بشرك الله بالجنة أخي يوسف ! .
مثل هذه القراءة تشحنني بالعزم على تطوير قلمي والاستمرار في طريق الكتابة رغم أشد العوائق .
أنتظر بشغف بقية هذه الإضاءات .
|
بشرك الله بالجنة أخي يوسف ! .
مثل هذه القراءة تشحنني بالعزم على تطوير قلمي والاستمرار في طريق الكتابة رغم أشد العوائق .
أنتظر بشغف بقية هذه الإضاءات .
المبدعة مريم
مساء الورد
أنت تستحقين أيتها المبدعة وبلا أية مجاملة
ومحموعتك رائعة وهذا لايعني خلوها من السلبيات
لكننا سنأتي على إيجابياتها وهي كثيرة وسلبياتها وهي قليلة
وهذه القراءة للغة هي مدخل القراءة القادمة التي ستكون أكثر عمقا ودقة إن شاء الله
وآمل أن أكون أوفيت جانب اللغة حقه من القراءة
وهو جانب هام سيبرز ثانية عند قراءة البنىالسردية في المجموعة لارتباط السرد ارتباطا حيويا باللغة
شكرا لك
الأخ الكبير والشاعر القدير يوسف أبو سالم :نت أتمنى أن أقرأ المجموعة لكن للأسف لم أستطع قراءة سوى ثلاثة قصص فقط لذلك انتظر ان تتم القراءة لكي نجعل الحوار أكبر أخوك محمد
أخي يوسف :
عندما تكمل قراءتك بإذن الله سأخبرك لماذا كنت قلقة عند صدور مجموعتي بخصوص اللغة فيها .
البنى السردية في مجموعة مريم الضاني سرداب التاجوري...
(1 )
تشكل البنية السردية في القصة القصيرة بصفة خاصة ، معيارا هاما ، لقدرة المبدع على إيصال فكرته وأجوائها ودواخلها ، وكذلك بيئتها وأبعادها المتقلبة والمتنوعة للمتلقي ، بما تحتويه من لغة مركزة على مرونتها ، ومنهمرة على جزالة تركيبها اللغوي ، وسرد تلقائي ، لا يعتوره التكلف ، ولا يشوبه التردد وعدم الثقة ، والبنية السردية يمكنها أن تحلق بالفكرة إلى عنان السماء لتتلقفها الغيوم فتمطر زلالا رائقا ، أو تسقط في قيعان من الطين فتتلوث ، ويصبح قوامها رجراجا لا شكل ولا روح له .
وها نحن نبدأ بالتغلغل في الكيفية التي أنشأت فيها مريم الضاني بُناها السردية على مدار قصص المجموعة فماذا نجد .
في البدء سأضطر إلى تكرار القول كما ورد في قراءة اللغة وهي أن مريم تجعلك تحس وأنت تقرأ قصصها أنها ( تحكي وتبوح ) أكثر مما تقص ..وخصوصا في قصصها التي تتناول أبعادا ذاتية مثل ...سرداب التاجوري وعصفور على النافذة وصباح الدم وأسبرين...الخ
ويمكنني القول أن البنى السردية في المجموعة تتوزع على النحو الآتي...
_ الراوي
والذي تشعب إلى
الحديث الداخلي مع النفس ( ضمير الأنا ) أو ما يسمى بالمنولوج الداخلي . ضمير المخاطب الغائب الحواروبالطبع تتعدد التفاصيل التي تتشعب من كل نوع من الأنواع ، ولكن هذه القوالب هي التي برزت في طريقة السرد في قصص المجموعة عند مريم .
_ ضمير الأنا
استخدمت المبدعة هذا الأسلوب في قصص عديدة في مجموعتها لعل أهمها ...
أسبرين....
( إنه يومي الأول من أيام التقاعد ، ارتديت قميصا ورديا ، توقفت هنيهة أمام المرآة )
ثلاث على الطريق ..
