نحو مربد أكثر جمالا, و سعيا لحرف نقي أنيق جميل نقول:
للكلام غاية ولنشاط السامعين نهاية
. قيل أن الأدب والدين ينبعان من مشكاة واحدة وهي الحق
كيف لا وقد كان القران الكريم معجزة بيانية لأهل البيان
والحرف , كيف لا وكان معلمنا ونبينا محمد صلى الله عليه
وسلم أفصح العرب , وقد قال إن من البيان لسحرا, ولا يستسهلن
أحدكم نعمةانعم الله عليه بها وهي نعمة الكتابة ونقصد المفيد
منها والنافع والخلق كلهم عيال الله وأحبهم لله أنفعهم لعياله.
وان الخرق صفة كل من يكتب ما لم يعتقد جازما انه يجاهد بحرفه
ويناضل بفكره مثله مثل المتأبط سلاحا في ساحة المعركة.
1-الكتابة باللغة العربية الفصحى:لغة إذا وقعت على أسماعنا....
كانت لنا بردا على الأكباد لغة تزيد الفهم , تزيد التواصل, تنشط
التفكير, والحديث بها شفاء للنفوس كما أثبتت بعض الدراسات
أن المتكلم بها يتمتع بقوة روحية وصفاء داخلي وليجربنأحدنا أن
يتغنى ببيت شعري ليرى تبدل حاله وهي لغة البيان والبلاغة قال
سهل بن هارون " بلاغةاللسان رفق , والعي خرق"
2-التكثيف :إذا ضاقت العبارة اتسعت الفكرة .
يقولون في إصابة عين المعنى بالكلام الموجز"فلان يُفلُّ المحًّز,
ويصيب المفصل " واخذوا ذلك من صفة الجزار الحاذق.
أخبر عن الشعبي أنه قال : ما سمعت متكلما على منبر تكلم فأحسن
إلا تمنيت أن يسكت خوفا من أن يسيء "
وخير الكلام ما قل ودلّ.
3-آداب الكتابة:قيل إن نشاط القائل على قدر فهم المستمع
يكفينا من ذلك ذكر ذلك الرجل لعبد الملك بن مروان
حين كان غلاما فقال عنه:انه لأخذ بأربع وتارك لأربع:
اخذ بأحسن الحديث إذا حدث , وبأحسن الاستماع إذا حدث ,
وبأيسر المئونة إذا خولف, وبأحسن البشر إذا لقي وتارك لمحادثة
اللئيم ومنازعةاللجوج, و ممارة السفيه, ومصاحبة المأفون".
وكان جعفر بن يحيى أنطق الناس وقد جمع الهدوء والتمهل والجزالة والحلاوة وإفهاما يغنيه عن الإعادة.
كان مطرف بن عبد الله يقول
:" لا تُطعم طعامك من لا يشتهيه" .
ويقول :" لا تقبل بحديثك على من لا يقبل عليك بوجهه"
4-آداب المستمع:للقائل علىالسامع ثلاث"جمع البال والكتمان ,
وبسط العذر"
يقول أبو عباد " ما جلس بين يديّ رجل قط إلا تمثل لي أنيس أجلس
بين يديه"
وقال بعض الحكماء " من لم ينشط لحديثك فارفع عنه مؤونةالاستماع منك"
وقال عبد الله بن مسعود: " حدث الناس ما حدجوك بأبصارهم, وأذنوا
لك بأسماعهم "
5-آداب الرد:إن عدم التعجل في الحكم و الرد السريع مدعاة للحكمة
وذلك يأتي بتأني والتفرغ للقراءة ولا يمكن تمام الفهم إلا مع تمام
فراغ البال وذم بعض الحكماء رجلا فقال " يجزم قبل أن يعلم , ويغضب
قبل أن يفهم"
وإذا أنكر أحدكم قولا فيلستفهمن من قائله قبل عجالة تثيرسوءا بينهما
ويقول سليمان بن عبد الملك وكان أول كلام بارع سمعوه منه:
" الكلام فيما يعنيك خير من الكلام عما يضرك, والسكوت عما لا يعنيك
خير من الكلام فيما يضرك"
وفي النهاية نختم بقول أمير النثرمصطفى صادق الرافعي:
الكتابة التامة المفيدة مثل الوجهين في خلق الناس ففي كل الوجوه
تركيب تامّ تقوم به منفعة الحياة, ولكن الوجه المنفرد يجمع إلى تمام
الخلق جمال الخُلق , ويزيد على منفعة الحياة لذة الحياة, وهو لذلك
وبذلك يرى ويثر ويعشق.
وربما عابوا السمو الأدبي بأنه قليل , ولكن الخيركذلك,
وبأنه مخالف ولكن الحق كذلك, وبأنه محير, ولكن الحسن كذلك,
وبأنه كثير التكاليف,
ولكن الحيرة كذلك إن لم يكن البحر فلا تنتظر اللؤلؤ, وان لم يكن
النجم فلا تنتظر الشعاع, وان لم تكن شجرة الورد فلا تنتظرن الورد,
وان لم يكن الكاتب البياني فلا تنتظرن الأدب
هذا ما ألهمنا الله أن نقدمه إليكم فاجعلوا جيده مرجعكم وذروا سيئهُ .
والله ولي التوفيق.
طارق شفيق حقي.
28/10/2004
------------------------