إدريس الجــــرماطي
سرد الإبحار والتيه
لحـــــسن ملواني
إدريس كاتب يعيش زمانه بإيقاع المبدع الموزع للكلمات والبسمات ونبل المشاعر ... يكلم العجائز والصبايا بروح إنسان يعرف م له وما عليه ... يسير وتسير معه زوبعة أفكاره المتداخلة المرتوقة بإحكام عاشق يسود الأبيض بزهر من عبارات تحمل حلما ودفئا ... تحمل صورا نعيش عمقها وتقطن أعماقنا... عباراته ليست فيها الدروب المسلوكة بيسر بلا متاعب ، فليست من الدروب التي نقطعها بسرعة البرق كي نأتي على خواتمها ونبحث عن الجديد والمزيد... عباراته تحتاج إلى عتاد وزاد يعينك على تجاوز سياجاتها الفولاذية المُحْكَمة ...
إدريس يتحرك في كل اتجاه وكأنه سيزيف زمانه ، لكنه يحمل روحا مرتاحة مريحة فلا تملك إلا مصادقته بحفاوة مخلصة ونفس تسعد بأفكاره البسيطة الحاملة لعمق المعيش اليومي بكل استقاماته وانعطافاته ولواعجه...
إدريس روائي تتناسل الأحداث من أقلامه وذاكرته بلا حدٍّ ولا عدٍّ فيجعلك تنخرط في مؤثثات الأمكنة و في معطيات تعيد معانقة الأزمنة بكل إيقاعاتها...
بسرده يجوب بك مغارات وربوعا مفعمة بعبق التاريخ ورائحة أحداث ولت لكنها دوما معلقة بالذاكرة...
هو ذا السارد الذي يدهشك ويلج بك ما لم تتوقع أن تلجها و تسلك تضاريسها الوعرة ...
هل لمبدعنا عيون عوالم أخرى ينفرد بها لوحده ؟ أم انه يحول ما يراه إلى مختلف يعتقد في جدواه إبداعيا؟ أسئلة قد نطرحها عليه يوما ما .
عبر شوارع ورزازات يحادث البسطاء والمثقفين وكل الذين يعرفون سخاءه وتواضعه وحديثه الطريف الموحي إلى شخصيات مروياته الكثيرة ...
حين نذكر إدريس نتذكر أحداث مسروداته الملغزة التي تُسْلمك من درب على درب ومن حزن إلى فرحة ومن فرحة إلى بحث عن مجهول ومن بحث إلى تساؤل ومن تساؤل إلى حلم الأجوبة الشافية ، ومن بدء إلى عود يجعلك تعيش عوالم تمتعك بقدر ما تدهشك وتوقظ بعض مكنونات أعماقك ...
الجرماطي أصوات تأتي بأبعادها من أعماق محفوفة بالمجاهل والأنفاق المغرية بالمغامرة والإبحار.
لقد تحدث عن الحقيقة والسراب عن الحفاوة والعذاب ... تحدث عن الدمعة والبسمة ، وربط الأقوال والأحداث وناسب بين هذه وتلك فخلق عوالم مفعمة بأحاسيس تحمل ما تعج به نفوس شخصيات أحداث روايته الأولى والثانية...
أيها المبدع المسافر دوما عبر شفق الأمسيات ، ومراكب الأمنيات ، ومتاهات الكلمات النديات ...لك من قارئ روايتيك أف ألف سلام.