لا أفهم لماذا يعبد عبيد المشرق إلا العنصري الذي يدوس رقابهم ويهينهم.
الفيلسوف العظيم حسب المقياس الغربي والذي تتغنى به الأجيال عندهم هو الذي ينشر العداء والكراهية تجاه الآخر ويمجد بني جلدته على حساب المغلوب على أمرهم ، لكن بالنسبة للمشرق الفيلسوف والمفكر العظيم هو الذي ينادي بالانبطاح بدعوى الانفتاح ويمجد من ينظر له كعبد بدعوى التمدن والحداثة .
يقول Isocrate عن الذين عاشوا قي عهده وقبله من الفلاسفة المفلسين :
لو كل الذين يُدرّسون الأدب يوعدون إلا بالأشياء التي يمكن لهم تحقيقها سيقدمون أكبر خدمة للأدب ولأنفسهم.
لنبدأ بعلماء المنطق :
يتلفظون بأكاذيب عندما يدعون ان الغرض من أعمالهم هو البحث عن الحقيقة ويوعدون المريدين بأنهم سيمدونهم بقاعدة عن السلوك لمستقبلهم ، على الرغم انه ولا شخص يجهل أن البشر بعيدين كل البعد من امتلاك المعرفة بالمستقبل ، حتى هومير ( Homeros ) الممتاز بحكمته ، يظهر لنا أحيانا حتى الآلهة بأنفسهم يتداولون في حيرة بشأن ما ينبغي أن يحدث.
هؤلاء الرجال الذين يريدون أن نعتبرهم حكماء يعرضون عليك مقابل مبلغ أربعة أو خمسة دراهم ما هو ثمين جدا وهي الشجاعة العالمية والسعادة ( ملاحظة : في العهد القديم كلمة Vertu كانت مرتبطة بالرجال فقط ) .
يقولون أنهم ليسوا في حاجة للذهب والفضة ، مع العلم اننا نراهم مقابل ثمن يسير يوعدون كل مريديهم بكل شيء ماعدا الحياة الأبدية ، مع ذلك لا يمنحون ثقتهم إلى نفس المريدين الذين يزعمون بأنهم يعلمونهم العدالة مثلما يمنحونها للغرباء ، بحيث أن ما هو مسموح للآخرين فهو غير مسموح لأسياد الحكمة والشجاعة .
فكيف إذا نستغرب ان بعض الجهلة عندما يروا فيهم هذه التناقضات وأشياء أخرى من نفس النوع ، يحتقرونهم ولا يكتشفون في أطروحاتهم سوى التفاهة وثرثرة غير مهمة ؟
ويأتي بعدهم أساتذة البلاغة السياسية الذين لا يستحقون لوما أقل منهم، إنهم أغبياء كثيرا وينظرون للآخرين وكأنهم مثلهم إلى درجة انهم يحررون خطابا أقل مستوى من خطاب ارتجالي لجاهل.
مع ذلك يوعدون تعليم مريديهم فن الخطابة حتى أولائك اللذين تنقصهم الفطنة وجود الدراسة وكأنهم يدرسونهم عناصر الكتابة ، انهم لا يفكرون في الفروقات الجوهرية الموجودة بين الاثنين، وينسون أن العلوم تنمو بالمثابرة والعمل الدؤوب وليس بوعود جوفاء.........
فعلا كل من يكرس حياته في الجدل الفارغ في الكمية المتناهية من الصغر يصير أتعس البشر ..... الخ
ملاحظة عابرة : هذا الكتاب قام بترجمة وزير حرب فرنسي من اليونانية إلى الفرنسية ، فلنقارن بينه وبين وزير حرب مشرقي ، أظن ان هذا الأخير فور وصوله إلى الكرسي أول شيء يقوم به هو انه يحاول شراء أسلحة من الغرب ليحصل على رشوة ويفتش على مفاتيح الخزانة ليسرق ما فيها ....
Oeuvres completes
D Isocrate
Traduction nouvelle
Par le Duc de Clermont-Tonnerre
(Aime-Marie-Caspard)
Ancien Ministre de la guerre et de la marine
Tome Deuxieme
Paris
M DCCC LXIII
ص 419