لا أعرف إن كنت لاحظت هذا من قبل، ولكنك تفضل استعمال أذن واحدة فقط حين تتحدث بالهاتف!!
ليس هذا فحسب، بل يعتمد استعمالك لأذن دون أخرى على علاقتك بالمتحدث وطبيعة الموضوع الذي تتحدث فيه ...
فمن المعروف أن أدمغتنا مقسومة إلى نصفين: (أيسر) خاص بالمنطق والتفكير الحسابي والتحليل الرياضي والتفاصيل الدقيقة، (وأيمن) خاص بالعاطفة والمشاعر والتفكير الإيماني والنظرة الشمولية .. وكل أذن لدينا ترتبط بنصف واحد فقط مما يجعلنا نفضل استعمال أحد الأذنين بحسب ميلنا لإحدى الجهتين وطبيعة الموضوع الذي نتحدث فيه .. ولهذا السبب بالذات (خذها نصيحة) وأهمس في الإذن اليمنى للإنسان إن أردت طلب مساعدة أو معروفا أو حتى مسألة غير منطقية (كون ذلك يذهب بكلامك مباشرة الى مركز العاطفة ولغة التخاطب) في حين يستحسن أن تتحدث في أذنه اليسرى في حال أردت إقناعه بمسألة منطقية أو قضية حسابية أو حتى التعامل مجددا مع صناديق الاستثمار السعودية...
فنحن كبشر ننقسم كما تنقسم أدمغتنا إلى فئة تميل للمنطق والتحليل والتسلسل والبحث عن السبب (وهي فئة يغلب عليها النصف الأيسر وتميز معظم الرجال) في حين تغلب العاطفة والمشاعر والاعتقاد الفلكلوري على النساء، والفئة التي تغلب عليها سيطرة النصف الأيمن !!
وهذه الحقيقة الغريبة لا تؤثر فقط على تفضيلنا لإحدى الأذنين بل وتحكم أيضا استعمالنا للكلمات المنطوقة ونظرتنا للألوان وطريقة فهمنا للأمور، بل وحتى طريقة لبسنا للحذاء واليد التي نرفعها في قاعة المحاضرات ... !!
وغني عن القول إننا نتحدث هنا عن نسبة الميل وأرجحية الاستعمال، وليس حتمية البقاء ضمن نصف دون آخر، فجميعنا في الحقيقة يستعمل (وإن تفاوتت النسب) كلا النصفين عبر جسر عصبي يربط بينهما يدعى Corpus callosum .. ولكن العجيب أن المرأة تملك كثافة عصبية أكبر في هذه المنطقة وبالتالي تنتقل لديها المعلومات والرسائل بين الطرفين بشكل أفضل .. وهذا التفاوت بين أدمغة الجنسين هو مايفسر مبادرة الرجل لتحليل المواقف التي تواجهه بشكل حسابي وتفكير منطقي (باستعمال النصف الأيسر فقط) في حين تميل الأنثى إلى استخدام كلا النصفين فتصدر أحكاما أقل حدة وأكثر مزجا بين العقل والعاطفة (... وكم رجل حاولت والدته أو زوجته إقناعه بالخروج من سوق الأسهم في الوقت المناسب، فواجهها بابتسامة ساخرة مستشهدا ببيانات المؤشر وأرقام الارتفاع المتواصلة) ...
وفي الحقيقة أن قدرة المرأة على المزج بين نصفي الدماغ أمر لا يحتاج (لتشريح) كوننا نلاحظ جميعنا تفوقها في معدل الكلمات ونسبة الثرثرة والقدرة على التشعب في المواضيع .. وهذه المهارة اللغوية ليست سوى جزء من اختلافات ذهنية كثيرة نلاحظها بين الجنسين، مثل مهارة الرجال في عمليات الميكانيكا والتركيب والقضايا الحسابية، ومهارة النساء في التواصل وإدراك المشاعر والتفريق بين الألوان!!
... ولو كانت لدي نصيحة أخيرة أوجهها للنساء فهي تحديد الأهداف، وترتيب المطالب، وعدم التفرع عند التحدث مع الرجل في المسائل المهمة (فالعقل الذكوري لا يتحمل الأحاديث الفضفاضة، ويفضل المسائل المحددة والإجابات الواضحة) .. وفي المقابل يرتكب الرجل غلطة عمره إن حاول إقناع زوجته بالأرقام والأدلة والبراهين (واستبدالها بقبلة على الجبين) !!
.... أما نصيحتي لكلا الجنسين فهي ببساطة :
حدد -مسبقا- الأذن التي تريد أن يسمعك بها الطرف الآخر !!!
المصدر