أحد الزملاء في جريدة "الرياض" أخبرني قصة غريبة عن توأمين توفيا قبل عدة أعوام في حادث سيارة.. والغريب هنا ليس الوفاة ذاتها بل في حدوثها (بنفس الوقت في موقعين منفصلين) الأول في طريق الملك فهد، والثاني في طريق الثمامة!!
واليوم تذكرت هذه القصة أثناء قراءتي عن حادثين منفصلين وقعا في فنلندا لشقيقين توأمين في نفس الوقت وعلى نفس الطريق .. وقال الضابط المسؤول "حين انتهينا من الحادث الأول ذهبنا إلى الحادث الثاني وصعقنا حين وجدنا نفس الشخص في سيارة مختلفة على بعد ثلاثمائة متر"!!

.. وفي الحقيقة؛ من غير المستغرب أن يكون للتوائم نفس الاهتمامات والمواهب والطموحات (كونهما نشآ في نفس المنزل وذات البيئة) ولكن الغريب أن يمرا بنفس الظروف الحياتية والمكاسب الاجتماعية (رغم انفصالهما منذ الولادة) ثم يموتان بنفس الطريقة!!

وهناك أكثر من حالة من هذا النوع درسها عالم النفس توم بوشارد من جامعة منسوتا الأمريكية الذي لفت انتباهه قصة جيم لويس الذي اكتشف أن له أخاً توأماً تبنته إحدى العائلات فور ولادتهما عام 1949.وبعد ستة أسابيع من البحث طرق باب أخيه سبرنكر في بلدة دايتون واكتشفا مسلسل المصادفات الغريبة التي مرا بها؛ فكلاهما عانى من نفس المشاكل الصحية، وكلاهما اعتاد قضم أظافره والتبول اللإرادي في طفولته، كما عانى كلاهما من الصداع النصفي وتقلب المزاج وزيادة الوزن..

ورغم إمكانية إعادة تشابهما الصحي إلى أصلهما المشترك إلا أن ما يصعب تفسيره هو المصادفات الاجتماعية خارج حدود جيناتهما الوراثية.. فقد اتضح من سجلاتهما المدنية أن لويس وسبرنكر تزوجا في نفس التاريخ من فتاتين تدعيان "ليندا" وانفصلا لاحقاً في نفس الشهر. ثم تزوجا من فتاتين تدعيان "بيتي" ورزقا بطفلين سمياهما "جيمس" و"آلن".. كما عمل كلاهما في مطاعم ماكدونالدز ومحطة للوقود وأخيراً في وظيفة "شريف" في نفس التاريخ..

ولم يتوقف الدكتور بوشارد عند هذه الحالة؛ فقد استمر في البحث عن توائم متطابقة انفصلت عن بعضها منذ الولادة. وفي السنوات الأولى اكتشف أربعة وثلاثين زوجاً من التوائم مروا بمصادفات لا يمكن تفسيرها بشكل منطقي. ومن الحالات التي عثر عليها التوأم دوري وبيرجين اللتان بدأتا كتابة يومياتهما منذ عام 1962بنفس الترتيب وألوان الحبر ونوع الدفاتر.. وحين أجرى الدكتور بوشارد اختباراً لحاصل ذكائهما لم يدهشه تساوي النتيجة بقدر دهشته أن لكل منهما ابناً يدعى أحدهما (ريتشارد أندريو) والآخر (أندريو ريتشارد)!

.. كما درس حالة التوأمين أوسكار وجاك اللذين تفرقا بعد شهرين من ولادتهما حين أخذ الأب أوسكار إلى موطنه ألمانيا فيما بقي جاك مع والدته في انجلترا. ولم يتقابلا إلا عام 1979واكتشفا اشتراكهما في نفس التصرفات والعادات والسمات الشخصية؛ فكلاهما مثلاً كان يرتدي نفس النظارة، ويفضلان رياضة الغولف، ويضعان بشكل دائم سِوارا من المطاط حول معصميهما - بل وكانا يعمدان إلى العطس بصوت مرتفع في المطاعم ليرفها عن الرواد.. التناقض الملفت أن أوسكار انضم في شبابه إلى الحزب النازي المعادي لليهود، في حين تربى جاك في بيئة يهودية محافظة!

... ورغم افتراض الدكتور بوشارد علاقة ما يحدث بظاهرة التخاطر (الذي ثبت حدوثها بين التوائم بشكل أقوى من بقية البشر) إلا أنني أجد في الأمر حقيقة أكبر من ذلك.. فطالما قُدر للتوائم الاشتراك بنفس الهيئة والملامح، فما المانع في اشتراكهما بنفس المصير والقدر!!؟
المصدر