بسم الله الرحمن الرحيم
"قَالُواْ تَاللّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ"
سورة يوسف - الآية رقم: 95
قول الله عزَّ وجلَّ في حكاية قول بعض أولاد يعقوب عليه السلام له، حين أخذ يُحِسُّ بريح يوسف عليه السلام، ولم يكن قد وصل البشير إليه يحمل قميصه من مصر، ولم يكن قد علم بما حصل لباقي بنيه في مصر الذين ذهبوا ليطلبوا الإِفراج عن بنيامين شقيق يوسف ...
{وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ * قَالُواْ تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ} ... وتلاحظ التورية في عبارتهم:{إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ} فهذه العبارة لها معنيان:
المعنَى الأول القريب الذي أرادا الإِيهام به: هو أنّه ما زال ضالاً مع أوهامه، طامعاً بعد نيف وثلاثين سنة من غياب يوسف في أن يعود إليه أو يلتقي به، وضالاً في شغل نفسه بالحزن عليه حتَّى يكون حرضاً (أي: شديد المرض) أو يكون من الهالكين.
المعنى الثاني البعيد الذي قَصَدُوه: هو أنّه ما زال ضالاً في إيثاره يوسف وشقيقه بنيامين على سائر بنيه، وهذا المعنى هو المعنى الذي كانوا ذكروه قبل أن يُلْقُوه يوسُفَ في غَيابة الجبّ، وقَدْ أبانه الله بقوله في أوائل السّورة.
{إِذْ قَالُواْ: لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا، وَنَحْنُ عُصْبَةٌ، إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ}.
والتورية في هذا المثال مجرّدة.
"البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها"
عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني
(المتوفى سنة 1425هـ)
المصدر
حياكم الله
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com