( جلت ببصري في السماء المكفهرة ، أكاد أسمع زفيف الرياح )
سرداب التاجوري...
( وأذكر أنني كنت أجد كلامي وضحكي بل وأنفاسي تختبىء بين طوب البيت القديم )
صباح الدم ...
( أتأملك يا أبي من رواء فرجة باب حجرة نومي )
عصفور على النافذة ( عدت من عملي تناولت غدائي ، ثم استلقيت على سريري )
انتظار ...
( يجثمون على صدري كالجبال ، يحيطون بي كالأسلاك الشائكة )
مارد ...
( ها أنت يا خالد تتراءى لي من جديد )
ويلاحظ أن استخدامها لهذا الأسلوب ، ارتبط إلى حد ما بالقصص التي تبحث الهم الذاتي ، ولا تتطرق للهم العام ، إلا بلمحات لا تكاد تذكر .
وطغت على هذا الأسلوب شاعرية منسابة ، وشجون عميقة ، نلحظها في ثنايا السرد ، وخصوصا في
أسبرين
لنقرأ الشجن العميق هنا ( أبلة سعاد المديرة ، لا أحد يراك الآن ، هيه ، أين الملامح الصارمة التي تخشاها الطالبات )
ولنقرأ الشاعرية المتدفقة الرقراقة في مارد
( أتنكرين أنك ما زلت ترتدين الفستان الأزرق الساتان ، وتصرين على اقتناء العطر الذي أهديته لك ذات مساء حالم )
ونقرأ أيضا شاعرية شجية شفافة في عصفور على النافذة ( فتحت عيني بقوة ، حين تناهى إلى سمعي تغريدك قرب النافذة ، تمتمت .....عصفور هنا ...!! )
( هل تعيش وحيدا ؟ وهل جربت صقيع الغربة ؟ عندما ينساك الآخرون ؟وعندما تدمن البكاء ؟ وحين تهبط كريشة في هاوية لا قرار لها ) شجن يمتزج بشاعرية حزينة تمطر فيها سحابات الإحساس بالغربة.
وكذلك تميز هذا الأسلوب بالتذكر واستخدام الفلاش باك في لقطات متعددة ، نقرأ في ثلاث على الطريق
( آه ما تزال تلك الأيام تجوس كالخفافيش في سراديب غرفة الإفاقة من العملية )
وفي مارد
( ها أنت يا خالد تتراءى لي من جديد ، تحت تلك الشجرة ، وعيناك المشبعتان بالإنكسار ، لا تبرحان عينيّ ) .
وفي سرداب التاجوري نقرأ
( كانت حكايات أمي ، تتفتح فوق السطح كالأزهار ، ) ثم تسرد وصف الأم الرقيق لقريتهما الفلسطينية وأشجار البرتقال والزيتون فيها وسمائها الصافية وهوائها العليل )
وفي صباح الدم
( التي نستطيع القول أن معظمها استخدمت فيها هذه التقنية ..مع تقطيع حسب الحدث )
_ ضمير الغائب
وهو الأسلوب الذي استخدمته في معظم القصص الباقية والتي تتطرق فيها للهم العام غالبا .
طرب وحرب وبرتقال
( أوقف سيارته أمام السوبر ماركت ) ( أطفأ سيجارته وفك أزرار قميصه )
وفي ضوء
( أغلق التلفاز وخرج إلى السوق ، لا يلوي على شيء )
وفي مثل ما أحب أمي
( كانت ليلى تراقب الطبيب بضجر )
وخارج المفكرة
( تلفت حوله متأملا المقبرة الشاسعة الموحشة )
وصناديق البكاء
( جلس القرفصاء على الرصيف المقابل للدار )
وفي بائع الشراريب
( التفتت إليه امرأة وجعلت تقلب بضاعته ، والنساء يتجولن بين الدكاكين ، وفجأة خرجت من إحدى الحارات الضيقة سيارة مسرعة ) .
