ليتني أستطيع أن احمل ورقة وقلما وأكتب كما يكتب عامة الناس ، لكني لاأعرف القراءة ولا الكتابة كما يعرفها عامة الناس ،تأتيني تهيئات وتخيلات، ووساوس، وإيحاءات، ولا أقدر على تدوينها ولا إرسالها ،إن سبب ذلك كله عدم القدرة على الكتابة ولا المراسلة . أمية تسدل ظلماتها وتطويني بين جفنها الكئيب ،لا القلم يطيقني، ولا أنا أطيقه ،القلم ثقيل بين أصابع يدي الخشنة التي ليس لهاعهدة به ،فلا تتناغم الأصابع في حمله ، هكذا رأيته عندما طلب منه التوقيع ذات يوم ،وكان يحمله كما لو يحمل وزرا ثقيلا .سالني أتعرف قيمة القلم ؟قلت: لا ، وكيف لي به؟ وانا لا أقدر على كتابة رسالة صريحة وكلمات واضحة كما يكتب العامة .
نعم،إنه الإختباء وإنها الأمية التي أرخت سدولها على كياني وإنها عادات وطقوس في ملكة نفوسنا ،فكبلتنا أول يوم وجدنا فيه ، لماذا الاختباء والايحاء بدل الصراحة في أسطر لاظل لها إلا نفسها ،ولا بعد لها في النفس ولا في الذاكرة.قلت له ذلك ،فرفض،وقال إنه لا يدري، وكلمة `` لايدري`` لاتفارقه ،فبالرغم من كونها أسطرا قليلة، إلا انها كما قيل من غير الأميين انها ذات دلالات ورموز عديدة ،فعرفت أنه يرفض كل كلمة مبتذلة ويطبق على كلام كما الكلام المتعالي عن كل عفوية ومرونة ،فليتني كنت كلاما لأستقر في أي مكان اشاء وشيئ لي ان اكون، لانعم في ظل إحساس ونضج مشاعر بدل ظلمة رؤيا وامية جاثمة، فيكون الجمال وبعض الكمال.