شعر : علي طه النوباني
إهداء إلى فقراء العرب وبخاصة الأطفال الذين قد يموت الكثيرون منهم برداً في فصل الشتاء القادم بسبب الارتفاع الشديد في أسعار مشتقات النفط .على الرغم من أن العرب هم خزان النفط لكل العالم .***
[FONT=Arial Black]بالأمسِ رتقتُ ثيابي
تشرين ُالبارد أثلجَ ما كان دفيئاً في آبِ
وبيوتُ النملِ اختبأت
وبقينا نلهثُ خلفَ سرابِ
تلسَعُنا نَسَماتُ البردِ
ونحبو في الوحل كما الأفعى
نبتاع تراباً بترابِ
" اتَّـق شــرَّ البرد بدينارين
وتزوَّد بسرابيلِ الأغرابِ
في هذا ثقبٌ تحتَ الكتفِ الأيمن
أمّا ذاك فزوِّدهُ بسحابِ
وتَنازل عن كِبركَ يا هذا
فلقد جئتَ بلا أنياب"
***
ضوضاءُ السوقِ مروّعةٌ
وضواريها
سرقوا أسيافي وحرابي
أعزل في معركة داميةٍ
ينعقُ فيها ألفُ غرابِ
ونسيمكَ يا تشرينَ شراعٌ
مزَّقني بين ذهابٍ وإيابِ
تشرينُ
أتيتَ وما في الجعبةِ سهمٌ
والتعويذةُ ينشدها صوتُ مرابي
ومجانينُ الفاقةِ أسكرهم
في ليل البؤس نباح كلابِ
تشرينُ
إذا عدتَ تعالَ دفيئاً
فالموقدُ مكسورٌ في سردابي
وجيوشُ الكفرِ مخبأةٌ عنكَ
بألفِ حجابٍ وحجابِ
* * *
تشرينُ ، أنا أعرفُ
للعمر نوافذ مغلقةٌ
وذئابٌ واقفةٌ في البابِ
وأخافُ إذا ما أشرق فجري
أن يُنذر للموت شبابي
للظلم سيوفٌ مشرعةٌ
ومعاولُ هدمٍ وخرابِ
وجنودٌ أكثرَ من رمل الصحراءِ
يسيرونَ على هديٍ كذابِ
تشرينُ وفي رأسي شيبٌ
وعلى كتفي كومُ رقابِ
* * *
تشرينُ وأعرفُ
في دورتك الأولى
كلُّ أزاهيرِ الأرضِ انتظرتكَ
وكلُّ بذور الأشجارِ
قطراتُ الماءِ الأولى
كانت أنشودةَ عشقٍ
ردَّدها الأطفالُ وطاروا
مثلَ فراشاتٍ أيقظها دفءُ الضوءِ
وتهليلُ الأسحارِ
كان هدير مزاريب الليل على سمع الدنيا
أحلى من عزف القيثارِ
تشرينُ
وكنتَ رسولاً للفجرِ
وكنتَ الفاصلَ بيَن الجنةِ والنارِ
لكنَّ الزمن الآتي غيَّر وجه الدنيا
غرقت سفن العشقِ
ومات إله الحبِّ
وزهرتك الأولى ذبلت في غابة صبارِ
والعازف عاد إلى عالمه السفلي
وما أبقى غيرَ صفير الصحراءِ
تشرينُ إذا عدتَ تعالَ دفيئاً
فالبردُ نصيبُ الفقراءِ[/FONT]