حين يجوع التاريخ(*)
الشاعر الشهيد راشد حسين(**)
المصدر: مجلة الفجر، العدد12، تشرين أول 1959.
التاريخ كالذئبة يأكل إذا جاع أبناءه؛ وتاريخ الحزب الشيوعي يتمطّى اليوم غولاً ليأكل هذا الحزب. فهو يأكله في كل بلد عربي، وهو يأكله أيضاً في إسرائيل. والتاريخ لا يخطئ. والتاريخ لا يجرم، وإنما يخطئ أحياناً صانعوه ويجرمون في حق أنفسهم. لا لوم إذن على التاريخ إن هو تمطّى اليوم ليأكل الحزب الشيوعي لحماً ودماً وعظاماً. ولا لوم على المرء أيًّا كان، إن هو حمل قلمًا ليسجّل هذا التاريخ. واسمعوا القصة كلها!.
الزرّ الخطِر، والتلوّن:
إن مصيبة الحزب الشيوعي في كل بلد تكمن في تقلّبه. وتقلّب الحزب الشيوعي مرتبط بسياسة موسكو. وسياسة موسكو مرتبطة بمصالح الاتحاد السوع¤يتي. ومصالح الاتحاد السوع¤يتي لا يمكن أن تعبّر عن مصالح كلّ بلد يوجد فيه حزب شيوعيّ. فمصالح الاتحاد السوع¤يتي تختلف عن مصالح الجمهورية العربية المتحدة مثلاً. وحين يعمل الشيوعيون في المتحدة لصالح السوع¤يات يصطدمون بالعناصر الوطنية. ويعملون ضد مصلحة وطنهم. هذه هي الدوّامة التي يُغرق الشيوعيون فيها أنفسهم دائماً! إنهم لا يستطيعون الحراك دون أن يلائموا بين حراكهم ومصالح موسكو. وكأن في روسيا زرًّا خاصاً تضغط عليه يد خفية فيضيء في مكاتب الأحزاب الشيوعية كلّها. بسبب هذا الزر كان ميكونس مرة صهيونياً، ومرة مهاجماً للصهيونية. وبسبب هذا أيضاً كان إميل حبيبي مرّة قومياً، ومرّة أخرى يعمل ضد قوميته. وبسبب هذا أيضاً يجري الآن ما يجري في العراق. فحينما جاء ميكونس إلى إسرائيل كان صهيونياً، بل هو جاء ليحقق حلم الصهيونية بإنشاء دولة. وفي سنة 1936 أعلن ميكونس عن تأييده لمهاجمة العرب لليهود، فكان بذلك يعمل ضد شعبه. وبعد ذلك في سنة 1948 ذهب وأحضر السلاح للهاجاناه ،وبهذا عاد صهيونياً مرة أخرى. واليوم يعود ميكونس ويدّعي العداء للصهيونية. كما يدّعيه أعوانه العرب. وفي نفس الوقت يتشدّق الشيوعيون في الشارع اليهودي، بأن الشيوعيين هم الذين أحضروا السلاح لقوات الهاجاناه لتحارب به العرب. ويفاخرون بشيوعي اسمه جوجَنسكي سقطت به الطائرة وهو ذاهب ليُحضر السلاح من دولة شيوعية لإسرائيل. فلماذا لا يفاخر إميل حبيبي بين العرب بهذا الجوجَنسكي؟.
كلّ هذا التقلّب يجري لأن الزر الخطِر ينذر الشيوعيين دوماً بواجب التقلّب. وما أكثر التقلب في الحزب الشيوعي الإسرائيلي! ما أكثرما غيّر لون وجهه! لقد ظل هذا الحزب طوال تاريخه في "عيد مساخر" متواصل. له كل سهرة وجه جديد. وفي كل صالة رقص رقصة جديدة.
وهاكم براهين أخرى: في سنة 1949 طالب الشيوعيون أن تعلن إسرائيل سيادتها على القدس!. وعندما أيد الاتحاد السوع¤يتي التدويل. عادوا يطالبون بتدويل القدس، ويكتبون المقالات الطوال في أفضلية التدويل. ثم غير الاتحاد السوع¤يتي سياسته وأصبح ضد التدويل، فغيّروا سياستهم وأصبحوا ضد التدويل. وحتى سنة1947 كان الشيوعيون يقولون بأنه لا يوجد شعب يهوديّ!. وظلوا هكذا حتى وقف غروميكو يؤكد وجود شعب يهوديّ. فغيّروا موقفهم. هذه هي مصيبة الحزب الشيوعي الإسرائيلي!. هذا هو سبب كُره الجماهير اليهودية له. وهذا هو السبب أيضاً في كُره الجماهير العربية في إسرائيل له، حينما غيّر موقفه من الجمهورية المتحدة، وأيّد ما يجري اليوم في العراق!.
