تمهيد ....
تصلُني رسائل الكترونية بشكل شبه يومي من أشخاص عدة أعتقد انهم شخصٌ واحد وهو يبدو ناقداً يميل الى مايُسمى بالشعر النثري... يكيل لي التهم ويزدري ما اكتب ويتهمني بالسوداوية والجاهلية
ويدعو عليّ بالموت ... وانا بيّ من المرض ما يوجع القلب وأخينا هذا لايرحم بمسبته
فوجدت ان أكتب هذه وأعتذر عن ذاتيتها المفرطة لكن المرء إذا استُفِزَ فَزّ وفَزِع لعل صاحِبنا يمر من هنا يوماً وينساني ... فعلام هذه الكراهية بين الناس وهم جميعاً راحلون .
جلجلة
شعر
أحمد العسكري
أُداري جراحي عن عيونِ العواذِلِ
كطيرٍ يُخبّي رِزقهُ في الحواصلِ
وأستلُّ صبر النفس في الغيظِ كاظِماً
بهمسٍ أفيقي .. إجرعي الصبرَ .. حاولي
أُرتِقُ أوجاعاً إذا ما تفتّقت
أغارت على قلبي كنارِ القنابلِ
كأني بها كفّارةُ الدهر .. دافعٌ
بنفسي .. جزاءً عن ذنوبِ الأوائِلِ
وألفُ قتيلٍ فيَّ يادهرُ فاكفِني
وأشفِق على قتلاكَ إشفاقَ قاتِلِ
سياطٌ سليطاتُ الحِمامِ تدافَعت
على كبِدي بالويل في ألفِ وابِلِ
تجاهلني في اليُسرِ خِلٌّ عرفتُهُ
فهل أرتجي في العُسرِ من كان جاهلي
أقاموا على عُمري من الحِقدِ مأتماً
فإن متُّ من في الناس ياناسُ ثاكلي
وما كانَ سوءُ الفعلِ في الناسِ همّني
ولكن فعلّ الناسِ للسوءِ قاتلي
تلُوحُ ليَ الغاياتُ .. هاهِي .. تَقّربت
ولكنَ ياويلاهُ ضاعت وسائِلي
ودُنياكَ لو جارَت على الحُرِِّ أوجعَتْ
مطارِقُها دَقّت رؤوسَ المفاصِلِ
كفرتُ بها ما أصعبَ العيشَ عُنوةً
بداءٍ وحُسّادٍ وجافٍ وسافِلِ
أُؤجِلُ بُركاني لعليّ أرُدُهُ
فيدوي بأحشائي دويَّ الزلازِلِ
وتستطعِمُ الأحزانُ روحي بِفَتّها
على قِدرِها المفتوحِ فَتَّ التوابِلِ
وهذي رؤوسُ الأربعين تطاوَلَت
عليّ كأشفارِ الرماحِ العوامِلِ
سنينٌ تدوسُ القلبَ من مُرِّ مَرِّها
كأن لها نصلاً بأطرافِ كاحِلِ
أُبايعها عاماً بعامٍ ولم تزل
تطالبُ مابين الحشا بالمقابلِ
ودُنيايّ عَنّتني بشعري كأنها
دماً أرضعتني من صدورِ البلابلِ
فكم فِعلُ أمرٍ صارَ ماضٍ بعُرفِها
وكم قولُ حقٍ شدَّ من أزرِ باطِلِ
وكم ألفُ مفعولٍ بهِ في كِتابِها
تَسّلّقَ إعراباً على ظهرِ فاعلِ
تَعُدُّ على الغالين أيامَ عيشهم
وتكسِرُ أضلاعَ العُتاةِ البواسِلِ
وترفعُ للدونيِّ أطرافَ ثوبها
فينزِلُ (مابينَ الدخولِ وحومَلِ)
ويُنفى أخو الشِداتِ منها مُشرّداً
طريدَ ذِئابٍ مُستباحَ المَنازِلِ
أمَوتُ كُليبٍ في العشيرِ مُدافِعاً
كحُسنِ رِثاءٍ من قريضِ المُهلهلِ
تَعكّزتُ أضلاعي إلى بابِ موطني
فألفيتهُ مابينَ فَكٍّ ومِعوَلِ
ومابينَ سيّافٍ يُداوي خِناقَهُ
وبينَ لصوصٍ حَصدُهم بالمناجِلِ
وَغُلِّقتِ الأبوابُ دوني كأنها
تصيحُ غداةَ البين .. ياقادِم اقفِلِ
فعُدتُ بِلا ضِلعٍ الى نارِ غُربتي
أُطأطِئ هاماً ما انحنت غيرَ للعلي
وضحكةُ سِنِّ المرء في حُضنِ غُربةٍ
أشدُ مَراراً من نواحِ الثواكِلِ
فآهٍ .. وياويلاهُ .. ياليلُ إشجِني
فإني غريبُ الدار والحُزنُ بابلي
تَقرَّحَ قلبي من جهالاتِ جاهلٍ
يحُشّ بأضلاعي كحشِّ السنابِلِ
أُحَمِّلُ نفسي بالثِقالِ فما هَوَّت
وأمشي بأعباءِ الردى غيرَ مُثقَلِ
يُصيبُ منَ الأكبادِ شِعري .. شِغافَها
ويُغرزُ في عينِ الحقيقةِ مِغزلي
وما جَمَّلتني قِلةُ الخيلِ إنما
طبائِعُ نفسٍ كالجوادِ المُحَجَّلِ
تُعاندُني نفسي إذا ما لويتُها
لسوءٍ .. وتدعوني أيا راكب انزِلِ
فدُنيا تُلاويني إلى حَبلِ غَيّها
ونفسٌ تأبّيها سِلاحُ المُقاتِل
ويُعرَفُ أصلُ الخيل من فَرطِ نَفرِها
وما كبحُ رعّاشٍ جموح المُصاهِلِ
أجلجِلُ مابينَ الأساوِرِ شاعراً
ويخنقني ليُّ المَعاصِمِ للحُلي
فما اعورَّتِ الأشعارُ يوماً بمرودي
ولا دُسَ سُمُ النحسِ يوماً بمكحلي
صديقُ صديقي ما تخيّرتُ واطياً
إذا رامَ عيني رَدد الجَفنُ إفعَلِ
وما كانَ عِزّي غير من عزِّ إخوةٍ
طوالٌ إذا قاموا كرامُ الحمائِلِ
كفَلتُ مواثيقاً وصُنتُ معاهِداً
وزوجتُ أحراراً بناتَ الأصائِلِ
وإنَ لِأسرارِ الرِجالِ بكارةً
إذا فُضَ منها أولُ الخيطِ تنجلي
فلا متُّ إلا في حشا قلبِ ميتٍ
ولا هُنتُ إلا من قذى عينِ أحولِ
فيا عاذلي لوكنتَ مِثلي مُغرِّداً
لما كُنتَ بين الناس يا صاحُ عاذلي