نثرنا العربي في العصر الحديث.. إلي أين؟
بقلم: سامي فريد
...............
حظي النثر العربي في النهضة الأدبية الحديثة بدراسات كثيرة كان لمؤلف هذا الكتاب تطور النثر العربي في العصر الحديث جهد ملموس في دراسة بعض ملامحه في مدرسة البيان أو القصة القصيرة أو الرواية أو المسرح جمعها في خمسة فصول يتضمنها الكتاب, يناقش في الفصل الأول العوامل التي أدت إلي النهضة الأدبية الحديثة في بلادنا متناولا بعض القضايا المهمة من خلال منظور مختلف يضعها في سياقها السليم, ويكشف عن بعض الجهود التي أهمل الباحثون الحديث عنها أو لم يعطوا دورها حقه الواجب من الاهتمام. ويعرف الأستاذ الدكتور حلمي محمد القاعود مؤلف الكتاب في فصله الثاني المقال وتطوره فنيا,
والعلاقة بينه وبين غيره من الفنون كالخطبة والمقامة والأحاديث والفصول والرسالة متوقفا عند مقوماته الفنية من خلال رؤية غربية وعربية مع تطبيقات علي أبرز أعلامه في الوطن العربي, وتقديم نماذج لمقالات بعضها تظهر اتجاهاتهم وأساليبهم. ثم يتناول الدكتور حلمي القاعود في الفصل الثالث فن القصة القصيرة شارحا تطور المقامة الحديثة في اتجاه القصة القصيرة, راصدا التجارب الأولية لها من خلال المدرسة الحديثة التي كان أبرز أعلامها محمد تيمور ومحمود تيمور وعيسي عبيد وشحاتة عبيد ومحمود طاهر لاشين وأحمد خيري سعيد ويحيي حقي, متوقفا عند أبرز أعلامهم ومقدما نماذج لبعض كتاباتهم, مناقشا فنون القصص العربي القديم
وعلاقته بالنص الحديث, ثم يعمد الدكتور القاعود بعد القصة القصيرة إلي دراسة فن الرواية في الفصل الرابع لنقرأ نشأتها وتطورها, ونتعرف علي أهم أنواعها ثم مقوماتها والفارق بينها وبين القصة القصيرة مع وقفة مع بعض أعلام الرواية متناولا بعض النماذج من أعمالهم, ويخصص المؤلف فصله الأخير للمسرحية من حيث نشأتها وتطورها وبيان مقوماتها وتحليلها وتأثير المذاهب الفنية المختلفة علي تقاليدها, ثم الوقوف عند أهم أعلامها مع مناقشة بعض نماذج من أعمالهم خاصة توفيق الحكيم في مسرحيتيه شهر زاد وبيجماليون.
وفي الكتاب لا يفوت الدكتور حلمي القاعود أن يشير إلي التراجع الذي حدث علي النهضة الأدبية العربية الحديثة دون التطرق إلي أسباب هذا التراجع مكتفيا بالتنبيه إليه بعد كل ما كتب في الصحف وعرض في أجهزة الإعلام المختلفة عن المحنة التي يتعرض لها الأدب المعاصر واللغة العربية في مواجهة التيار الشرس المضاد لهوية الأمة وثقافتها والذي يحتاج منا إلي التكاتف وتوحيد الجهود لدحره انتصارا لأدبنا ولغتنا, ويورد المؤلف آراء ثلاثة عن القصص العربي القديم وعلاقته بالقص الحديث يقطع أولها الصلة تماما بين القصص العربي القديم والقصص الأوروبي الحديث بل يذهب إلي أن الطبيعة العربية ضد الفن القصصي أساسا.
أما الرأي الثاني فيؤكد وجود هذه الصلة قائلا بأن القصص الحديث ما هو إلا صورة متطورة لفن القص العربي القديم, في حين يقول الرأي الثالث إن لدينا قصصا عربيا قديما ولكن القصص الحديث لا علاقة له به. ومن نشأة الرواية وتطورها يستشهد المؤلف بما قاله يحيي حقي عن أول رواية فنية في كلامه عن رواية زينب للدكتور محمد حسين هيكل عندما يقول: من حسن الحظ أن القصة الأولي في أدبنا الحديث قد ولدت علي هيئة ناضجة جميلة فأثبتت لنفسها أولا حقها في الوجود والبقاء واستحقت ثانيا شرف مكانة الأم في المدد منها والانتساب إليها.
........................................
*الأهرام ـ في 17/9/2009م.