اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب و يستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوقة له عن سيره إلى الله تعالى ".
وبالصوم يحصل " تخلي القلب للفكر والذكر فإن تناول هذه الشهوات قد تقسي القلب وتعميه وتحول بين العبد وبين الذكر والفكر وتستدعي الغفلة ، وخلو الباطن من الطعام والشراب ينور القلب ، ويوجب رقته ويزيل قسوته ، ويخليه للذكر والفكر ".
وأما بالنسبة لفضول المنام وكثرته ؛ فإنه جل وعلا من فضله على المسلمين " شرع لهم من قيام الليل ما هو أفضل السهر وأحمده عاقبة ، وهو السهر المتوسط الذي ينفع القلب والبدن ، ولا يعوق عن مصلحة العبد " وفضول مخالطة الأنام جاء علاجها في رمضان بما شرعه الله فيه من " الاعتكاف الذي مقصودة وروحه عكوف القلب على الله تعالى ، وجمعيته عليه ، والخلوة به ، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق ، والاشتغال به وحده سبحانه ، بحيث يصير ذكره وحبه ، والتفكير في تحصيل مراضية ،فيصير أنسه بالله بدلاً عن أنسه بالخلق " .
ففي رمضان يقل لغو الكلام ، وتزول آثار كثرة الطعام ، ويكون القيام موضع المنام ، ويخيم بالاعتكاف،إضافة إلى ما ورد من تصفيد الشياطين وما ورد أيضاً من تضييق مجاري الشيطان بالصوم ، فحينئذٍ يكون القلب في أكمل صورة للتأثر بكلام الله والخشوع في العبادة لله ، فيالها من نفحة يعيش فيها المسلم حلاوة المناجاة ، ولذة عبوديته لمولاه ، وتلهفه على تتبع رضاه . والحمد لله رب العالمين