دورهم في المأساة:
ولنرجع إلى التاريخ القديم لهذا الحزب، وخاصة تاريخ العرب الذين ينتمون إليه ودورهم في مأساة فلسطين: حينما أعلنت الهيئة العربية العليا معارضتها لقرار التقسيم، أصدرت عصبة التحرر الوطني، وهي الجناح العربي في الحزب الشيوعي، أصدرت بياناً تمتدح فيه المفتي، وتسمّي قراره بمحاربة التقسيم بأنه انتفاضة قومية رائعة. وصفّق الناس يومها للشيوعيين. ولكن الشيوعيين العرب كانوا غافلين. ففجأة تغيّر موقف الاتحاد السوع¤يتي وأعلن موافقته على التقسيم. وإذا الشيوعيون العرب الذين كانوا ينادون بوحدة فلسطين واستقلالها ينادون بتقسيمها. وإذا الحزب الشيوعي ينشق على نفسه. وإذا إميل توما وبولس فرح يعارضان التقسيم، بينما فؤاد نصار وطوبي وحبيبي يؤيّدونه. ويركض فؤاد نصار قائد الشيوعيين إلى أبراهام بن صور، المبامي الصهيوني، ويحاول إقناعه بأن التقسيم أفضل من الدولة الثنائية الموحدة التي كان ينادي بها المبام. هكذا مسح العباقرة العرب الشيوعيون ما قالوه بالأمس، فسبحان مبدّل الأحوال. لا. أستغفرُ الحزبَ الشيوعي فقد أردتُ أن أقول سبحان اليد الخفية التي ضغطت على الزرّ الأحمر!.
الفرار:
أصبح الشيوعيون في نظر العرب، بعد موافقتهم على التقسيم، خوَنة. فاضطر قسم منهم إلى الاختفاء. واضطر إميل حبيبي، مع بعض الرفاق، أن يفرّ إلى لبنان. وكان الرصاص يومها يئزّ في فلسطين، والأمّهات يبكين، والأطفال يفقدون آباءهم، والعمال والفلاحون الذين يدّعي الحزب الشيوعي أنه قائدهم يسقطون صرعى، بعد أن أدخلهم الشيوعيون وسواهم إلى نار المعركة ثم تركوهم وسط النار. هرب "القادة البروليتاريون" وتركوا البروليتاريا لتموت. ذهب "الضباط" إلى مقاهي لبنان، وذهب "الجنود" إلى مقابر فلسطين. مع السلامة يا ضبّاط وقادة العمال. هنيئاً لكم في لبنان. وليرحم الله الشهداء والكادحين!.
تذكير:
ولنرجع إلى التاريخ مرّة أخرى: السنة 1948. الشهر آذار. المكان حيفا. الشيوعي إميل توما عضو في اللجنة القومية في حيفا. إميل يجتمع سراً مع قادة صهيونيين!. وقد يدّعي إميل أنه كان يريد إحلال هدنة في حيفا. ولكن الناس سامحهم الله، يسيئون الظن دائماً، وهم يقولون إن إميل كان يسلّم أسرار العرب للصهيونيين الذين يجتمع بهم!. مهما سمى الشيوعيون هذا العمل، فإن العرب كانوا يسمونه خيانة وجاسوسية، لو عرفوا به. وليتذكر الشيوعيون أيضاً: في شباط سنة 1948 تسلل يهودي صهيوني اسمه يوسف واشظ إلى مكتب عصام العباسي الشيوعي أيضاً، وكان مراسلاً لجريدة فلسطين في حيفا، وشكا عصام إلى واشظ تحريف جريدة فلسطين للأخبار التي يرسلها إليها عن حوادث حيفا، وقال: أنا أكتب الحقيقة ولا أضع الذنب كله على الهاجاناه، ولكنهم يحرّفونها. وأنا لا أدري هل كانت الجريدة تحرّف حقاً أم أن عصام أراد استرضاء واشظ، الذي لم يكن مسروراً بما تنشر " فلسطين" عن حيفا، منسوباً إلى عصام. ثم من يدري، لعلّ عصامًا هو الآخر أدلى بمعلومات عن العرب لواشظ!.
