سياحة ولكن...
أخذت المفاتيح من الدرج,مازالت متعجبة , كيف آل الأمر لها بهذه السهولة, وهي التي حاربت طويلا وطويلا جدا , ورغم هذا كان حزنها في قلبها ينخر العظام.
وصلت ومازال حزنها بلفها بقسوة, خوف خفي يجعلها تفتح الباب ببطء شديد..
رائحة العفن وصلتها أولا,وعتمة صباحيه تلف المكان, تذكرت أوجاع مفاصلها ورطوبة الجو الخانقة هنا.
فتحت الشبابيك فقد شعرت بقرف وضيق, عجت الغبار في المكان, سعال جرح حلقها.
بدأت جولتها بفضول,ليلفت نظرها أولا ذاك العود القابع في غلافه الجلدي المتهالك,رفعته عنه, أمسكته بحنان,
جلست على هذه الكنبة التعيسة,لتتذكر ألحانا طالما كانت تعزفها بتعثر واضح, ورغم ذلك كانت ابنة الخادمة تأتيها لتبكي ..هنا بقربها , ذلك أنه مرة بكيت بكاء مرا لتقول لها سيدكم آذاني كما آذى أمي وصمتت طويلا...
لم تكن تع حينها ذاك العالم الصعب..ولا أوجاع هؤلاء..الفقراء..
تركته لتدخل غرفا أخرى...صورا كثيرة بدأت تتزاحم في مخيلتها بقسوة...
أخرجت من الخزانة الخشبية علبة بنية اللون فتحتها لترى صورا أكلتها السنون..لكنها عرفتها حتما...
ظهرت لها صورته وأمها وهي....!!
أمسكت المقص الذي فيها قصت صورتها, ثم قصته من شاربه..فملأ الصدأ الصورة....
تركتها فجميع ما فيها أكله الغش....
مازالت شجرة البرتقال صامدة رغم مظهرها الحزين...برتقاله واحده كانت تحملها لها...هديه...
أخذتها ,قشرتها بأظافرها أكلتها بنهم شديد وقسوة.....
هناك تحت السرير في تلك الغرفة قبع دفتر قديم لونته السنين....بفيضانات عمر لم يكن ليكتمل....
جملا متناثرة لم تبينها تماما, رغم أن خطها تعرفه تماما....هو والدفتر مازال هنا رغم بؤسه الشديد...
-كان قد أهمل أخته , تلك المتسولة المشهورة على باب المسجد الكبير....
-ترك والدتي نهب المرض...ماتت في حجري..
-سرق عمري............لم ينقذ حياتي .............من عقم..
-صرخ كثيرا رافضا تزويجي وتعليمي..........
-شيد القصور ونهض على بقايا من رفعوه......
-في عصرنا.......... يتجدد عالم العبيد....
خرجت من المنزل الكبير باكية, قفلت الباب بقوة , لترمي المفتاح في ساقية قريبه....
وتمضي دون التفات للوراء....
ليركض خلفها طفل صغير...
-خاله:سقط منك مفتاحك ...خذيه ولا تضيعيه مرة أخرى...سوف أكون هنا بالجوار فلا تترددي بطلب المساعدة, أنا رجل .......
-.......................
أم فراس 1/11-2008
أم فراس 1/11-2008