قبة خضرا
حاجيتكم على قبتنا خضرا،وسوارتها حديد وسكانها عبيد آشكون هي؟
متحلقين حول الجدة في حلقة دائرية، نتسابق لحل لغز الأحجية....قفزت الصغيرة من وسط الحلقة معترضة طريق الخال.
خالي، خالي من أعطاك هذا العلم؟ معلمتنا لديها واحد مثله. وأخدت الصغيرة تردد:
علم بلادي
أحمر
أحمر
.....
عندما رآها عبد الحميد تتبع خطواتها، يريد أن ينتزع منها العلم....لماذا لم تأت لي بواحد مثله؟.....لماذا أنا لا؟.....
مائة مرة قلت لكم، أحضروا ثلاثة أشياء وإلا تحول البيت إلى ساحة عراك (كان صوت الأم حازما)
إلى حين عاشوراء وأشتري لهم ، أجابها الخال بطريقته الساخرة
فيما غرقنا نحن في موجة من الضحك نظرت الأم مستنكرة:
أنا لم أشاهد أية أعلام تباع ،الشينوى أغرقوا البلاد بالدمى والأحذية الرخيصة
الله يهديك ، آلوالدة... لقد كنت في وقفة للترحم على شهداء واحد وتمانين.
خطى عبد الحميد تحدث جلبة في البهو ....ذات الخطى السريعة ،القوية تضرب الإسفلت،تترصد الخطوات،والأنفاس.كان صوتهم على بعد خطوات حين سقطت حبة البطيخ الأخضر من يد الأم ،فتناثرت أشلاؤها الحمراء في البهو من شدة الهلع والخوف وقد زاد ثوب الحداد الأبيض وجهها شحوبا.
لم يدخل حظر التجول في المدينة المضربة سوى دقائق، وهاهي الشوارع والأزقة فارغة ،البيوت موصدة،الرصاص يلعلع في كل مكان......صوت الجارة يمزق السكون المخيم على المكان
إبراهيم أين أنت؟ ياولد الحرام...
ابراهيم المحاصرما بين الزقاق الذي يسكنه والزقاق المجاور لم يجد سوى الممر الضيق بين الأكواخ للوصول إلى بيتهم.كانت حركته وهو يعبر الممر أشبه بحركة القطط التي ألفت التجول بين الأكواخ، وحين وصل ابراهيم ،كانت آثار الدماء تكسو ركبتيه وجبينه، ومن حينها لم يعد ابراهيم يبرح المنزل خوفا من الأحذية و قطط الزقاق، أمي أيضا كانت تسقط حبة البطيخ كلما حل الصيف واشترينا واحدة، فنشرع في ترميمها من جديد لعلنا نعيد تشكليها .ونحل اللغز الذي طالما رددته جدتي،حاجيتكم على:
قبتنا خضرا،وسوارتها حديد وسكانها عبيد آشكون هي؟
متحلقين حول الجدة في حلقة دائرية، نتسابق لحل لغز الأحجية.