخرجة اللبنانية التي قالت لنا ذات صباح : " أنا نتاليا" أو "نتالي"..ثم راحت تستدرج البسطاء من الشعراء إلى فخها الإعلامي لتصنع من تصريحاتهم التي قد تضرَ بهم، مجد برنامجها وسر نجاحه.
هل قال شخص أنّ شاعرا مجيدا قد تم إسقاطه في دورة من المسابقة فقط لأنهم اكتشفوا أنه من "حركة حماس"؟
العهدة على الراوي، وأنا لم أقل شيئا .. وقد لا أصدّق هذا ..لكن هذا ما قيل حينها وما بلغني..
ما المطلوب إذن؟ أن لا يكون الشاعر من حماس ، لأنه إذن كان كذلك فذلك يعني أنه جزء مثلا من المشروع الإيراني في المنطقة؟
تجمع لجنة مختصة ملفا عن المشاركين المتأهلين، من الشبكة العالمية وغيرها.. يوضع هذا الملف على طاولة لجنة المعايير .. نسأل الله السلامة والعفو والعافية.
اللبرالية:
نعرف جيدا ..كنا نعرف وتأكد ما كنا نعرفه ، أنّ اللجنة القائمة على التحكيم مشبعة بالفكر اللبرالي الأدبي، فهي مع الحداثة مما تقتضيه من معان تنافي معنى "البيان" .. نعرف ذلك..
ونعرف أنّ هذا الأمر سيكون ظلما لمعنى الشعر، باعتبار أنّ قصائد المتنبي ونزار وأحمد شوقي ومحمد العيد آل خليفة والمعلقات السبع ليست من شعر الحداثة، وما كانت لتجاز أبدا..
هناك مؤامرة كبيرة تقوم بها هذه المسابقة لتنميط الشعراء في قالب "حداثي"، بكل ما تعنيه الكلمة، لذلك لا بد من أن يكون واضحا أنه لا مكان لأي شاعر ومهما كان اقتداره، في هذه المسابقة أو في هذا المشروع "المدروس" ما لم يتخلّ عن جلبابه الشعري وبصمته الأصالية.
وأنا أظنّ أن الساحة الشعرية العربية قد بدأت تدرك هذا جيدا، وأنّ مصير هذه المسابقة الفشل إذا لم تتداركها دولة الإمارات فتعطيها صبغتها المرجوة لتكون مشروعا للشعر العربي لا للمشروع اللبرالي الذي يعرف كل واحد منا أنه جزء من الحرب على اللغة العربية ورسالة الشعر الذي يراد تفريغه من مهامه الحقيقية في نهضة الأمة وتواشجها مع ماضيها التليد.
علي بن تميم لم يجز شاعرا (لامطلقيا" ..والتهمة أن الشاعر كان وهو يقرأ قصيدته ينظر إلى السقف..
أما شاعر آخر فقد كانت تهمته كلمة "العيس" ، وقد قيل له أنه يعيش في غير زمنه .. فأين العيس من زمن "الليكسس" يا صاحبي؟!
ومثل هذا كثير كثير ... حد انكشاف اللعبة.
أعمى يقود بصيرا:
فضائح كثيرة .. منها اللغة العربية التي لا تستقيم على ألسنة أفراد لجنة التحكيم، وأقوم الآن بتفريغ حلقات سابقة مرئيا، في برنامج مرئي سيتم توزيعه يظهر البضاعة المزجاة لهؤلاء الذين وُضعت بين أيديهم مصائر وأحاسيس آلاف الشعراء الحالمين بالخروج من الشرنقة المضروبة على الثقافة العربية في كل مكان.
تصوّروا أن الدكتور مرتاض مثلا أهدر في إحدى الحلقات الكثير من الوقت، وأصدر تخطيئه الموثق صورة على شاعر جاء في قصيدته بلفظ " المرايا"، جمعا لكلمة "المرآة"، وراح مرتاض يستعرض معلوماته في أن المرايا هي جمع "مرية" مثل صبايا وصبية، وهذا غير جائز في اللغة، فلا يقال مرايا ..وأطال وأطنب في نفخ الرماد.
