السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،
حروف الزيادة :
الزيادة عامل من عوامل نمو اللغة العربية ، إذ أن هذه على أصول الكلمة تحدث توليد الكلمات من بعضها .
ولذا عني الأقدمون من علماء اللغة ببحث موضوع أحرف الكلمة ، والزائد والأصلي فيها ، واتصاله بالأصول والتنمية والتفرع والاشتقاق ، وحصروا الأوزان الثلاثية والرباعية ، الأصلية فيها والمزيدة ، بحرف أو حرفين أو ثلاثة في الأفعال ، وكذا صنعوا في الأسماء وحصروا صيغها وأوزانها .
ودُوّنت هذه الصيغ والأوزان في المعاجم ، وأصبحنا مقيدين بما ورد فيها ، ورفضت الصيغ التي لم ترد مثل : استنتج ، واستهدف لأنها لم ترد في المعاجم ، وربما لم يصل العلماء إليها على فرض أن اطلاعاتهم واستنتاجاتهم كانت شاملة ..
وقد حكي أن أبا العباس أنشد مواطن الزيادة العشرة في هذا البيت :
هويت السمان فشيبنني ..... وما كنت قدماً هويت السمانا
أغراض الزيادة :
الزيادة تكون إما لغرضٍ لفظيّ أو لغرضٍ معنوي ّ..
* فأما اللفظيّ : أن تجعل كلمة على سمت أخرى ، فتصير مماثلة لها في عدد حروفها وفي هيئة شكلها من حركة وسكون كي تعامل معاملتها في كل ما يعرض لها من ضروب التصريف والتغيير ، وهذا ما يسمى بالإلحاق كشملل ، وبيطر ، وجورب ، ... للإلحاق بدحرج ، وكتشيطين وتجليب ، للإلحاق بتدحرج ، والدليل على الإلحاق هو مجيء المصدر على ما ألحقت به ، فإن المصادر أصول الأفعال .
* وأما المعنويّ : هو أن ما زيد من الحرف على أصول الكلمة يحدث حتماً معنىً زائداً على ما كان يفهم من الكلمة قبل الزيادة ، وسواء أكانت الزيادة بتكرار حرف من بنية الكلمة ، أو كانت بحرف من حروف : ( سألتمونيها ) .
وهذا الغرض أسمى الغرضين ، وأعم نفعاً ، وأوسع دائرة .
والأصل في الزيادة التي تكون لغرض معنوي :
- أن تكون في أول الكلمة لشدة العناية بها ، مثل : استنجد .
- أو أن تكون في الوسط لتحصينها ووقايتها من الحذف كالتصغير وصيغ الجموع .
- أو أن تكون في الآخر كتاء التأنيث .
والأصل في الزيادة التي تكون لغرض لفظي :
- أن يكون في الآخر كشملل .
- أن يكون في الوسط كجهور .
- ولا يكون في الأول إلا إذا كان معه زائد كالندد .
وتتضح الفائدة من الزيادة بالمقارنة بين معنى الأصل قبل الزيادة ، والمعنى بعدها :
كقولك : جلس محمد ، وأجلست محمداً ، تغيرت الدلالة بسبب الهمز ، وللهمز معانٍ كثيرة مثل : صار صاحب كذا ، ومصادفة الشيء ووجدانه ، والدخول فيه ..
بالتضعيف مثل :خرجته ، ففى التضعيف ما ليس في غيره .
ومن معاني التضعيف : الدلالة على النسبة إلى مصدر الفاعل ، والدعاء ، والاستقبال : كصوبت رأيه ، وسقيته ، وحييته .
للدلالة على أن الفعل قد وقع من اثنين ، كشاركته ، وفاخرته ، وقد يأتي لغير هذه الدلالة كناوله ، وسامحه .
وتكثر حين إرادة الدلالة على وقوع الحدث بين اثنين فأكثر ، نحو : تراضينا ، وتفاوضنا ، وتجاذبنا .
وقد تاتي لإظهار الفاعل على حال غير الذي هو عليها ، كتغافل ، وتعامى ، وتصامم ، وقد لا تفيد شيئاً من هذا ولا ذاك ، مثل : تراءى في المرآة ، إذا ظهر فيها .
لمطاوعة مفعول الفعل الثلاثي ، أي قبوله له مثل : كسرته فانكسر ، ودفعته فاندفع .
لمطاوعة مفعول الثلاثي مثل : رفعته فارتفع ، ولويته فالتوى ، ونقلته فانتقل ... وقد لا يفيد شيئاً مثل : اشتد واستلم .
لمن أراد أن يدخل نفسه في شيء حتى ينسب إليه ، كتشجع ، وتصبر ، كما يستعمل للدلالة على التثبت والتأكد ، كتأمل وتفهم ، أو الدلالة على الحدوث شيئاً فشيئاً ، كتجرع وتفهم ، أو يأتي لمطاوعة فعل نحو : كسرته فتكسر ، وغذيته فتغذى .
للدلالة على طلب الشيء كاستغفرته ، واستطعيته ، أو للدلالة على وجدان الشيء ومصادفته على صفة خاصة ، كاستعظمته ، أو للدلالة على الصيرورة والتحول مثل : استنسر البغاث ، واستنوق الجمل ، وقد لا تفيد معنىً زائداً على أصل المعنى مثل : استلقى .
وتكثر في المبالغة في الألوان والعيوب مثل : أحمر واحمار ، أعور واعوار .
للمبالغة والتأكيد ، كاخشوشن الرجل .
كما تأتي بعض مصادر الثلاثي تارة على ( تفعال ) للمبالغة والكثرة ، كتطواف وتيسار ، وتارة على ( فعلان ) للكثرة والمبالغة أيضاً ، مثل : جولان ، وغليان .
وتأتي الزيادة في الأسماء لاختلاف المعنى :
فالتاء - مثلاً - للتأنيث ، أو المبالغة ، أو تأكيد المبالغة ، مثل : جميلة ، ورجل ضحكة ، ونسَّابة ، وعلاَّمة .
ومنها علامة التثنية والجمع ، وياء التصغير والنسب .
المرجع :
عوامل تنمية اللغة العربية
د. توفيق محمد شاهين