أخي الحبيب
أبا شامة المغربي
جمال مرسي إنسان بسيط محب للناس يبذل كل طاقاته من أجل إسعاد الآخر، يسعي للخير بأمر الله و لا يتواني عنه.
شهد اليوم الثاني من شهر فبراير لعام 1957م الصرخة الأولى في قرية جميلة نائمة في أحضان النيل هي قرية دار السلام بمحافظة كفر الشيخ بمصر.
كان والدي رحمه الله يعمل مدرساً بهذه القرية، وكنت ثالث مولود له، فرعاني وأمي رحمهما الله، وربياني على القرآن، والخلق القويم، وحب الناس، فكان أن التحقت بـ(كتّاب القرية) .. وهو ما يعادل روضة الأطفال في أيامنا هذه، ولكن بطريقة بدائية، وأنا في الرابعة من عمري، فتتلمذت على يد أستاذي المرحوم الشيخ أحمد عابدين الذي بدأ بتحفيظنا القرآن، ومعي مجموعة من أصدقائي الصغار، الذين صارت لهم مناصبهم المرموقة الآن، وكان يتخذ معنا أسلوب اللين والشدة، العصا والحلوى، فحفظنا ما تيسر من كتاب الله في أقل من سنة.
كنت أمارس طفولتي كبقية زملائي في اللعب في أزقة القرية الضيقة بألعاب بدائية لم أنسها، لأن لها ذكريات جميلة عندي، فلما أشرقت السنة الخامسة من عمري، انتقل والدي رحمه الله والأسرة جميعا إلى المدينة، حيث منصبه الجديد، كإداري بمديرية التربية والتعليم بكفر الشيخ المدينة، رغم أنه خريج المعاهد الأزهرية، وأنا أعتبره قدوتي ومثلي الأعلى، فقد كان عطوفاً ومربياً فاضلاً، لا يخشى في الحق لومة لائم، حتى إنني أذكر بينما كنت في القوات المسلحة ضابطا احتياطيا، حاولت التوسط لأحد الزملاء عنده، وكان هذا الزميل مخالفا، فما كان إلا أن أخذت دشاً باردا فوق رأسي أمام موظفي مكتبه، وكأنه نسي أنني ابنه الذي يرتدي الحلة العسكرية أمامه.
التحقت بمدرسة أحمد عرابي الإبتدائية، ثم انتقلت بعدها إلى مدرسة الشهيد حمدي الإعدادية، ومن بعدها إلى مدرسة الشهيد رياض الثانوية العسكرية، والتي أخذت منها شهادة الثانوية العامة، وكان هذا في العام 1975م.
كانت بي رغبة شديدة للإلتحاق بإحدى الكليات العسكرية، وخاصة الفنية العسكرية، ولكن الظروف حالت دون ذلك، فالتحقت بكلية الطب البيطري، التي تخرجت منها عام 1980م.
وبعد أن أنهيت دراستي الجامعية، وأديت الخدمة العسكرية تغير مسار حياتي تماماً، بدءًا من السفر إلى الأردن، ومرورا ببعض الدول الأوربية، كهولند، والنمسا، وتركيا، ويوغوسلافيا، وانتهاءً بالمملكة العربية السعودية التي أقيم فيها الآن منذ أكثر من سبعة عشر عاما أدير فيها إحدى مؤسسات الأدوية.
تزوجت بأم رامي حفظها الله وبارك فيها مع نهاية العام 1988م، ورزقني الله منها بولد (رامي) في كلية التربية قسم فيزياء وبنتين (سلمى في الصف الثالث الإعدادي، ومروة في الصف الخامس الابتدائي)، جميعهم مع أمهم هم كل شيء في حياتي لهم أعيش، ولهم أعطي حبي ووقتي.
كنت محبا للقراءة منذ نعومة أظفاري، وكان أبي رحمه الله يوفر لي الكتب، والقصص، والدواوين التي أحبها حين لمس بي رغبة في الأدب بشتى أنواعه شعراً ونثراً .. حتى حفلت مكتبته رحمه الله بأنفس الكتب، والتي ورثتها منه رحمه الله مستأذنا بقية إخوتي فيها.
وكان القرآن هو معلمي الأول وما زال، فمن كلام الله عز وجل تعلمت فنون الكلام وطريقة النطق ومخارج الألفاظ، حتى إنني فزت بجائزة الإلقاء في كثير من مسابقات الشعر، التي كانت تنظمها الجامعة.
أحببت الشعر حباً كثيراً، وعشقته حد الثماله، وله كرست معظم وقتي وفكري، فقرأت لفحول الشعراء في عصر ما قبل الإسلام، والعصر العباسي، والأموي، والعصر الحديث، ابتداءً من البارودي ومرورا بشوقي وحافظ، وانتهاءً بأدونيس ومحمود درويش، وما زالت القراءة دون انقطاع حتى إنني أقرأ أيضا لكثير من الشعراء عبر شبكة الإنترنت ومواقعها المختلفة، الشباب منهم المخضرمين .
روحي مرحة .. أعشق النكته، والتندر، وأحب مداعبة أصدقائي ومشاغبتهم حتى في ردودي عليهم .. أحببت الناس فأحبوني، وهذه نعمة كبيرة منَّ الله عليَّ بها، فكان لي قبولٌ عند الكثيرين.
أتعامل مع الآخر بأدب واحترام حتى لو أخطأ فيّ، وأغفر له لأنني أيضا لي أخطائي وزلاتي، وأحب أن تُغفر لي، والله غفور رحيم.
وماذا أيضا يا جمال؟ ماذا أيضا ...؟
يكفي اليوم ما سردته، وسأعود بإذن الله لأكمل معك أخي المفضال
محبتي وتقديري لك وللجميع