ولعل مرتاض تابع في ذلك بعضهم ومنهم الحريري في درة الغواص،حين قال: "فأمّا مَرَايا فهي جمع ناقة مَرِي، وهي التي تَدرّ إذا مُرٍيَ ضَرْعُها".أقول: والأمر ليس كذلك البتّة، فمرايا لغة صحيحة،وقد جاء في المعجم الوسيط:" كلمة (المرآة) جمعها: مراءٍ و مرايا"..ولعل ما استشكل على مرتاض هو الرجوع إلى الأصل والقياس عليه، والتعويل لا يكون في اللغة على الأصل فقط،بل على مآلات الكلمة عند العرب استعمالا، لذلك قالوا أنّ أصل مرايا مرائي، مثل خطيئة : خطايا أصلها خطائي. قال ابن مالك:
وبفعائل اجمعن فعاله
وشبهه ذا تاء أو مزاله
ومنهم من حول الهمزة إلى ياء فقال مرايا على مفاعل، قلبت الهمزة ياء " مرايي" وقلبت الياء الثانية ألفا". وقالوا: "مرآة جمعها مرائي ، فقلبت الهمزة الأخيرة ياء على حركة ما قبلها، فصارت مرايي، ثم فعل بها ما فعل بمداري، حتى قيل مدارى فصارت : مراء_ى. فاستثقل همز بين ألفين، لأنه بمنزلة ثلاث ألفات، فقلبت الهمزة ياء. وإنما أعلت هذا الإعلال، لان الهمزة التي بعد الألف عرضت في جميع فعل القياس.
وقد وردت كلمة مرايا جمعا لمرآة في مواضع عديدة من التراث الديني،ومنها:
حديث حذيفة ـ رضي الله عنه ـ رواه أبو بكر الخلال بن يزيد بن جمهور: حدثنا الحسن بن يحيى بن كثير العَنْبَرِي، حدثنا أبي،عن إبراهيم بن المبارك، عن الأعمش، عن أبى وائل، عن حذيقة بن اليمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل، وإذا في كفه مرآة كأصفى المرايا وأحسنها) وساق الحديث بزيادته على ما تقدم، وفيه ألفاظ أخرى، ولم يذكر الزيادة".،وقد ورد هذا الحديث في الترغيب والترهيب،ومجموع الفتاوى، وحادي الأرواح، والإبانة عن شريعة الفرقة الناجية..
هذا مثال من الأمثلة ،وسيأتي بيانها مفصلا فيما أعلنت عنه موثقا، في حينه إن شاء الله ..
ولئن ظُلم شاعر نقديا بما لا قواعد فيه غير نزوة الانطباع والمزاج والذوق، فكيف يمكن لشاعر أن يُظلم ضمن إطار اللغة المنضبطة قواعد ونحوا..؟
فمن يمثّل النقد اللغوي في اللجنة اللبرالية؟ علي بن تميم الذي في فيه ماء؟أم الدكتور مرتاض الذي يلحن رغم تكلفه وتشدقهه؟ أم صلاح فضل الذي يعرف أهل اللغة المتابعون لمداخلاته في المسابقة أنه يأتي في هذا المجال بالأعاجيب..؟
هل يمكن لمسابقة في الشعر العربي أن يكون كل همها القمع النقدي المبني على المزاج لكل ما يخدم التوجه اللبرالي ، بينما يتم تجاهل اللغة في النص وهو ما لا يستدعي وجود ناقد لغوي؟
لبعضهم في كل عام فرس رهان، وفضيحة الدورة الثانية:
لا شك أنّ الكثير من الشعراء والمهتمين قد استهجنوا الإجازة المسبقة لأحد المشاركين العراقيين في هذه الدورة الرابعة من طرف صلاح فضل.. والبعض – رغم استهجانه- نظر إلى الأمر على أنه جاء هكذا عفويا .. بينما يرى المطلعون على بعض خبايا هذه المسابقة أن وراء الأكمة ما وراءها.