تقطيع المشاهد
وهو أسلوب يستخدم لوصف الأحداث المتشعبة عن الحدث العام أو التي تغذيه وتصاحبه ، وكذلك تجعل القاريء يحيط بـأبعاد القصة في زمن متقارب ، وهذا الأسلوب يستخدم عادة في الرواية .
لكن مريم استخدمته هنا بمساحات قليلة لأن القصص أساسا قصيرة
ففي أسبرين
( كانت تصف مشهدا لها وهي تبدأ بتنظيف المنزل ، ثم انتقلت إلى وصف مشهد وصول زوجها وسماعها لصوت سياراته ) ( وانتقلت بعد إسدال الستارة إلى وصف مشهدها وهي تتذكر وتستدعي في مخيلتها الزوجة الأخرى طالبتها ( سحر ) .
وفي طرب وحرب وبرتقال
( تصف مشهد البطل أمام السوبرماركت ، وتسكعه بالممرات حتى سماعه للأغنية الحدث بدورها ) ( ثم وصف مشهده وهو يفتح المذياع ويستمع إلى محاضرة عن الإمام أبو حنيفة ) ومشهده وهو يسمع خبر الغارة على غزة وتداعيات هذه الغارة في نفسه ) وفي المشهد الأخير وهو المشهد المتألق ( وهو الذي تصف فيه تناقض حسرته ولهفته على الإطمئنان على بلده وأهله ، مع إهتمام أطفاله الذين لم يصغ إليه أحد منهم ، وهم منشغلون ببرنامج ( السوبر ستار ) .
والرائع هنا في سرد هذه القصة
تعدد المشاهد وارتباطها جميعا مع أغنية يالبرتقالة التي كانت تفصل بها بين مشهد وآخر كلازمة إحتجاجية صارخة ...!!!.
وفي مارد ( تتناوب المشاهد مرة في وصف جلسة ودية مع زوجها سامي ، وأخرى مع عصف الحوار في مشهد تذكرها لزوجها السابق خالد ، إلى أن تصل إلى وصف مشهد شديد الدلالة في صراعها النفسي بين حبها لزوجها السابق ورغبتها في استمرارحياتها مع زوجها الحالي من جهة وسيطرة مشهد بروز خالد الزوج السابق الذي خلعته ..وكأنما هو مارد يتلبسها ( لشدة إحساسها بالذنب لأنها خلعته دون ذنب منه ولأنه لا ينجب أطفالا ، ) ( ولا تنسى أن تصف صراعها النفسي بين حبها وزواجها ورغبتها بالأمومة ) .
على أن تقطيع المشاهد عند مريم لم يكن تقطيعا سينمائيا بفصل بين المشهد والآخر تماما ولكنه كان أشبه باللقطات المشهدية المرتبطة بخط السرد العام للقصة .
ولا ننسى أن نشيرلاستخدامها أسلوب سرد آخر في قصة واحدة فقط وهي ( أخرج يا سعيد ) وهو أسلوب الرسالة الموجهة للزوج وربما أرادت مريم أن تنحو هنا إلى التجريب في هذا الأسلوب .
يتبع .........
البنى السردية في مجموعة مريم الضاني سرداب التاجوري...
(2 )
أما الحوار
فقد استخدمته بين حين وآخر في معظم قصص المجموعة ..ولم يكن طويلا بحيث طغى على بنية السرد العامة ، ولكنه كان يستخدم لضرورة الحدث وتنامي السرد بين حين وآخر .
واستخدام الحوار يضفي على القصة نوعا من عدم الملل ...ويضيف لبنية السرد نمطا مألوفا قصير الجمل شديد التأثير مباشر وربما لاذع ومعبر أحيانا .
