سارق الأكفان - جاسم الرصيف
.. عن (جدّاتنا)!! عن زمن ِجوع ٍمرّ العراق صارت السرقة فيه عملاً (مشروعاً)! ونوعاً من (البطولة!!) بالغ فيه احدهم في (بطولاته!!) حدّ رصد الجنازات لسرقة الاكفان وهي طازجة بعد! فإستحقّ الّلعنة من الناس وإنسحب عار بطولاته علي عائلته! ومنها ولد (نشمي)! طمان ابيه! وهو علي فراش الموت! إلي انّه ــ الاب ــ سيدخل الجنّة رغم لعنات الناس! لانّ الابن سيجعلهم (يترحّمون)! علي ايّام الاب!!
وما ان مات الّلص (الكبير) حتّي هبّ الّلص (الصغير) لسرقة كفن اوّل من مات من اهل المنطقة ودقّ خازوقاً في مؤخّرته ثمّ تركه عرضة للحيوانات السائبة! وإستمرّ علي هذا المنوال(المرعب)حتّي بدات الناس (تترحّم)! علي ايّام (المرحوم) الّلص الكبير وتتمني لو ان الله اطال عمره كي تتاجّل! ولو إلي حين! المصائب الجديدة التي ماكانوا (يحلمون)! بها حتي في اتعس كوابيس الجوع !!
ووفق ما نراه علي ساحتنا من تجايل! للمساكين الابرياء من ذوي الموتي ــ بنوعيهم : الاحياء ومن ماتوا ــ وهم اغلبية لا حول لها (ولا نخوة)! مع اقلّية من بقايا الّلصوص الاوائل! والثواني! والثوالث ــ كفاكم الله الشر !! ــ بدات ذاكرات الامّهات الخائبات تحتفظ بانواع اخري من الحكايات! آجلة لاحفاد (المستقبل)! عن مفارقات من مفارقات لمفارقات علي مسارحها ابرياء حملوا عار لصوص ولصوص يحملون ادلّة براءة! واموات بلا اكفان.
واكفان بلا اموات! وخوازيق تنتظر من يحملها (حيّاً او ميّتاً)!! وبشر لايعرف إن كان من يهمّ بإحتضانهم يريد ان يغتصبهم ام يريد ان يحميهم من (الّلصوص!!)
.. وعمّا عرفناه عن عهد (المكرمات) ينال فيها ابن الخائبة (القديمة) ثلاثة دولارات في الشهر راتباً مصاباً بمرض (الحساسية من الّلحم والبيض)! كنّا نتهامس عن سرقة (الاكفان) !! وعندما إنفرط جيب الحكومة (المؤقّتة) وصار الراتب ثلاث مائة دولار ــ ماشاء الله!! بلا حسد !! ــ (اعلنت !! اي نعم !! اعلنت !!) الكثير من الاطراف! بعضها رسمي! وبعضها غير رسمي! بعضها مع! وبعضها ضدّ! عن وجود سارقي (اكفان) جدد!!
فاصابنا العجب !! ليس من فارق بين (حرّيتين) مازالتا تعرضان مجاناً علي الجمهور علي مسرح يومي للاكفان الجديدة والقديمة في آن !! وإنّما من كم (الاكفان) التي سرقت في ايام مضت! ومن كم الاكفان المرشحة للسرقة ، ومن فضلة الاكفان التي يعتاش منها العراقي الذي ستر عورته! اخيراً بعد رحلة صوم طويلة، علي مائدة الصباح بشئ من البيض واللحم (الحلال)! آملاً ان ينال (الرحمة!!) ــ إذا حصلت ــ من الكلاب السائبة يوم تعرض جثّته ــ بلا كفن مع خازوق جديد ــ (سمينة ومربربة)! في هذه المرّة .
AZZAMAN NEWSPAPER --- Issue 2027 --- Date 5 / 2 /2005
جريدة (الزمان) --- العدد 2027 --- التاريخ 5 / 2 /2005 ops: [align=right]