هناك ميل نفسي عند كل شخص في لجنة التحكيم إلى شاعر بعينه، يراهن عليه..كشف ذلك بجلاء ما حدث في الدورة الثانية من هذه المسابقة..
ولتظهر الصورة واضحة سأسوق القصة كاملة:
لصلاح فضل في المسابقة نفوذ كبير، يرجع إلى عدة معطيات منها "اللوبي" المصري القوي الذي يتواجد خلفه في الظل..
تقول المصادر أنّ صلاح فضل استقدم في الدورة الثانية الشاعر المصري "أحمد بخيت" ليتم منحه الجائزة والإمارة .. وهذا ليس طعنا في أحمد بخيت، فهو شاعر جيد، لكنه إضاءة على دهاليز ما وراء المرئي من المسابقة..
سارت الأمور بنية أن يكون بخيت هو الأمير، وكان كل شيء مرتبا ..
لكن طارئا أفسد اللعبة..ولئن كانت دول أخرى كثيرة لا تهتم بمشاركات مواطنيها ،فإنّ دولة قطر كانت تتابع وبجد مسار الشاعر الموريتاني المحسوب عليها وهو "سيدي محمد ولد بمبا"، الصحافي بقناة الجزيرة.
كانت مشكلة أحمد بخيت هي التصويت، وكان أمر إضافة "صفر" على يمين عدد المصوتين أمرا متيسرا..
وحين أزفت ساعة المكاشفة، وكانت المسابقة على مشارف النهاية، تدخلت قطر لتقول لمنظمي المسابقة: " نحن نعرف جيدا عدد المصوتين من قطر عبر شركاتنا للهواتف النقالة، وأيّ تزوير للأرقام سيضطرنا لكشف الحقيقة ونشر أعداد المصوتين من قطر لصالح "ولد بمبا" في الإعلام ليطلع عليها الرأي العام..نحن لا نطالبكم إلا بالنزاهة واعتماد الأرقام كما هي".
كانت ضربة قاضية للذين حاكوا عباءة أحمد بخيت.. واكتشفت المسابقة أنها أمام مشكلة كبيرة قد تودي بمصداقيتها وتنسفها..لذلك تراجعت عن نيتها المبيتة، لتنصاع لمطلب النزاهة..
كان أحمد بخيت لا يزال راكبا وهم الإمارة ، رغم أن المعطيات وراء الستار قد تغيّرت، وحين فاجأه المذيع في إعلان النتيجة بأنه في مرتبة أخرى، أشار إلى نفسه باندهاش وهو يقول أمام الكاميرا في مشهد رآه جميع من شاهد هذه الحلقة: "أنا؟".. نعم أنت .. فرغم قدراتك الشعرية هناك كلمة للتصويت .. وهناك دولة أفسدت الطبخة .. وليت كل دولنا العربية كانت مثل قطر في مراقبة ومتابعة مشاركيها ومصائرهم..لكن...!
أعلن فوز الشاعر الموريتاني ، صحافي قناة الجزيرة، ولد بمبا، وكان مما قاله بعد أن قام من سجود الشكر،: " أشكر دولة قطر وأمير قطر الذي تدخل شخصيا، وأشكر دولة الإمارات على النزاهة في التصويت"..
وصلت الرسالة فشكرا لقطر وشكرا للنزاهة ..
هل أضاءت هذه القصة الواقعية بعض ملامح المسابقة وما يدور في كواليسها وسراديبها المعتمة؟
قرار:
بعد كل هذا ، أعلن ما يلي:
1-دعوة دولة الإمارات إلى التدخل لإنقاذ هذا المشروع وتوجيهه الوجهة الصحيحة التي تخدم الشعر العربي بمصداقية وموضوعية ونزاهة، وبدون توجيه فكري ينحاز لغير ثوابت الأمة.
