ديـــــوان الشاعر
ماجد الرقيبة
إهداء إلى الأخ الكريم ماجد الرقيبة وإلى أهل المربد جميعا
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خاتم المرسلين
محمد بن عبد الله الصادق الأمين
سلام الله عليكم أهل المربد الأزاهر ورحمته تعالى وبركاته
أهديكم على بساط هذه الصفحة المربدية الندية حروفا شعرية متألقة لأخ كريم عزيز علينا جميعا.
أخ كريم لم يضن منذ أن نزل سهل المربد الفسيح، وحل بين أهل المربد الأزاهر بحروفه الشعرية الجميلة البليغة ...
أهديكم ديوانا شعريا لم يكتمل بعد للشاعر المربدي الدكتور:
ماجد الرقيبة
طور سيناء، وادٍ مقدس، ذكر في القرآن، على تخوم مصر من ناحية الشام، وهو وادٍ جميل خلاب ساحر برغمٍ من كونه قفراً بلقعاً.
تسكنه القبائل العربية المنحدرة من الجزيرة، ويسمون هؤلاء: عرب الطورة، وإليه هاتين المقطوعتين ...
نسيم الطور
(1)
نسيمُ الطور مشغوفاً يَهِيْمُ*
تَهِيبُ بِعِطْرِ رَوْنَقِهِ الرسومُ
يجولُ مسافراً في كل وادٍ*
مَعَ الطَّيْرِ الطليْقِ فلا يقيمُ
ويستافُ الترابَ على أُوَامٍ*
لعلَّ النارَ يُطْفئُها الأديمُ
ويغمرُ من طواه فليس يدري*
أَ مَحْضَ حقيقةٍ طيفاً يحومُ؟
ويهربُ من مغيبِ الشمس نِضْواً*
يجر الخطوَ من نَصَبٍ يسومُ
(2)
نسيمُ الطور في الأنفاس يُحْيي*
بقايا عطر مملكةٍ وعطرا
يؤلّفُ من مزاج الشوقِ شِبْهاً*
ويُرْجِعُ من لدى الأيَّامِ ذِكْرا
تَطيرُُ يمامةٌ .. ويحطّ فِرٌّ (1)
ويرعشُ مائسٌ(2) وسنانُ سكرا
ويُمْطِرُ من سَريِّ الشوقِ ورداً*
ويبعثُ من مليحِ الحسنِ سحرا
يذوبُ بخطو غاربةٍ فيسري*
بليل الطور يوقظ فيه ذكرى!
ماجد الرقيبة
-------------
(1) الفرُّ: من طيور سيناء ، شبيه بالعصفور، سريع الحركة.
(2) مائس: من صفات الغصن، لأنه يميس أي يميل.
القصيدة
أَبْدَتْ لَها الْأيَّامُ ما لا تَعْلَمُ*
فَسَرَتْ تَجُوْبُ الَّدهْرَ لا تتكّلمُ
غَرْقى ببحرٍ لا تُجابُ شُطُوْطُهُ*
زَخِرٌ بموْجِ التيْهِ ليلٌ مُظْلِمُ
رَكَنَتْ إلى التذكارِ عند ملالها*
فغدا يجيْشُ القلبُ إذْ تَسْتلهمُ
وَسَرَتْ بليلِ الحُزْنِ إلا أنَّهُ*
من شوقِها فجرٌ صَبَاحٌ مُفْعَمُ
حَطَّتْ مِنَ السفرِ الطويلِ كأنَّهَا*
في حسْنِها أمُّ الخرائدِ (مريَمُ)!