وألتقط من حورارتها بعضها لنقرأ في مارد
_ لا تلمني على أمر ليس بيدي يا خالد أنت تعلم أنني أحب الأطفال بجنون
_ لو كنت مكانك لما تخليت عن أحب إنسان لدي
_ ربما ، ولكن ليس لأنك أشد وفاء مني ، بل لأنك رجك لديك خيارات أخرى
وكذلك نقرأ حوار قصيرا آخر في علاقة وهو حوار استوعب القصة كلها تقريبا وكان حوارا غير متكافيء بين زوجة مظلومة لا حول ولا قوة لها ..وزوج عابث لا يحترم مشاعرها
_ ألن تكف عن إيذائي
_ أنا لا أوذيك أنا ألعب ....!!
_ أنظر إلى جسدي المثخن بالجراح من جراء لعبك
_ أنا لا أتعمد إيذائك ، ..أنا ألعب ...!
ولكنك أقرب الناس إلي ، ويجدر بك أن تتجنب إيذائي
_( رد بحنق ) إن عليك أن تعي أنها مجرد لعبة ، أجد متعة في ممارستها
_ ولكنها تؤذيني
_ أف...قلت لك لا أتعمد إيذائك
على أنه استمر في إيذائها ، وهو يدعي أنه يلعب ...!!!!
وفي على بابه نقرأ حوارا مأساويا
_ خير يا ابنتي ما بك ...؟!
_ والله لا أعرف ماذا أقول لك ...؟
_ يا ابنتي تكلمي
_ لقد أوقفوا عنك الإعانة الشهرية يا خالة !!!!!
وعندما تنهض العجوز لتغادر البنك كسيرة الروح تسأل
_ هل قرارهم هذا نهائي ؟ أقصد حتى لو شرحت لهم ظروفي !
_ لا أعلم يا خالة
وهكذا تمضي حوارات قصص مريم الضاني كجزء لا بد منه من بنية السرد دون أن يشكل الحوار المعلم الرئيس فيها ، ولكنه استخدم بمهارة كلما كان الحدث يتطلب ذلك .
إيقاع البنى السردية
إن أهم ما يميز السرد في القصة عموما ...هو ذلك الإيقاع الذي يكاد يسمع من خلال تنامي السرد أحيانا متوافقا مع الحالة النفسية للشخصية القصصية ، أو متمشيا مع مختلف انفعالات الشخصيات وتقلبات مزاجها الداخلي ، وتماهي السرد أيضا مع تقلبات الحدث صعودا وهبوطا .
لنسمع الإيقاع هنا في أسبرين
( أسدلت الستارة على النافذة ، واكتنفني إحساس ثقيل بالضيق ، واتكأت بظهري على الجدار) ، ( وهنا وحين تصل إلى ذروة الإحساس بالألم النفسي ، تتابع فتقول ...
( وتنهدت بحرقة ...آآآآه ....) ( سحر ، طالبتي الحسناء ذات الحسد البض ، والبشرة البيضاء الناعمة ، زالأنامكل الرقيقة ) .
ولنسمع معا إيقاع هذه الآه الطويلة آآآآآآه....... ) ونقرأ بصوت عال تلك النقاط التي تلتها ..!
وحين يرن جرس هاتف زوجها من سحر لنسمع هذا الإيقاع المصطخب في نفسها والغيرة الحارقة وهي تقول له ....هاتفك ....ألا تسمعه ؟!
وكأنها تقول ( هاتف زوجتك الأخرى ..ذلك الورم المتجذر في طيات نفسي ، ما فتىء ينمو ويتناسل )
وأكاد أسمع صوت وجيب الغيرة والحسرة في نفسها ..يطغى على رنين هاتف سحر ...!!
وفي طرب و حرب وبرتقالة
لنسمع إيقاعا آخر صاخبا ساخطا يلعن الظروف وتحولات الزمن حين اكتشف أن هاتفه غير مشحون ( صرخ في أبنائه وهو يضرب بيده بقوة على طاولة أمامه ..