واضحكوا ما شئتم وأنتم تقرأون هذا الخبر: في يافا كان سليم القاسم الشيوعي من المسؤولين عن الاستخبارات، يعاونه شيوعي آخر اسمه رفيق الأصفر.. يا سلام!!. وقد ألقي القبض على جورج نصار، الذي كان من أعضاء (ï***™وعالي تسيون)، وحقق معه الاثنان بتهمة التجسس لصالح الهاجاناه. فليحمد إميل توما ربّه الذي نجّاه من الوقوف أمام هذين الرفيقين للتحقيق معه بتهمة التجسّس أيضاً. هل تذكرون كل هذا يا رفاق!. لا؟. انتظروا، لعلّ ما يأتي يذكّركم بتاريخكم في التعاون مع الصهيونية.
أوامر بيروت:
عاد إميل حبيبي نائب الكنيست الشيوعي اليوم، من لبنان، وكان ذلك في تموز 1948، وتسلل إلى إسرائيل سرًّا. توفيق طوبي، نائب الكنيست الشيوعي اليوم، يتّصل بزعماء القيادة الصهيونية، ويطلب مساعدتهم في اعتبار إميل مواطناً إسرائيلياً. إميل وتوفيق يجتمعان بقائد مسؤول في الهاجاناه!. طبعًا قائد الهاجاناه المسؤول يسأل إميل حبيبي عن صحّة الجيوش العربية، وعن صحّة جيش لبنان!. ويصبح إميل مواطناً إسرائيلياً. وينتقل الهمس من أذن إلى أذن، ومن بيت إلى بيت: لقد صدرت الأوامر. أية أوامر؟. وكانت الأوامر صريحة.. فقد اجتمعت الأحزاب الشيوعية العربية، في بيروت، وقرّرت أن الحرب القائمة بين العرب واليهود هي حرب قذرة. وطالب القرار الجيوش العربية أن تنسحب من فلسطين. يعني في مفهوم العرب: أن تسلمها للهاجاناه!. وكان في القرار فقرة أخرى تطالب الشيوعيين العرب في فلسطين بالتعاون مع الهاجاناه، وتشكيل كتيبة تحارب بجانب القوات اليهودية، إن أمكن.. لماذا؟. لكي تساعد على طرد الجيوش المحتلة، أي الجيوش العربية، من فلسطين.
التنفيذ:
وبدأ الشيوعيون العرب ينفّذون الأوامر التي صدرت. ونفّذوها كلَّها، ما عدا أمر تشكيل الكتيبة، لأسباب لا تزال مجهولة. وعلى أثر هذا ألقى جيش الإنقاذ القبض على بعض الشيوعيين في ترشيحا، وبينهم شخص اسمه أنطون بشارة، وحكم عليهم بالإعدام بتهمة التعاون مع الهاجاناه. ثم لم ينفذ الحكم أيضاً، لأسباب مجهولة!. وفي 21 نيسان 1948 سقطت حيفا في يد الهاجاناه. وأصدرت الوكالة اليهودية تعليمات صريحة، بأن يعامَل الشيوعيون معاملة خاصة، وأن يُمنحوا كل التسهيلات الممكنة!. ورأى بقية عرب حيفا في هذا تأييداً لشكوكهم، في تعاون الشيوعيين مع الهاجاناه!. ولم يكونوا مخطئين. وفي تموز 1948 سقطت الناصرة أيضاً في يد الهاجاناه!. وظهر الشيوعيون في الشوارع بعد أيام فرحين مستبشرين!. وأصدرت عصبتهم منشوراً جاء فيه: "إن ما مرّ على البلاد من مآسي وصعاب، وما تكبّده شعبنا العربي من تقتيل وتدمير وتشريد وتجويع، هو من صنع الاستعمار الأنكلوأمريكي، وصنع عملائه وخدّامه رجال الجامعة العربية المأجورين والمتزعمين الخائنين، الذين أغرقوا البلاد في هذا البحر من الدماء والدموع". يا للعجب!. نسي الشيوعيون أنهم قبل شهور كانوا يمدحون المفتي، وكانوا يؤكّدون أن معارضة العرب للتقسيم انتفاضة قومية. وجاء أيضاً في نفس المنشور: "إننا نمدّ يدنا للعمل في سبيل مجتمع عربي جديد يلفظ خارجاً تلك العناصر الدنيئة التي قادت جماهير شعبنا إلى ما يتردّى به من آلام ومشاقّ!". وهكذا نسي الشيوعيون مرّة أخرى أنهم كانوا من تلك العناصر التي قادت الجماهير. نسوا أن إميل توما كان عضوًا في اللجنة القومية في حيفا، وأن سليم القاسم كان من المشرفين على الاستخبارات العسكرية في يافا. لقد نسوا كل شيء! كل شيء!. فقد كان على الشيوعيين أن يبثوا الانهزامية والتفرقة في صفوف الجيوش العربية حتى تنسحب تنفيذاً لأوامر بيروت. وطبعوا مناشيرهم في إسرائيل، أو استوردوها من الخارج بمساعدة الهاجاناه. وبمساعدة الهاجاناه أيضاً، تسلل شيوعي عربي من إسرائيل إلى غزة! وتسلل شيوعي آخر إلى بيت جبرين، ليوزّعا المناشير التي تدعو الجيوش العربية إلى الانسحاب من فلسطين. والآن، ضعوا أيديكم على قلوبكم!. بعد مدّة قصيرة من عودة إميل حبيبي من لبنان إلى إسرائيل، توجّه شيوعي كبير خطير إلى شخصيات صهيونية، وطلب منها إقناع بن غوريون، بأن يعطي الشيوعيين العرب أسلحة، للقيام بثورة في القسم العربي من فلسطين. نعم: ثورة. لماذا يا إميل حبيبي، لماذا يا توفيق طوبي؟. ألِضمّ القسم الباقي من فلسطين إلى إسرائيل؟.