عذراءُ تبدو بالوصال كجنَّةٍ*
وقطوفُهَا الجَنْيُ الشَهِيُّ البلسمُ
توحي إلى الصبِّ الطيوف بفيضها*
والصَبُّ مجنونُ اليراعَةِ مغرمُ
فهفا إليها من مجاهِلِ رَحْلِهِ*
يسري بما توحي إليه وتُلْهِمُ
ماجد الرقيبة
مناجاة الغريب
إلى الدارة البعيدة*
إلى سيناء .. أرض القمر
من ضفاف قناة السويس بمصر*
لملمتُ شملي ففي عينيكِ ما وعدوا
أطوي قِفارَ الصَّدى والقلبُ يرتعدُ*
قلبٌ يطلّ على ما فيكِ ناظرُهُ*
ويستفيقُ على الذكرى فيرتَفِدُ
له من الحُبِّ أشجانٌ تؤرّقُهُ*
ونارُ حُبِّكِ تُوْريْهِ فيتَّقِدُ
ووجهُ طيفٍ بما أوحى يُكابدُهُ*
في كل ليلٍ إذا ما هبَّ يبتردُ
ودارُ عهدٍ على ما صار ينشده*
تدنو إليه بما تفضي وما تعدُ
سرتْ إليها خيالاتٌ مجنحةٌ*
وعوسجُ الشوق يدعوني ويبتعدُ
فصرتُ منها على جُرْفٍ يقربني*
أرنو إليها بأشواقي فلا اَرِدُ
ماجد الرقيبة
تداعيات
ورددتُ دمعـــــــي خافقـــــاً يتألّمُ*
وأهم في الدنيا وطيفك يرسمُ
من بوح عينيك القصيدُ وسرُّهُ*
إني من الشوق المقيم متيَّمُ
يا سر طارقة الفؤاد بسُحْرةٍ*
والطيفُ يطرقُ من أذلَّ فُيضْرِمُ
ما زلت امتاحُ الدموعَ لعلها*
سبلٌ لمن قطعوا الوداد ويمموا
وعلام لا أهفو إليك وخافـقي*
بيداءُ تيّمها الســرابُ الموهـمُ؟!
في كل جارحةٍ إليك صبابةٌ*
حرّى عليك وخافــقٌ يتنــــــسَّمُ
فلتسعف القلب الجريح ولا تقلْ*
يا ويح مَنْ قتل الغرامُ وتصرمُ!
ماجد الرقيبة
فإنَّ القَلْبَ لمْ يَمُتِ
لا تعذليني ..
فإنَّ القلبَ لم يَمُتِ ...
من ألْفِ عامٍ ..
وأنتِ نُصْبُ أشرعتي
حُمّلْتُ في الحب أرزاءً ...
وما فتئتْ ...
عيناك دربي ..
فلا تأسيْ على مِقَةِ ...
مُدّيْ إلى أياديْكَ ...
التي جُبِلَتْ ...
على الوصالِ ..
فكم أغليتُ من صِلَةِ ..
وجاوبيني صدىً للروحِ ..
يا ولَعَيْ ...
فكم صبرتُ ...
على أشجان قافلتي ...
وكم ضرعتُ إلى ...
ألحان قافيةٍ ...
كانتْ تغني ..
بما تُذكيْه أخيلتي!
فاليومَ لا لحن أشعاري ..
ولا نغمي ...
يفضي إليَّ باسراري ..
وخافقتي ..
مُدي إليّ أياديكِ..
التي جُبلتْ
على الوصالِ ...
فإن القلب لم يَمُتِ
أعذب التحيات ...
الدكتور
ماجد الرقيبة
بادية سيناء - مصر
بائعة الأماني
عجبتُ لليل بائعةِ الأماني*
وليلُ الحبِّ موصولٌ بثانِ
أقلّبُ في الكرى طَرْفاً مُعَنَّى*
يضيقُ الليلَ ذرْعاً بالأغاني
ورب الشعر إن هاج الشعورُ*
به الخفقاتِ تاقتْ للتداني
يمورُ بليل قرطبةٍ فيهفو*
كبوم الليل منقطع المكانِ 1
ويعبرُ نحو بغدادٍ وبُصْرى*
ويذكرُ جِلَّقاً ألقَ الزمانِ 2
ويذكرُ في قديم الدهر قيساً*
وليلاهُ المريضةُ رهْنُ جانِ
ويذكرُ أحمداً يسعى بشعرٍ*
ويذكر قبله آناً بآنِ 3
وأنتِ على رُبا الأشعار فجرٌ*
يغرّدُ ناشراً عَبَقَ الزمانِ
ينادي مَنْ يتيّمُهُ ليسعى*
بوجه الكونِ من وَلَهِ الحنانِ
وأنتِ سرابُ البوح يهفو*
بقفر الروحِ .. يهمسُ بالأمانِ
أهِمُّ لأسبرَ الأمداءَ عشقاً*
فيسبرني .. ويبحرُ في ثوانِ
يُحَالُ سحابةً بالصيف تشدو*
فأذرعُ دربَهَا طَلِقَ العنانِ
وأنتِ خلاصةُ الأفكارِ عصرٌ*
بعصر اليأسِ .. ترسمه الأماني
ماجد الرقيبة
---------------
1- البوم: طائر يكثر من الترحال ليلاً، له صوت.
2- بُصرى: مدينة بالشام، جِلَّق: دمشق، قال شوقي:
قم ناج جلق وأنشدْ رسم من بانوا*
مرت على الرسم أحداثٌ وأزمانُ
3- أحمد: هو أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي الشاعر.