_ ليعطني أحدكم هاتفه ، أريد أن أطمئن على والديّ )
ولنحاول سماع ضجيج قلبه وثورته وسخطه وحزنه حين لم يصغ إليه أحد منشغلين برسائل هواتفهم إلى سوبر ستار ..!!!!!!! )
ونسمع إيقاعا حزينا آخر يقطر بالأسى والإحساس بعقوق الأبناء حين شعرت الأم العجوز تبرم ابنتها من بقائها معها بالمستشفى فتخاطبها فتقول بكلمات خرجت من فمها ممزقة
(يا ابنتي ...أتعبتك معي ..إذهبي إلى ...بيتك ...منذ أسبوع وأنت بعيدة عن زوجك ..لا تقلقي علي..!!!)
ونستمع إلى إيقاع الوحدة والفراغ والغربة في
عصفور على النافذة
فتقول مخاطبة العصفور( هل يستوطنك إحساس ، بأنك غصن مقطوع ، تدحرجه الرياح إلى أراض بعيدة موحشة ، هل تبحث عن شيء تحتمي به عندما تسحقك عواصف الخوف ، فلا تجد إلا الفراغ ، ...)
صارخٌ إحساس الغربة هنا ...هائج نازف ثائر حزين ...!!! أهو إحساس فلسطينيي الشتات ...ربما !!
ونتأمل إيقاعا من نوع آخر استطاعت مريم أن تعزفه بنفس الكلمات وهو ( يا ألله ...يا ألله ..في مستهل قصة على بابه فجاء أشبه بالدعاء والترديد العادي ..لكنه وهو يتكرر إثر سماع العجوز بقطع المعونة عنها يضج بالإستغاثة ...والشكوى والألم والحرقة وأكاد أسمعه طويلا ...حزينا
يـا أللــه يــا أللــــــه ....!!
وأخيرا الإيقاعات المتتالية والمتنوعة في بائع الشراريب ...
( يطحنه الرجاء فيقول ...
_ خذي شرابين بريال
ولما لم تستجب يكرر بإغراء وتوسل......!
_ خذي ثلاثة شراريب بريال...!؟
ولم تستجب المرأة التي يتوسل إليها
وعندما ترجوه أمه (يا مسعود حاول أن تجمع ثمن الدواء) ...
ماذا يعتمل عندها في داخله ما تلك النار التي أشعلتها أمه بصدره وجوانحه ......(تتسارع دقات قلبه ...ويسير بخطى حثيثة ..ويرفع صوته أكثر ....!!!
شراريب ...شراريب ....شراريب...........!!! )
والله لكأني أحس به يبكي وينحب وهو يصيح هكذا ...
ولنسمع فرحته الهائلة وهو يصيح غير مصدق عندما تشتري امرأة كل الشراريب منه بمئة ريال في حين أن ثمنها هو ثلاثين ريالا وتترك الشراريب له ..
_ غمرته نشوة عارمة ..يركض تارة يقفز تارة ...ويلوح بالنقود ويصيح معي مئة ريال ....مئة ريال .......!!!
هل من الممكن قراءة هذه القصة دون سماع فرحة الطفل ...وجلجلة قلبه فرحة بالمئة ريال
إنه إيقاع مسموع بالعين ...استطاعت مريم أن تجعلنا نسمعه على مدار قصص المجموعة
وقبل أن أنهي قراءتي للبنى السردية أتوقف هنا عند مستهل قصة ( بائع الشراريب ) ..
والتي بدأتها مريم هكذا .....
المدينة ....المدينة المنورة
المكان ( سوق قباء ) السوق الرئيسي فيها
الزمان ..الساعة الخامسة من مساء يوم صيف
ولا أدري ما معنى هذا التقديم عند مريم ... كان يجب أن نفهم من خلال السرد ..نفس المعلومات .. لا أن تقدمها مريم لنا ..وكأنما تخاف من أن لاتصلنا هذا من جهة
ومن حهة أخرى ..فالتقديم بهذه الصورة ..هو أسلوب كتابة السيناريو ...أو المسرحيات
ذلك أن من يقرأ هذا التقديم ...يتخيل أن الستارة ستفتح عن أول مشاهد بالمسرحية ..فهل أرادت الكاتبة أن تقول ......
