مَكْتَبَةُ أدَبِ الْمُنَاظَرَةِ
جاء في لسان العرب لأبي الفضل جمال الدين ابن منظور محمد بن مكرم الأنصاري:
... والتَّناظُرُ التَّراوُضُ في الأَمر، ونَظِيرُك الذي يُراوِضُك وتُناظِرُهُ وناظَرَه من المُناظَرَة، والنَّظِيرُ المِثْلُ، وقيل المثل في كل شيء، وفلان نَظِيرُك أَي مِثْلُك، لأَنه إِذا نَظَر إِليهما النَّاظِرُ رآهما سواءً الجوهري، ونَظِيرُ الشيء مِثْلُه، وحكى أَبو عبيدة، النِّظْر والنَّظِير بمعنًى مثل النِّدِّ والنَّدِيدِ ...
*
الْمُنَاظَرَةُ
... حوار بين شخصين أو فريقين، يسعى كل منهما إلى إعلاء وجهة نظره حول موضوع معين، والدفاع عنها بشتى الوسائل العلمية والمنطقية واستخدام الأدلة والبراهين على تنوعها، محاولا تفنيد رأي الطرف الآخر، وبيان الحجج الداعية للمحافظة عليها أو عدم قبولها.
صدر مؤخرا عن دار الفكر كتاب "المناظرات الخيالية في أدب المشرق والمغرب والأندلس" للصحفية الباحثة الدكتورة رغداء مارديني.
توضح المؤلفة في مقدمة كتابها أن موضوع المناظرات الخيالية لم يحظ باهتمام دارسي الأدب أو محاولتهم بالإشارة إلى ملامحه أو خصائصه، وربما كان ذلك لندرة المصادر والمراجع، حتى إن أحداً لم يشر إلى موضوع المناظرات الخيالية في أي بحث علمي.
ووفقاً لصحيفة "الإتحاد" افماراتية يقع الكتاب في 566 صفحة من القطع المتوسط، ويضم أربعة فصول وملحقاً لأبرز أعلام المناظرات الخيالية في المشرق والمغرب والأندلس، إضافة إلى أربعة ملخصات لموضوع الكتاب باللغات الروسية والإسبانية والفرنسية والإنجليزية.
يتناول الفصل الأول معنى المناظرة من خلال ما ورد في كتب اللغة والتفسير، وعن نشأة فن المناظرات عامة في المشرق والأندلس، ويدرس الفصل الثاني معنى المناظرة الخيالية ونشأتها وإبراز أعلامها في المشرق والأندلس.
وتناولت الدكتورة مارديني في الفصل الثالث بالتحليل والعرض ثمانية أنواع من المناظرات الخيالية، هي مناظرات بين أنواع الأسلحة وغيرها، ومناظرات بين البلدان والأمكنة والمباني، ومناظرات بين أنواع النبات، وبين الحيوانات، وكذلك مناظرات بين الأشياء أو مظاهر الكون والفصول، ومناظرات مختلفة أخرى.
وأفردت الفصل الرابع لأغراض المناظرات الخيالية التي بحثت عبرها في الأبعاد الدينية والسياسية والاجتماعية والتعليمية والأدبية، ولاحظت ثم أثبتت أنه كان للمناظرات الخيالية شأن مهم في معالجة قضايا المجتمع والدولة بغية الدعوة للإصلاح، إضافة لما جسدته تلك المناظرات من ترفيه وتسلية في مجالس الأدباء، وفي العصور المتأخرة خاصة.
الفصل الخامس تناول الخصائص الفنية للمناظرات اللفظية والمعنوية، وأشارت الكاتبة إلى القواسم المشتركة بينها، وأسلوب البديع والبيان الذي انعكس صنعة أدبية رائعة فُتِن بها كتّاب المناظرات الخيالية، كما تتبعت التأثيرات المتبادلة بين كتّاب المناظرات الخيالية في مناظراتهم، ووضعت يدها على تطور التأثير بينهم، بدءاً من العصور المتقدمة وصولاً إلى العصور المتأخرة بين المشرق والأندلس، وبين المشرقيين المتأخرين.
في ختام كتابها، استعرضت المؤلفة أنواع المناظرات الخيالية وأهدافها وغاياتها وخصائصها الفنية المبتكرة.
المصدر
حياكم الله
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com