من المؤسف أننا في قرن التكنولوجيا نعاني من أميّة مستعصية أعيت من يداويها
فتجد المثقف " المسقف" يعاني من صداع التخلف والقدرة على التمييز بين الحقيقة والباطل
ذلك هو حال جيلنا المتمكن من زرع الفيروسات ومن ثم محاربتها بوضع البرامج والأيقونات – إن صح التعبير –
أما الأميَة إلي أقصدها فهي داء من نوع جديد ووزن ثقيل
مجتمع الأكاذيب العالمي في الشبكة العنكبوتية .... هاهي تطل علينا بالجديد من رياح الغوغائية والتسطح والكذب حتى الخزعبلات لم تسلم منها.. والمضحك أنها تجد شريحة كبيرة من المثقفين في طريقها لتخبرهم ويصدقون دون أن يصدر منهم أي ردة فعل صحيحة متمثلة في البحث والتنقيح عن مصدر تلك المعلومات ومن ثم الرد عليها
وأول تلك الخزعبلات " قصة كوكب ليبييرو" المتمثلة في انتهاء العالم عام 2012م حيث أن سبب حدوث الفيضانات والزلازل هي القوة مغناطيسية الجبارة التي يمتلكها ذلك الكوكب فكلما اقترب من الأرض أدى إلى إخراج مافي داخلها فكان سببا رئيسيا في الكوارث التي تحصل .... ما أثار دهشتي أن الخبر انتشر كسرعة النار في الهشيم وبطريقة خبيثة وذكية عن طريق دغدغة مشاعر المتدينين والحافظين لكتاب الله والمتعطشين لربط مايحدث في الكون بالقرآن الكريم فتجد الأدلة والبراهين على صحة أقوالهم منقولة من كتاب الله "بتفسير مغاير تمامًا للحقيقة " وكما قيل كلمة حق أريد بها باطل "
والمشكلة أن المصدر – كما قيل – من وكالة ناسا والتي بدورها نفت الخبر جمـلةً وتفصيلا
أما الأكذوبة الأخرى فلا أجد أحدًا إلا وقد علم بها " لقاح انفلونزا الخنازير وما أدراك ما لقاح انفلونزا الخنازير"
فقد انتشرت عبر المنتديات والمواقع الخبر الشهير(هناك خطة مدبرة لتقسيم العالم إلى قسمين الأول أذكياء مسيطرون على العالم والنصف الآخر أمة مغلوبة على أمرها أنهكتها الأمراض مستعبدة يموت الكثير منهم)
طبعا لا تنسى أخي القارئ نظرية المؤامرة التي أطلت بظلالها على عالمنا العربي والإسلامي وأننا المقصودون دومًا بأي ضرر
" يا آلهي يريدون تدميرنا لأننا الأذكى ولأننا أهل العلم وأهل الدين " يريدون أن يقضوا علينا عن طريق خلق جيل مصاب بأمراض عقيمة لا يمكن علاجها مثل التوحد بين الأطفال بل ربما يؤدي هذا اللقاح إلى قتل الخصوبة بين شعوبنا العربية لا... لا ... لا ... نسيت بل ربما يتسبب في نقص العمر الافتراضي للإنسان"
بربكم أي عاقل يصدق مثل تلك الأقاويل وللأسف وجدت تلك الأخبار صداها في الشارع العربي
فالكل خائف على جيناته فتجده خائفًا على ذريته التي سينجبها ومنها صلاح الدين الأيوبي بل منها ابن سينا ....
وربما هو خائف من العقم فعددنا قليل جدًا ونريد أن نتكاثر لننجب المزيد والمزيد من الراقصات والمطربين والممثلات والمخربين الذين لانراهم إلا عبء ثقيل على الطرقات والمستشفيات والمرفقات العامة " اعذروني"
هل تريدون المزيد
ابحثوا في مؤامرة الشامبو والمادة التي تسري في تكوينه وتؤدي إلى أمراض السرطان
وعن مؤامرة شركة ديل للحاسوب
وأخير .. وليس آخرا
من خلال بحثي – وجدت أن التفسير المنطقي لسرعة انتشار مثل تلك الإشاعات في شارعنا العربي هو الثقافة الضحلة والأمية المتأصلة وقلة الوعي بيننا - للأسف
ماجعلني اكتب هذا المقال هو غضبي من المتعلم الجاهل والعاقل المجنون .. إذن لاحرج عليكم
أيها المدققون والمنقحون والمتعلمون أين أنتم ؟!
هل ضعتم بين صفحات تلك الشبكات ؟!
مادوركم ؟!
لماذا أهملتم القراءة الجادة فيما ينفع لتبحثوا فيما لا ينفع؟!
نقاتل بعضنا البعض بوابل من الكلمات والتقارير الصحفية المنمقة
نقاتل بعضنا بسبب لعبة تُضرب بالحذاء -أعزكم الله-
فهاهي مصر تقاطع الجزائر
وهاهي الجزائر تقول وتكتب وتتوعد بدافع الحرية
يالنا من شعب قابع وراء شاشات لا يعرف كيف ولمن يسخرها
المعذرة إن أغضبتكم