مسدّس وسيارة لصليبا:
ولنرجع إلى الناصرة. كان الحاكم العسكري فيها (إليشع سولدز) عضواً في حزب مبام. ومنذ اليوم الأول من سقوط الناصرة، أخذ يساعد الشيوعيين ، حتى إنه منع "الماï***™اي" من فتح مكتب عمل في المدينة، وأعطى حق تنظيم العمال "لمؤتمر العمال العرب" الشيوعي. وأصبح كل عامل بحاجة إلى رضاء الشيوعيين عنه لينال تصريح عمل. وحتى اليوم يتهامس أهل الناصرة عن رشاوى دفعها بعض العمال للشيوعيين ليحصلوا لهم على تصاريح. أما القائد الشيوعي صليبا خميس فتاريخه مفخرة المفاخر. ومن أنصع صفحاته أنه حصل بمساعدة الماï***™ام على مسدس وسيارة ليصبح أفندياً وقائداً بأربعة وعشرين قيراطاً!. واليوم ينعى صليبا أيام العز، أيام كان يحمل مسدساً ليحمي نفسه!. وممن يحمي نفسه صليبا ولماذا يدافع عنها، لو لم يكن يدرك أن أعماله قد تجعله هدفاً لرصاص قومي متطرف؟! ومن يدري، لعله يخطر ببال صليبا وحبيبي وطوبي أن يطلبوا اليوم أيضاً مسدسات، بدعوى أنهم يخافون من القوميين المتطرفين الناقمين على موقفهم من القومية العربية!.
المفاوضات المباشرة:
والشيوعيون اليوم يقفون ويهتفون: لا لمفاوضات مباشرة بين إسرائيل والدول العربية. ثم ينعتون بالخيانة كل من ينادي بها. ولقد نسي الشيوعيون أنهم حسب شعارهم هذا كانوا سنة 1948 خونة من الدرجة الأولى. واقرأوا ما نشرته جريدتهم "الاتحاد" في عددها الصادر بتاريخ الثاني والعشرين من تشرين ثاني 1948. قالت الاتحاد عن موضوع المفاوضات بالحرف الواحد: "إننا ندعو إلى مفاوضات مباشرة بين حكومة إسرائيل والحكومات العربية. ولكن على أيّ أساس؟ على أساس إنهاء الحرب الدائرة التي فرضها الاستعمار على سكان فلسطين، وعلى أساس سحب الجيوش وتسريحها. إننا ندعو إلى مفاوضات مباشرة تستهدف إنقاذ عرب فلسطين من الاحتلال الأجنبي: إن احتلال جيوش الحكومات العربية الممالئة للاستعمار هو احتلال أجنبي أيضاً" انتهى. هذا ما قالته الاتحاد الشيوعية سنة 1948 دون أن تذكر حق اللاجئين العرب في العودة إلى وطنهم مطلقاً، حتى ولا بكلمة واحدة. لقد نسيتهم لأن محرريها من هُواة النسيان إلا إذا ضغطت يد خفية في موسكو على زرّ إنذاريّ يضيء في مكتبهم. عندها فقط يتذكرون!.