ها نحن أمام مسرح عبثي سنشاهد فصولها مسرحيته الآن
بلد بترولي ..و شديد الثراء..,في مدينة رسول الله الأكرم ...يضطر طفل صغير ليذرع شوارع السوق الرئيسي ليبيع ( شراريب ) لجمع ثمن الدواء لأمه المريضة ...
فلا تنقذه إلا الحسنة التي تأتي بالصدفة ..,...!! بعد أن رفضته صدفٌ متعددة .....!!!
وهكذا يمضي بنا سرد قصص المجموعة بين سرد ذاتي شاعري وآخر صاخب وآخر هادىء
وبين إيقاعات تنوعت فارتفعت وانخفضت وصاحت وترنمت وبكت وضحكت مع تقلبات نفسيات الشخصيات القصصية ....وتقلبات الحدث الرئيس والأحداث المتفرعة عنه .
يتبع
لا أعرف كيف أعبر عن فرحي بهذه الإضاءات الجميلة العميقة للمجموعة والتي بدون مجاملة تدل على حسك النقدي العميق وأدواتك النقدية القوية يا أستاذ يوسف !.
وددت أن أوضح نقطة في قراءتك للبنى السردية :
نعم أنت أصبت عندما قلت بأنني استخدمت ضمير المتكلم في المجموعة في القصص التي تحدثت عن هم ذاتي ولكي أكون صريحة فأنا لست بطلة تلك القصص بنسبة مئة في المئة ولكن في كل قصة من تلك القصص جزء من روحي . من ماضي بعيد أو حاضر أو مخاوف من الآتي .كثير من الذين قرؤا المجموعة وكتبوا عنها ظنوا بأنها (معاناة مريم ) وذلك الظن ضايقني إلى حد ما ولكن في النهاية من حق قارئ القصة أن يستنتج ما يشاء منها وأن يظن ما يشاء لذلك أضطر أحيانا إلى أن أوضح بأنني متزوجة وسعيدة مع زوجي وليس لي ضرة ولم أكن في يوم من الأيام مطلقة ولست بطل قصة انتظار الذي هو شاب معاق ينتظر أهله موته على أحر من الجمر ليرتاحوا من عناء خدمته . القصص التي فيها همي الذاتي هي مزيج من همومي وهموم المرأة التي أشعر بمشاعرها وأشاركها مخاوفها وأحلامها وأفكارها ولعل المرأة أقدر من الرجل في الغالب على تجسيد مشاعر المرأة في الكتابة لذلك يظن البعض بأن مجموعتي هي قصص من حياتي .
أيضا لا أعرف لماذا يا أستاذ يوسف أحب التعبير بضمير المتكلم ولو كان ذلك مستساغا على إطلاقه لاستخدمت ضمير المتكلم في جميع القصص ذات الهم العام والخاص ولكنني أتعمد استخدام ضمائر أخرى كالغائب والمخاطب حتى لا تكون جميع قصصي بضمير المتكلم .
بالنسبة لقصة ( اخرج يا سعيد ) نعم صدقت أخي يوسف فقد تعمدت كتابتها بصيغة الرسالة من قبيل التجديد في الأسلوب وحاليا أقوم بكتابة قصة جديدة على طريقة تداعي الأفكار أو اللاوعي وهي طريقة لم أستخدمها من قبل أرجو أن أوفق فيها .
أعتبر هذه القراءة التفصيلية دروسا لي في النقد فأنا لم يسبق لي كتابة قراءة نقدية . كتبت فقط قراءة انطباعية واحدة ولكن أسلوبك في تحليل كل جانب من جوانب القصص على حدة ( اللغة ، البنى السردية ...... ) يعلم القارئ كيف ينقد النص بطريقة واضحة علمية تسهّل تذوق النصوص على القارئ .
