[الأخ الدكتور / أبو شامة المغربي
سلام الله عليك ورحمته وبركاته .
شكرا لك على هذه الدعوة الكريمة ، ودعني أحاورك فيما طرحته من أسئلة عالية القيمة ، عظيمة الشأن .
سؤالك الأول
ما الذي يعنيه فن القص والحكي بالنسبة إليك، ثم ما الذي يدل عليه حسب رأيك؟
*************
رزقني الله موهبة القصة والرواية منذ نعومة أظفاري ، مع عشق القراءة ، وأرى أن الكتابة القصصية تنفيس لي فيما تختلجه نفسي من أفكار ومواقف وشخصيات ، وأذكر لك - أخي الحبيب - أنني توقفت عن الكتابة فترة طويلة ، فشعرت بغصة شديدة في نفسي ، كنت قرأ القرآن ، وأصلي كثيرا ، ولم تذهب الغصة ، وعندما أمسكت القلم وعدت للقص ، ذهبت الغصة ، فعلمت من ساعتها أنني ميسر للكتابة القصصية والروائية والمسرحية .
__________________________________________________ _
سؤالك الثاني
كيف كان مستهل الكتابة الأدبية لديك، وما أثر ما تتلقاه بفعل القراءة من أدب في ما تقصه من قصص؟
****************
بدأت الكتابة في سن العاشرة من عمري ، وكانت قصة غريبة جدا ، تخيلت أن قطة تصادق كلبا ، وهما عدوان بالطبع . بالنسبة لقراءاتي ، فإنني أحمد الله أنني قرأت في سن مبكرة روايات عالمية وعربية بلا آخر ، لدرجة أنني قرأت لأعلام الأدب العالمي وأنا في الخامسة عشر من عمري ، مثل : دستوفيسكي ، وتولستوي ، وألكسندر ديماس الكبير والصغير ، وهمنجواي وغيرهم ، وهذا أعطاني بفضل الله ثراء قصصيا واسعا ، وعمقا في التخيل الدرامي .
__________________________________
سؤالك الثالث
إن لأدب القص لدى الكثيرين من الكتاب، حسب ما أرى، مقاما مميزا في ما يكتبونه، ما حقيقة الباعث لهم، يا ترى، على الكتابة في دائرة هذا الضرب من التعبير الأدبي؟
******************
أرى أن الباعث يختلف من أديب لآخر ، ولكن من خلال ما اطلعت عليه فيما ذكره الروائيون والأدباء ، يكاد الجميع يشترك في شيء واحد ألا وهو : أن لديهم شخوصا ومواقف وعوالم روائية يريدون أن يطلعوا القراء عليها ، وأن لديهم مواقف فكرية يرغبون في نشرها . ثم تأتي رغبات أخرى مثل : إثبات الذات والرغبة في التميز ، والشهرة ، وامتلاك القلم بكل مزايا الكتابة وغير ذلك . وهذا ما اعترف به نجيب محفوظ ، وإبراهيم أصلان وغيرهما .
__________________________________
سؤالك الرابع
هل لنا أن نعرف البعض من أهل الأدب والنقد العرب، الذين قرأت لهم أكثر من مرة، وما عنوان أول عمل أدبي وأول عمل نقدي قرأتهما؟
***************
لقد قرأت تقريبا لكل الروائيين العرب ، وكل رواية سقطت في يدي قرأتها ، لم أفرق بين أديب شهير أو مغمور ، بل العكس ، هناك من نال الشهرة على غير استحقاق ، وهناك من لا يعرفه القراء وهو أسطورة في الكتابة . من أبرز من قرأت لهم وأعجبت بهم : نجيب محفوظ ، إحسان عبد القدوس ( في فترة أولى من حياتي ) ، محمود البدوي ، يحيي حقي ، ومعظم قصاصي وروائيي مصر . ومن ليبيا : إبراهيم الكوني ، والجزائر : الطاهر وطار ، واسيني الأعرج ، ومن المغرب : الطاهر بن جلون ، وبرادة ، ومحمد شكري ، ومن الشام : غسان كنفاني ، غالب هلسا ، وجميع قصاصي لبنان وفلسطين والعراق ، وبحكم إقامتي في الكويت قرأت معظم أبناء الحركة الأدبية في الخليج .
____________________________________
سؤالك الخامس
ما السمة الغالبة على الإبداعات الأدبية التي تعثر لها في نفسك على أصوات وأصداء فريدة من نوعها، وما الذي يبعث منها في ذاتك الرغبة في الكتابة والشوق الدائم إليها؟
*******************
سؤال جميل وحساس ، وإجابتي هي أن العمل الطريف الجديد المبتكر يشدني في قراءته ، وفي الكتابة النقدية عنه ، وفي كتابي : تجليات المرئي واللامرئي ، تناولت الكثير من الأدباء العرب الذين لم ألتقهم ولكنني قرأتهم وكتبت نقدا عنهم . وأعترف لك أن التجربة الجديدة تستهويني وتولد في نفسي أفكارا جديدة .
__________________________________________________ __
سؤالك السادس
ترى هل فعل الكتابة الأدبية، شعرا كانت أم نثرا، وفعل قراءة الأدب عموما، في نظرك، هما في حاجة إلى تنظيم محكم ونهج سبيل يجب أن يعتمد بصرامة؟
****************
سؤال رائع ، وإجابتي بسيطة ، إنني مؤمن أن المبدع يأتي بالجديد ويخترق السائد ( في حدود الأخلاق والآداب ) ويبتكر الأشكال الأدبية والقصصية الجديدة ، وعلى النقد أن يتابعه ، وأي ناقد يقولب المبدع في قالب ما ، هو مخطئ بلا شك ، وهذا لا يعني أن يهمل المبدع الشكل الأدبي ، ويكتب على هواه ، بل يعني أن يقوم بالمغامرة الإبداعية بطريقة محسوبة ، منطلقا من تمرسه السابق في الأشكال السائدة . مثال على ذلك : تمرد يوسف إدريس ( قاص مصري ) على تيار القصة الموجودة ، وأبدع كثيرا في القصة القصيرة ، وعندما حاول المغامرة في الرواية دون وعي ، كانت أعماله الروائية من أسوأ ما كتب .
___________________________________
سؤالي السابع
كيف ترى اليوم حال النثر والشعر، وأساليب الناثرين والشعراء، وكيف تجد حال النقد الأدبي، وأساليب نقاد الأدب في البلاد العربية الإسلامية؟
*******************
حال النثر والشعر : أي حال الأدب عموما ، أنا أخالف ما هو معروف ، فقد اتسعت الحركة الأدبية كثيرا ، وانتشر المبدعون ، ولكن المشكلة أن حجم القراء قليل ، رغم اتساع النشر وكثرته وسهولته ، وأرى أن لدينا أجيالا من المبدعين لم يأخذوا حظهم من الشهرة والقراءة .
أما حال النقد : فقد تطورت الحركة النقدية كثيرا ، وظهرت أجيال رائعة من النقد ، ولكن المشكلة هي : وجود جهل بالنقد وأسسه لدى المبدعين أنفسهم ، وأن من يتصدى للنقد في الصحف والمنتديات غير متخصصين نقديا ، ويعتمدون على النقد الانطباعي التذوقي ، دون إدراك لمناهج النقد الأدبي الحقيقية .
شكرا لك والحوار موصول