2-دعوة الشعراء العرب وهم المعنيون بالأمر أولا وأخيرا للخروج من واقع الصمت لمقاطعة هذه المسابقة وبيان حقيقتها لحين إصلاح حالها.
3-أطعن في أحكام لجنة التحكيم التي أمام الستار والتي خلف الستار، دون الطعن في زملائي الشعراء من الفائزين ، فلا شك عندي بقدراتهم.
4-أحذّر مما تستهدفه هذه المسابقة من القضاء على الأدب الأصالي لصالح الأدب اللبرالي المتجاوز للثوابت اللغوية والثقافية للأمة.
5-أدعو الدول العربية المهتمة بالشعر فعلا إلى إيجاد مسابقة تكون بديلا عن هذه، تستفيد من أخطائها وتنطلق من الثراء الشعري الموجود في الساحة العربية.
6-أعتبر المسابقة مسابقة "للشعر اللبرالي" وأدعو الشعراء العرب غير اللبراليين إلى موقف موحد تجاهها باعتبارها مشروعا يستهدف تصفيتهم أدبيا وإعلاميا.
7-أدعو الدول والجهات ذات توجه المقاومة أو الممانعة في الأمة إلى اتخاذ موقف من هذه المسابقة باعتبارها بؤرة من بؤر التدمير الداخلي لجهاز المواجهة في الأمة.
8-أدعو علماء الدين والمسلمين عامة إلى استحضار حلقات الدورات السابقة لإدراك مدى التحامل على " المطلقات الدينية" في هذه المسابقة.
9-أحتفظ بحقي في متابعة هذا البيان عبر مداخلات القنوات الفضائية ووسائل الإعلام، وتنظيم مؤتمر صحافي قريبا لبيان أكثر للأمر.
10-أؤكد أنّ هذا البيان لا يستهدف دولة الإمارات العربية، بقدر ما يستهدف الجهة القائمة على المسابقة بكل ما فيها من اللوبيات وجماعات الضغط والتوجيه.
محمد جربوعة
الثلاثاء 9/نوفمبر/2010م
- للنشر في كافة وسائل الإعلام
ملحق:
القصيدة المشارك بها أما اللجنة والتي لم ترق مطلقاتها وتضميناتها الدينية والسياسية لعلي بن تميم:
قراءة وهمية في لوح الماء والطين
شعر: محمد جربوعة
سِقْطَ اللِّوى .. سَقَطَ اللواءُ مغمغِما
قد كان يبدو مثل نقشٍ مبهَما
لا يهتدي فيه الجنودُ لمَعْلَمٍ
ضاع المُحاربُ إذْ أضاع المَعْلَما
لا ينفعُ التخمينُ يا عربيــــــــــةَ العينين تنظرُ خلف لوزاتٍ.. هُما
والشيخُ من رمَد العيون تَمذْهُبا
طلبَ التطرّفَ في المذاهب للعَمى
لا تسأليني عن حكاية قريةٍ
قد أُغرقتْ مِن وهمها "في شبرِ مَا"
"نرسيسْ " يشكو للضفاف صبابةً
ويذُوبُ شعرا في أناه متيَّما
ألقى بوجهٍ كالمحالِ ببِرْكةٍ
فتبسّمتْ قسماتُهُ وتبسّما
ليس الذي في جُبَّة الماءِ الهوى
ذاك انعكاسُك يا غبيُّ مترجَما
فاحببْ قليلا كي تُعَبّرَ صاحيا
عن خدعة المعشوقِ تُصبحُ مَندما
فالعاشقون إذا تبخّرَ ماؤُهمْ
فقَدُوا البواصلَ، مُنجِدا أو مُتْهِما
هذي القوافلُ ظامئاتٌ حُطّمَتْ
أكبادُها مِن وعدِ نَبْتٍ ما نَما
ولكَمْ بكتْ .. نبَتَ القتادُ بدمعها
واحرنْجمتْ( ) تشكو التقَحُّطَ مَوسِما
فتلغّمي بالشِّعر ديوانًا لظى
فالشِّعر كالعنقاء يُفهم مُضْرَما
الفُرسُ جاءتْ في الدماء لثأرها
والروم تَشطبُ في الخرائط ما(...)وما(...)