ما زلت أنتظر بشغف هذه الوقفات النقدية المفيدة .
المبدعة مريم الضاني
مساء الورد
من الطبيعي أن يعتقد بعض القراء ..أن المبدع هو بطل قصصه أو بعضها
تماما كما يعتقدون أن جميع قصائد الشاعر مثلا هي حالات مرّ بها كتجارب فعلية واقعية
ولكن هذا الفهم لا يمكن أن يرتكبه قارىء مثقف وواع ويعرف تماما معنى الإبداع بشتى أنواعه
فضلا عن الناقد الذي يدخل إلى عمق النصوص ويقرأ أحيانا ما بين السطور .
وأنا حين أشرت للهم الذاتي ..فلكي أميزه عن الهم العام والقضايا العامة
ومما لاشك فيه أن أبطال القصص ماهم إلا شرائح اجتماعية يلتقطها المبدع أو يكون له بها احتكاك ما .
والمبدع عادة لا ينقل الشخصية فوتوغرافيا كما هي في الواقع ، بل يخلق لها واقعها الدرامي دون أن تفقد ارتباطها بشكل أو بآخر بواقعها الفعلي .
وبخصوص التجارب السردية التي قمت بها أو تفكرين بتجريبها فهذا أمر ممتاز يصقل تجربة المبدع ويجعله يتعمق أكثر في شخصيات أو فكرة قصصة .
إذ يجب أن يتحلى المبدع بالجرأة بين حين وآخر .مادام اتخذ مجالا إبداعيا ما طريقه في الحياة
أما القراءات النقدية عموما على اختلاف مدارسها ..فهي تشكل رؤية الناقد التي قد تختلف مع رؤية ناقد آخر ..وتعدد الرؤى أمر مهم لإضافة أبعاد جديدة للعمل الإبداعي .
في كل الأحوال أرجو أن أكون وفقت في التعبير عن وجهة نظري بمجموعتك ( حتى الآن ) وإن شاء الله تستمر القراءة لتحليل الجوانب الأخرى من المجموعة ..وقد بدأت الآن بتجليات المكان في قصص المجموعة
أشكرك يا أخت مريم على تفاعلك واهتمامك
وتحياتي
الأستاذ الكبير سيــد البيــان
يوســف أبو سالم
استمتعت جدا بقراءة جمال رؤيتك النقدية الثاقبة
وكنت أتوقع أن أقرأ مثل هذا الجمال
فالكاتبة مريم الضاني كاتبة متميزة تابعت
قصصها المنشورة في المربد باهتمام كبير
كما أن القراءة النقدية لا عجب في تماهيها وتشويقها وعمقها
لأنها صدرت من متذوق دقيق وقارئ متميز وشاعر مبدع
كالشاعر يوسف أبي سالم الذي عودنا على ألا ننتظر منه إلا الإبداع والإبداع فقط
وأكثر ما أعجبني في قراءتك أستاذي أنك بدأت متدرجا
بشكل منهجي رصين من اللغة أولا ثم عرجت على بنية السرد والعرض
وهذا التدرج متميز دون شك لأنه تدرج يوافق أولويات المتلقي المثقف والعادي على السواء
فاللغة أول شيء يصادف المتلقي وينشئ الألفة بينه وبين النص
والسرد هو العنصر الذي يشده ويغوص به إلى الفكرة والهدف
وهذا التنظيم الممتاز يضفي رونقا بديعا على قراءتك
ويدفعنا لمتابعتها بشغف
أشكرك على هذا الإتحاف الراقي
واسمح بتثبيت الموضوع المبدع في منهجه المتألق في أسلوبه الفنان في رؤيته
روان يوسف
مساء الورد
شكرا لك على هذه الإطلالة العميقة
المتفحصة لقراءتي هذه
وأقول معك أن المبدعة مريم الضاني
تستحق أن نتفاعل مع إبداعاتها ..
