لماذا تأخر «العد العكسي» لضربة المقاومة .. التي وعد بها نصرالله.. في «العمق الاسرائيلي» ؟!قياس ـ مع الفارق ـ بين «وعد صادق» للامام علي (ع) ووعد استحق اثبات صدقه «لسيد المقاومة» في لبنان !«بيان الرياض» خروج على تقاليد السياسة السعودية.. وهو طعنة مدبّرة ضد النظام السعودي قبل المقاومة !محمد باقر شريسمي الإمام اماماً لكي يسير المأمومون على نهجه ولذلك فان محاولة الاقتداء بالأئمة، لا تكون محاولة لمضاهاتهم أو مساواة النفس بهم. وعلى هذا فان مقايسة النفس بهم تكون مع الفارق. ومع حفظ المسافة بين المأموم والامام، ليس من قبيل التبعية العمياء او التقليد «الببغائي». وكلمة امام مجد ذاتها تعني الرجل الذي يتقدم القوم في «عمل ما» او في «نهج ما» فقد يكون من يتقدم القوم رجل دين أو رجل سياسة. وقد حدث ان تكلمت في حفل تمنيت فيه لمفتي سوريا العام السابق ان يكون اماماً في الوطنية على صعيد رجال الدين فقال: انا إمامي في الوطنية هو الرئيس حافظ الاسد، ولم يجد ضيراً ان يقتدي رجل الدين على صعيد النضال الوطني بمناضل سياسي كبير.وهذا ينسحب على صعيد المقارنة بين وقائع الماضي والحاضر فقد وعد الامام علي ابن ابي طالب (ع) الجيش الذي كان يقوده بالنصر بناء لوعد «مقدس» من النبي الذي يرتقي الى مستوى النبوءة الغيبية ولكن في نهاية المعركة، شعر الامام علي (ع) بأن الوعد الذي وعده إياه النبي لم تظهر «علاماته».. فأخذ يتصبب عرقاً وهو يتمتم في حيرة قائلاً «والله ما كذبت ولا كُذِبت»! الى ان جاءه بعد فترة طويلة من يحمل اليه علامات «الوعد الصادق» بالنصر، فتنفس الصعداء وخر الى الأرض راكعاً يشكر «القدرة العليا» على صدقية الوعد الذي وُعِد به والذي وعد به جيشه!ونتصوّر في مقارنة مع ما حدث خلال اليومين المنصرمين اللذين انقضيا على ما اسماه امين عام حزب الله «بالوعد الصادق» انه عندما رأى وحشية العدو وضرب الاهداف المدنية وتدمير كل الجسور اضافة الى المجازر الرهيبة التي تستهدف المدنيين وخاصة التركيز على قتل اكبر عدد من الاطفال لكي يكون ذلك اوجع للضمير. و«الفلسفة التلمودية الاسرائيلية» ترى بأن القتل والانتقام كلما كان ادمى واوجع واكثر استفزازاً للضمير البشري كلما كان ذلك اكثر التزاما بالشعار المنسوب الى يشوع ابن نون عندما دخل فلسطين وهو ـ حسب اساطير بني اسرائيل ـ كان موصى من الرب سبحانه بأن يقتل كل مخلوق يتحرك سواء كان بشراً او حيوانا وان تصل الابادة الى الحجر والشجر، فلا يبقى حجر على حجر ولا تبقى غرسة الا وقطعت ولا مياه الا وحرم منها اهل فلسطين في ذلك الزمن، على نحو يفوق ما قام به هولاكو وجنكيزخان وتيمورلنك وقبائل الهون والمغول والتتار.. وقد جاء فيما بعد من يثبت ان ما نسب الى يشوع كان بريئاً منه وان الخارجين على رسالة موسى وهارون ويوشع والذين خالفوهم عندما صنعوا عجلاً ذهبياً له خوار يعبدونه من دون الخالق.. والذين يعبدون العجل الذهبي ليس كثيراً عليهم ان يزوّروا التاريخ وينسبوا جرائمهم للانبياء ويزعموا بأن جرائمهم كانت بأمر الله، والله بريء مما يفعل الظالمون!ولقد وعد السيد نصرالله، «امين عام المقاومة»، ان اي قصف او تدمير يطال الضاحية الجنوبية، سوف يقابل بردود فعل تحمل الكثير من المفاجئات للعدو ولما كان له سجل و«صحيفة سوابق» يثبتان انه من النوع الذي اذا قال فعل، فقد انتظر الناس ان يكون الرد الموعود فور قيام العدو بأول قصف لأي منشئة مدنية من الضاحية سواء كان جسراً او بيتاً او كائناً بشرياً! فاذا بالساعات تمضي متثاقلة، والناس قد نفد صبرها ليس لتعطشها فقط الى انزال العقاب بالمعتدي، بل لكي تزكي مصداقية الوعد الذي قطعه الامين العام على نفسه امام العالم بأسره.. وهنا نتصوره وهو المعروف بمتانة اعصابه، وعدم الاقدام على امر الا وقد درس ظروفه واحتمالات ما يسفر عنه، والتداعيات المتوقعة اذا ما تم الاقدام عليه.. والمفترض انه كان قد فرغ من وضع خطة مدروسة، قبل ان يقطع ذلك الوعد، فما الذي اعاق تنفيذ ما وعد؟ هنا تبدأ التكهنات ومعظمها قابل للتصديق، وهي لا تخرج عن حدود المنطق. فمن قائل: لعله نظر ـ على ضوء وحشية العدو ـ ان هذا العدو مستعد لارتكاب ما هو افظع من ردود الفعل.. ومن قائل انه يتمهل في الرد لكي يظهر للرأي العام مدى وحشية العدوان بحيث اذا قام بضربة مؤثرة او «مزلزلة» للعمق الاسرائيلي لأول مرة منذ قيام كيان اسرائيل، يكون العالم متعاطفا مع رد فعل المقاومة، لأن الكيان الاسرائيلي، لا يزال يبرهن منذ بدأ ارتكاب فظائعه على ارض فلسطين وخاصة ما يفعله في غزة والضفة وقد «توج» هذه الفظائع بما ارتكبه في الجنوب والضاحية من ضرب للجسور والمنشئات ومحطات توليد الكهرباء وقطع طريق بيروت دمشق اضافة الى الفظائع التي طالت المدنيين، انه كيان عنصري ليس اهلاً للحياة ولا للبقاء! وبالتالي فان اي ضربة تسددها المقاومة للمنشآت الاسرائيلية في العمق الاسرائيلي سوف تكون اكثر قبولاً لدى الرأي العام العالمي.. وان كان «الصبر» على الضربات الوحشية الاسرائيلية قبل الرد عليها قد كلف لبنان خسائر بمئات ملايين الدولارات وبالعشرات من الارواح العزيزة البريئة.ومن بين هذه التكهنات حول سبب تأخير الضربة الموعودة للعدو من جانب المقاومة ان ضغوطاً داخلية وخارجية جُنّدت فيها اوساط دولية ومؤسسات عالمية وشخصيات دولية وعربية واقليمية وبيان سعودي، كانت كلها تهدف لمنع الرد المقاوم خشية ان تشمل الانذارات الصهيو-اميركية لمعظم الانظمة العربية بوجوب الضغط على سوريا وايران وحماس وحزب الله وحلفائهم في لبنان والمنطقة ان يفرملوا من اندفاع المقاومة على صعيد توجيه ضربة رادعة للعدوان في العمق الاسرائيلي!ونحن نكتب هذه السطور قبل ان يعود التيار الكهربائي المنقطع منذ الصباح، ولم يعد هنالك اتصال بتطورات الاحداث الا عبر الحاكي (الراديو) والا في البيوت او الاماكن التي يتوفر لديها مولد كهربائي. ولا يزال في ذهننا بل لا يزل في اعتقادنا الذي يقرب من اليقين، ان من اصطلح على تلقيبه تحبباً من جانب محازبيه ومريديه وانصار تياره بـ«سيد المقاومة»، لن تمضي ساعات الا ويكون قد برهن لاصحاب الضغوط التي كانت كفيلة بان تزحزح الجبال، بأن ضغوطهم لن تضيّع منه الفرصة التي كان ينتظرها منذ وقت طويل لكي يسدد للغرور الاسرائيلي ضربة تحوّل «جبروته» وطغيان القوة عنده الى «مسخرة» يتندّر بها العالم، كما كان يتندّر بالانظمة العربية العاجزة - رغم ما يملكه العدو المغرور من ادوات الدمار والقدرة على ارتكاب الشرور والفظائع.وكما قال احد القادة العرب المعاصرين الذي تكالبت القوى الخارجية المساندة للعدو الاسرائيلي والمعادية للحق العربي ضدّه، عندما كان يرى طعنات العدو تأتي من بعض بني قومه: «ان طعنة العدو تدمي الظهر اما طعنة الشقيقة فتدمي القلب»! ونحن نرى ان البيان السعودي، ليس من طبيعة السياسة السعودية، ونحن نعتبر هذا البيان قد تم وضعه تحت تأثير «معلومات لئيمة» من بعض «قادة الانحراف» في الداخل اللبناني الذين يتظاهرون اليوم بمماشاة توجّه المقاومة - فلقد ذهبوا الى جلالة الملك عبدالله آل سعود مدعومين طبعاً بقوى خارجية معادية للتوجهات الوطنية العربية - تصوّر له الامر بصورة طائفية قذرة، بأن تعاظم قوة المقاومة وبقاء السلاح في يدها حتى ولو كان موجهاً ضد الكيان الصهيوني، ولكنه قد يشكل في المستقبل تعاظماً لتأثير عائلة روحية لبنانية وعربية معينة وان نمو القدرة الدفاعية لدولة اسلامية لها نفس العائلة الروحية التي تنتمي اليها المقاومة في لبنان، يجب ان يوضع له حد... ولا سبيل الى ذلك الا بمنع انصارها من خوض معركة المواجهة مع اسرائيل. ونحن على مثل اليقين ان مسعى هؤلاء الذي يكاد يقرب من الخيانة والطعن بالظهر، سوف تعود عواقبه على النظام السعودي نفسه، بل انه في محصّلته سوف يكون اشبه «بفخ» ينصب للنظام السعودي عبر تخويفه واثارة حفيظته المذهبية - دون مبرر - لأن اسرائيل نفسها قد وضعت مخططاً للايقاع بالانظمة المحافظة في السعودية ودول الخليج، بحيث تعرضها لمتاعب داخلية او حتى طائفية وعرقية تنتهي باستبدال هذه الانظمة بانظمة حديثة براقة، تتولاها وجوه جديدة تحمل طابع الحداثة والمعاصرة ولكن تكون مجندة لاجهزة المخابرات الاجنبية! فهل من عودة عن هذه الخطيئة قبل فوات الاوان؟
نقلا عن الديار اللبنانية