عن معاني "الأدوات"
حقاً أثار انتباهي العنوان الذي اختاره أخي طارق، و هو يقدم لنا من كتاب" البحر المحيط" لمؤلفه " بدر الدين بن محمد بهادر الزركشي" . ففي ما قدم فائدة كبرى ،بينت لنا مدى غنى لغتنا ، ومدى ضرورة الاستفادة منها لتقويم لساننا و جعلنا قادرين على التعبير بشكل صحيح و جميل في آن. و أن المعاني التي ترد للحرف الواحد " الفاء" كمثال، كثيرة و متعددة،
إلا أن لدي تساؤلاً بسيطاً مفاده هل "الفاء" أداة ، وغيرها ، ك"اللام" و" الباء".... و"مِن " و "على" ... و "إذا" ...لأنه حسب معرفتي المتواضعة فإن الكلام العربي ينقسم إلى ثلاثة أقسام، و الله أعلم، هي: الاسم و الفعل و الحرف ، استناداً إلى قول ابن مالك في ألفيته:
كلامنا لفظ مفيد كاستقم
و"اسم" و " فعل" ثم "حرف" الكلم
واحده كلمة و القول عم
و كلمــة بــها كــــــــــــــلام قد يؤم
فالكلام هو اللفظ المفيد فإن لم يكن مفيداً فلا يمكن اعتباره كذلك. و قد مثل له ابن مالك بقوله: ك" استقم"، فإن قراءتك أو سماعك ل"استقم" حصل لديك فهم. وقد عرف ابن عباس " الكلام" و يسميه الجملة بما يلي:" هو ما تركب من كلمتين أو أكثر، و له معنى مفيد مستقل" النحو الوافي ج1 ص15 دار المعارف بمصرالطبعة الخامسة
فلا بد في الكلام من أمرين معاً ، والكلام لابن عباس، هما "التركيب " و "الإفادة المستقلة"
فالاسم ما دل على شيء مستقل بذاته، كقولك رجل و شجرة وبيت إلى غير ذلك، أي " كلمة تدل بذاتها على شيء محسوس"
و الفعل ما دل على حدث
أما الحرف فلا يدل على شيء مستقل بذاته. ف"من" و" في" و "إلى" وغيرها لا تدل على معنى إلا داخل الجملة.
"جئت من المنزل إلى المدرسة في الصباح" فهذه حروف إن عزلتها لن تؤدي معنى.
و لا أعتقد أن علماء النحو أشاروا في كتبهم إلى الأداة.
فقولك، مثلاً، من ساعد من ؟
و " هل جاء علي ؟"
إن أعربنا" من" الأولى أداة استفهام ، و "هل " أداة استفهام. فلن يؤدي ذلك في الجملة الأولى إلى تدقيق، في حين إن نحن قلنا في المثال الأول من اسم استفهام أصبحنا ملزمين بتحديد موقعه الإعرابي الذي هو "مبتدأ" ذلك بقولنا من : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، في حين " من " الثانية اسم وصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به، و الباقي من الجملة ساعد فعل و فاعل ، زائد المفعول به، الاسم الموصول ، جملة فعلية في محل رفع خبر المبتدأ. فتكون الجملة كلاماً لأنها أدت المعنى ، أو كما يقول النحاة ، صح السكوت عندها وحصل الفهم . و بالنسبة للجملة الثانية ف "هل " ليست مبتدأ و إن تصدرت الجملة ،على اعتبار أنها ليست اسماً بل حرفاً، بدليل قول ابن مالك :
سواهما الحرف ك"هل " و "في" و "لم "
فعل مضارع يلي لم كيشم.
فلنعدل عن الحديث عن "الأداة " عند الحديث في "النحو". ولا أجزم، لأن معرفتي في هذا الباب محدودة ، و الله أعلم.
أبو كمال التطواني
تطوان / المغرب