لأنني أراها مجتهدة وتحاول تطوير ذاتها باستمرار
وتتقبل النقد وتحاول الإستفادة
من الإضاءات التي تراها مفيدة لها
ويظل مرورك وقراءتك
لهما دائما نكهة أخرى مميزة
وكنت أتمنى أن تكون لمجموعة الأخت مريم
نسخة رقمية
حتى يستطيع الجميع قراءتها والتفاعل
مع قراءاتنا لها
شكرا لك ثانية
وتحياتي
وكيف لا أتقبل النقد أخي يوسف ! .
إن الشخص الذي يرفض معرفة عيوبه أو لا يعترف بها لن يصححها أبدا وستظل ملازمة له إلى الأبد.
دعني أخبرك وأخبر القراء بشيء :
أنا بدأت الكتابة منذ كنت فتاة صغيرة ولكنني لم أعرض كتاباتي على أحد ولم أنشر منها شيئا ولم يشجعني أحد إلى أن يسر الله لي البداية الجدية في الكتابة والنشر ومحاولة تطوير قلمي قبل خمس سنوات فقط . لقد بدأت جديا في سن متأخر ، في سن الثامنة والثلاثين وهي سن يكون الكاتب فيها قد قطع شوطا طويلا في طريق الأدب ولكنني أعزّي نفسي بأن البداية المتأخرة خير من الاستسلام للخوف من خوض تجربة الكتابة والتعرض لنقد الآخرين واحتمالات الفشل .
لذلك منذ خمس سنوات وأنا أحاول بكل جهدي أن أستكمل أدواتي ككاتبة جيدة . نعم قد أنجح تارة وأضعف تارة لكنني بحول الله لن أتوقف أبدا لأنني حين يسر الله لي طريق الكتابة وجدت نفسي التي لم أجدها في مجالات حياتية كثيرة . دائما عندما أكتب قصصي أبكي بحرقة وأشعر أن بركانا يتفجر في داخلي ولا أتوقف عن البكاء إلا عندما أنتهي من كتابتها فأشعر آنذاك براحة غامرة . لكن الخوف يلازمني الآن دوما وهو خوف مختلف عن اخوفي الذي ذكرته والذي كان يمنعني من الكتابة . إن خوفي الآن هو خوف من أن لا أتطور وهوأمر رغم قسوته إلا أنه مثل السوط يجلد قلمي باستمرار لكي يتابع الطريق ولا يتوقف بسبب أمور محبطة أو مشاغل حياتية .
إن هذه القراءة النقدية يا أستاذ يوسف والقراءات النقدية الأخرى التي اتحفني بها بعض الأدباء الفضلاء والأديبات الفضليات هي بالنسبة لي بمثابة يد حانية تشد أزري في طريق الكتابة وكأن تلك اليد تقول لي : يا مريم لا تهني .. تابعي بثقة وقوة ألا ترين بشائر إصدارك الأول ! .
عذرا أخي يوسف على إزعاجك بهذه الهواجس التي أثارتها قراءتك في نفسي .
الأخت مريم
صباح الخيرات
إنني أرى أن بدايتك ليست متأخرة كما تظنين
فخير للمبدع أن تظل محاولاته الأولى ..له بأخطائها وكبواتها الكثيرة
وحين يرى أنه أصبح يملك أدواته كما يجب ينطلق بقوة
ومنذ أول إصدار له
ذلك أن الإصدار الأول في هذه الحالة يكاد يعادل الإصدار الخامس أو السادس
في حالة البدايات التقليدية
إن حرصك وخوفك هو احترام لنفسك وقلمك وقرائك
سدد الله خطاك ووفقك مبدعة متألقة على الدوام
وتحياتي
« اللغة والشاعر....!! | قراءة الأديب أحمد مكاوي لسرداب التاجوري » |