رواية قصيرة
حوار هادئ .. مع النخلة
هکذا بدأت؛
عند ما صارت حیاتي سلسلة من المحن و الالام و حینما انقطعت الصلة بینی و بین من حولي و تفا قمت علي المشاکل حتی لم اجد لخلاصها مفرا ..
طرق بابي و لکن لا طاقة عندي لکي افتح الباب ..
فهمیت ثم خمدت..
و لکن طرق مرة ثانیة و کانه مخبر او منقذ او لاجئ..
فجرجرت رجلاي نحو الباب
ــ فقلت :
من وراء الباب ؟
لم اسمع صوتا سوی عوي الذئاب
ـ مرة اخری سئلت :
من یطرق الباب ؟
سمعت همسة حزینة دافئة کلیلة الحب
- ردت علي و قالت :
انا .. انا "النخلة"
- لم اصدق .. احقاً انت ؟
- نعم انا ..یا ولدي .. جئت اقاسمک الایام البیض و الایام السود !
لم اصدق .. من بعد هذه القرون کلها رجعت الي وانا بأمس الحاجة لها ..
نظرت من فرجة الباب .. رایتها مشدودة القامة .. مجعدة الضفائر
ففتحت الباب .. وعانقتها وقبلت ایدیها !
فإحتدم الحوار بیننا .. فتشاجرنا وتشاتمنا واخیرا تصالحنا ونسینا ردحاً من الزمن ولم نهتم بقضیان الوقت .
- ثم قالت لي :
ما بک هرمت واعتلت وکانما نخر فیک داء معصيي تعب راسک واکل همک واصبحت نبتة ذابلة ؟
- قلت لها بصوت متهدج وانا فی حالة الهذیان :
انا یا عزیزتي !
لا اشکو من الدنیا وعثرات الزمان .. بل استجیر الله من اهلها
انا یا نخلتي !
دوما تصارعني اسئلة شغلن بالي وابعدني عن الالتذاذ باللیل الناعس والقمر الطالع والشجر البازخ والبلبل الصادح ..
- فقا طعتني بلهجة جافة وقالت :
کف رجاءا عن الزئاط واللوم والعتب المبید في هذا الظلام الحالک !
فتکاثر سعالي وتضایق خلقي ..
فنظرت الیها بنظرة حارقة ناسفة..
- واستمریت بحدیثي وقلت :
لماذا الاجبال الجدیدة اصبحت اقل تحملا للمشقة واضعف صبرا علی المجهود ؟
• لماذا نحن اقل الامم اهتماما بماضینا ؟
• لماذا لم تحدث في اوطاننا انقلابات من الفکر والقلم؟
• لماذا ساستنا کالاطفال یدمرون الحضارة والکتب ؟
لماذا المثقف لم لدیه موقف حیال العالم الیوم وضاع صوته بین انفجار الفقاقیع
والکاتیوشا ؟
لماذا الادیب والمفکر والفنان یتربصون الفرص ویتبعون اللص والمحتال والمنافق والخادع ؟
لماذا شیوخنا لم یذهبوا الی السینما ولم یقرووا الصحف ؟
لماذا شبابنا لم یطالعوا الروایات الریفیة والقصص العصریة ؟
لماذا جامعتنا طردت ابن رشد والکندی وابن سینا من محاضراتها وصفوفها وجعلت الفلسفة فریدة مهجورة؟
لماذا اصبحنا متشتتین متشرذمین ممزقین الاول یرد علی الاخر والاخر یکفر الاول نعبئ جماهیرنا الاحقاد ونربیهم علی العداوة؟
لماذا المسئول یملاء بطنه مما لذ وطاب والشعب یتوسد الارض ویلتحف السماء؟
لماذا لم نبصق في وجوه العملاء والمحتلین ؟
لماذا نعیش للیوم وللساعة وللحال وکاننا قوم کسالی خاملون ولم ترسخ فی ضمیر شعبنا فکرة الغد وفکرة الخلود؟
لماذا اصبحنا بعیدین عن مفاجات الحیاة ونعتقد باننا اشخاص مهمة في البلاد ؟
لماذا لم یحل التفکیر في ادمغتنا ؟
لماذا نعیش في مستوی منخفض من الحضارة والثقافة؟
لماذا الجهل والدجل والتبکیت والنفاق شاع بیننا ؟
لماذا لم یظهر رجل واحد خال من هذه الامراض حتی یحدث في اوطاننا تحدیثا یغیر مصیرنا ؟
لماذا لم تظهر امراة تجعل من طموحاتها واحلامها حقائق تعیشها وتمارسها الناس؟
لماذا لم نتقن صناعة الابرة والضوء والاعیب الاطفال ؟
لماذا تواطا القلم طامعا مخدوعا مرعوبا للملوک ؟
لماذا .. لماذا ترکنا الحقیقة هادئة في مکانها ؟
لماذا .. ؟؟
فاخذت تهز براسها عجبا او سخرا او صبرا ..وتکتمت کثیرا وهمست قلیلا ..
- وجهرت وقالت :
هذه المصائب التی حلت بکم لیست ولیدة الساعة بل هي منذ تاریخ مدید تلازمکم وکانها جزء من حیاتکم الراکدة فانتم تحتاجون للسیر في الجبال والبحیرات والبحار والمحیطات وهذه اسمی رسالة لکم و حتی اشعار آخر :
" ان الله لا یغیر ما بقوم حتی یغیروا ما بأنفسهم..."
وهکذا انتهیت.
رسول جواد الساری