من هو الصهيوني؟:
قلت سابقاً إن السكرتير العام للحزب الشيوعي الإسرائيلي: شموئيل ميكونس، كان مدّة من الزمن صهيونياً. وحتى لو صرخ بأعلى صوته: أنا لم أكن صهيونياً.. فلن يردّ عليه أحد. لماذا؟ إن كل يهودي جاء إلى إسرائيل إنما جاء ليحقق حلم هرتسل، مؤسس الصهيونية في تأسيس دولة يهودية في فلسطين. ولقد جاء ميكونس إلى فلسطين مدفوعاً بهذا الحلم، وظل فيها إلى أن تحقق حلمه ولا يزال فيها إلى الآن. وقد يختلف الصهيونيون في تفكيرهم فيطالب قسم منهم باحتلال الضفة الغربية، ويكتفي سواهم بالحدود الراهنة لإسرائيل. وميكونس من القسم الأخير. وميكونس كان أوّل ما كان عضواً في حزب ï***™وعالي تسيون الصهيوني. وميكونس تربّى تربية صهيونية. وميكونس أحضر السلاح للهاجاناه. وميكونس وكل الشيوعيين يتحذلقون اليوم بأنهم مع الشعب اليهودي لا مع الصهيونية متناسين أن أكثر من95% من يهود إسرائيل يصوّتون لأحزاب صهيونية، أي أن 95% من يهود إسرائيل صهيونيون! فمن الذين يعنيهم ميكونس والشيوعيون بقولهم "الشعب اليهودي". تلك الخمسة بالمئة أم الخمسة وتسعين بالمئة؟. أقنعنا بالله يا حبيبي أن ميكونس لم يكن صهيونياً واستعدّ، فنحن لك عائدون.
الشعب الإسرائيلي:
في سنة 1952 وقف إميل حبيبي على منصّة مؤتمر السلام في ع¤يينا وقال: "لا يوجد في إسرائيل قوميّتان، وإنما يوجد شعب إسرائيلي فقط". وفسّر إميل هذه الثرثرة بما معناه أن اللغتين العبرية والعربية من أصل واحد، وأن الشعبين العربي واليهودي من أصل واحد. وبما أن الشعب اليهودي (أي بني إسرائيل) هم الأكثرية، فيجب أن يسمى سكان إسرائيل ـ عرباً ويهوداً ـ باسم: الشعب الإسرائيلي. ويومها وقف صهيوني معروف، وفنّد أقوال إميل حبيبي؛ وأعلن أن في إسرائيل شعبين: عربي ويهودي. وانتصر الممثلون العرب يومها لأقوال الصهيوني. ولم يوافقوا على أقوال إميل. اللهمّ اهْدِ إميل ورفاقه إلى الصواب، حينما يبحثون فلسفة القوميات!.
أشياء منسية:
والشيوعيون اليوم ينسون أن جوقة حزبهم كانت "تتشرّف" بمقابلة الحاكم العسكري في الناصرة كل سنة في عيد الاستقلال لتنشد له نشيد "البلماخ": أي نشيد الجيش الصهيوني وظلوا كذلك حتى 1952. والشيوعيون ينسون اليوم أنهم أهملوا في سنة 1955 ذكر حق اللاجئين في العودة في برنامجهم للكنيست. والشيوعيون ينسون أنهم حتى يومنا هذا يتعاونون مع الصهيونيين وأنهم يجلسون في مجلس حركة السلام تحت رئاسة رئيس صهيوني! والشيوعيين ينسون، وما أكثر ما ينسى الشيوعيون، أنهم زحفوا على وجوههم زحفاً، يرجون الصهيونيين أن يساعدوهم في إرجاع رفاقهم الذين هربوا سنة 1948 إلى لبنان خوفاً من عواقب أعمالهم. والشيوعيون ينسون أن الصهيونيين هم الذين أحضروا لهم مطبعة جريدتهم على شرط أن تسجل المطبعة باسم شخص صهيوني! الشيوعيون ينسون كل شيء: ينسون تعاونهم مع الهاجاناه، ينسون تسللهم لمقابلة الصهيونيين، ينسون خيانتهم لشعبهم، ينسون المناشير التي وزّعوها بين الجيوش العربية لتبثّ الانهزامية في صفوفها. وينسون أنهم وزّعوها بمساعدة الهاجاناه!. وينسون أنهم طلبوا من إسرائيل سلاحاً للقيام بثورة في القسم العربي من فلسطين!. ليَنْسَ الشيوعيون. وليُمعنوا في النسيان. أما نحن فلن ننسى. نحن القوميين العرب لن ننسى الذين طعنوا قوميتنا أمس، ويطعنونها اليوم!
عن صفحة أدب المقاومة