والمُرجِفاتُ على الصياصي أُرجِفتْ
تجري لتجمَعَ في المغانم مَغْرَما
فلئن هززتُك .. فالأخوَّةُ علقمٌ
لو كنتَ غيرَك ما هززْتكَ علقما
فاركضْ برجلكَ.. فاليواسف( ) دُليتْ
في الجبّ ..والجبّ المندِّدُ أُرغِما
كلُّ التعنتر كان لحسةَ مبردِ
في نشرة الأخبار قالوا:" استسلَما"
ماذا أقول ..وفي شفاهي لُعثمتْ
لغةُ القصائدِ .. و"الخليل" تلعثَما
الشِّعر يأبى ..إذ يُطلُّ ككاعبٍ
مِن شَقِّ باب والتفعلُلُ أحجَما
لا يوسف الصديقُ يؤنس نفسَه
يرمي الحجارة للدوائر ناقما
لا واردُ العير التي قد أقبلتْ
في دهشة الإشراق كان استفهما
"نرسيس" في ماء الخديعة قد هوى
والوارد المذهول مِن ماء سما
للطين أغنيةٌ تشِفّ بلازبٍ
كانت تحِسّ إذا الجذاذُ تألّما
للطين رغبته..أكيدٌ..مثلنا
لكنّه يختار في اللغة الحَمَا
والماء مِن رغباته في سرّه
أن يشطب (الدالّ) المرابط في الدِّما
بغداد تقرأ كرخَها مِن حفظها
أو بعضَ كرخ .. - شكَّ راو فيهما-
شكَّ الرواةُ .. فكسّرت مِن مشطها
سنا وآخر ..سبعةً .. سألوا : لِما ؟
قالت : يحِنُّ الشَّعرُ في إهماله
للماشطات يَمُتْنَ كي يَترحّما
والسندباد بنهر دجلة غارقٌ
قد خيّروه .. فقال "دجلة" وانتمى
والقدسُ تفلي ثوبها مطروحةً
قُرْب المعارج في الرصيف مُظَلّما
الشمع مِن ضوء القنابل ضوؤُها
وبحِجْرها رقَصَت على العهن الدُّمى
القدس لو كانت رسالةَ غائبٍ
ستينَ عاما .. بين أرضٍ والسَّما
كانت على رُزَم الرسائل أَخجلت
ما قد تيسّر مِن بريدٍ سُلِّما
كان انمحى فيها الكلام جميعُه
وقصدتُ ذلك مُعْرَبا أو مُعْجَما
عنوانُ من يبقى بظرفٍ سادِدٍ
مجرى الدموع بحزن خدٍّ قد هَمَى؟!
فاخرُجْ من الوهم الكبير برقصةٍ
مُضَريّة بالماء تطلبُ (جُرهُما)
واكتب بفصحى الصمتِ خمسَ قصائدٍ
لغةُ السكوت تكاد أن تتكلما
جُرَّ البقايا مِن خطاك بمِلحها
واعبُرْ "طُواك"( ) إلى هواك مُسَلِّما
وارفع يمينَك..كلُّ عاشقِ حفنةٍ
في الأرض يَظهرُ بالتحية مُغرما
كل الهوامشِ بين قوسينِ انتهتْ
ثم انتهيتَ إلى البداية .. مِثلما..(...)
ماذا يهمّكَ؟ واللجامُ فقدتَــهُ
في "لعبة النرد" الرَمَيْت وما رمى
سَلِّمْ على (درويش) نصفَ قصيدةٍ
واسألْهُ " مَن ترك الحصان" مُحَطَّما ؟
سيقول شيئا كالحقيقة، ربعِها
لا تقتنعْ .. قد آنَ أنْ تَتَعَلَّما