لا تجزعي فأنا معكِ .. " ابنة الشهباء"
متى تبدو بصائر الحكمة !!؟؟...
إلى أين وهي ما زالت تعاني عذاب الوجد والسهد!! ؟؟...
َمنْ سيرفق بحرِّ صميمها المعذّب, ودمع حزنها !!؟؟..
منهل الصبا يزوي ليستلذ الدهر من مشربه العذب المتألم .. وهي
تروح وتغدو مع بُردة الأرق والقلق دون أن تسمع من أحد سلام عليك
يا أمينة القلب ...
على حين والله ما زالت كريمة مع من وهبته عمرها ,
والقلب يرفض البعد عن أصول الوفاء والإخلاص والود التي نشأت عليها ...
بصوت شجيّ تناديكَ يا توأم الروح :
أهواك !!!........
أهواكَ يا من أقسم بكَ ربّ الخلق !!!...
أهواك فلمَ أنتَ عن الفكر بعيد , وعن كرم اللقاءِ غريب!! ؟؟؟...
أتريد أن أهجرَ قولَ الصدق !!؟؟؟....
ما أصابني ألم دفين أشدو ألحانه من عين تنتحب , وقلب يتألم !! ...
أيّ سندٍ أبحث عنه !!؟؟...
من يسمع شكوايَ سوى رب الكون والخلق !!؟؟؟....
أأنْتَ مشغول عن عذاب الروح والنفس!! ؟؟...
هذا هو نصيبي معكَ يا من جعلت منكَ نبراساً تضيء به قلبَ الفكر!! ؟؟؟...
عن ماذا سأخبرك يا عزيز الفكر بعد أن أعلمتكَ بكل ما يجري
في محيط الروح والنفس!! ؟؟...
والله يا صديقتي أحسّ بالحزن والأسى الذي طوى صفحة عمرك ِ,
وألحظ الدموع التي تتساقط كالدرر من عينيكِ ..
وغير قادر أن أترككِ في حيرة وعذاب من جرّاء ما أصابك....
لا تبكي يا صديقتي ...
فالبكاء لن يُومض لكِ شعاع الأملِ ,وأنْتِ ترقبين من يحسّ بألم ما في داخلك ....
لتصرخ بصوت تهتزّ له الجبال والأوتاد :
أيّ باب سأطلب!! ؟؟...
أيّ طريق أسلكه!! ؟؟....
الأبواب تُغلق في وجه كلّ من أراد أن يقول كلمة الحق والصدق , ومن يحمل في داخله براءة الوفاء والطهر ...
اللسان يهذي , والقلب يضطرب وكأنه مصاب بحمى لا يمكن له
أن يصحو منها ويرى نور الفجر ... ولم تعد تقوى على المسير كما كانت عليه من قبل ...
لكن ما تحمله لا يمكن أن يقتل ويجتث من الداخل الأمل
مادام الفكر قد جعل الحياةَ موقف عنوان صفحته....
أحسنت والله يا عزيزتي حين حملت هذا القول في صدركِ ....
فما استوطن في قلبكِ لا يمكن أن يرى بقيته إلاّ إذا ما ثبت على قول الصدق , واستمسك بلسان الحقّ ....
أنا الآن بين يديكِ يا من أحببت فيكِ براءة الأطفال , وجرأة القول ....
لا تجزعي يا حبيبتي من هؤلاء الطغاة المنافقين الجبناء مادامَ كتاب الله بين يديكِ ...
لا تجزعي ما دام شعارنا قول الله العلي القدير :
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }
العنكبوت69
ألم يكفنا هذا الفيض الغزير من الكرم الإلهي الذي منحنا هذا الوجود الإنساني!!؟؟؟...
أصارحك يا صديق الرأي والفكر في القول :
أدعو الله ليلاً ونهاراً أن لا ينعقدَ اللسان إلا لودّكَ وقربكَ ,
وأن لا يخفق القلب إلاّ حين أصابعي تَضُمكَ , وأن لا يعلو ويسمو الفكر إلاّ من منطقِ شهامتكَ...
الأقدار ساقتني إليكَ لتدّون صفحة العمر ,
وأنا أدعو الله العلي القدير أن أجعل منه رمزاً ثابتاً يضيء لنا لسان الوفاء والطهر ...
عد إليّ يا ملهم الفكر , وأرفق بطلبي وحاجتي إليكَ بعدما تذوقت المرارة من غدر الأصدقاء , وقسوة الأهل والأحباب ......
وفجأة إذ بصوت يجوب الآفاق ويناديني :
لا يمكن يا ابنة الشهباء أن نثبت وجودنا إلا إذا ما جعلنا شعار هدفنا قول الله العليّ القدير :
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }
آل عمران173
والله يا أمينة الفكر لو حملنا هذا الشعار في قلوبنا ,
ووعيناه في صدورنا لجعلنا منه صورة رفيعة وضيئة حيّة
تعلن عن ميلاد جديد للبشرية جمعاء ...
ولن تحمل هذا الشعار إلاً النفوس الكبيرة التي لم تعرف
وكيلاً , ولا ناصراً ,ولا حسيباً , ولا منقذاً لها إلاّ الله رب الكون ....
بقلم : ابنة الشهباء