وربطاً مع موضوع الحداثة إذ تقول

وأتساءل هنا .....
أليس هذا النوع من القصص القصيرة جدا نزوع نحو الحداثة ( وأنا لست ضد ذلك تماما )
ولكن لماذا نقبل هذا النزوع نحو الحداثة في القصة ولا نقبله في الشعر مثلا

أسجل هنا أن التكثيف والرمز ألصق بالتراث منهما بالحداثة

لأسجل أولاً تميزي بين الرمز القديم قدم التاريخ ، وبين الرمزية المدرسة الحداثية

ثم سأسجل كذلك أن الحداثة التي شاعت بين الناس لا دخل لها إلا من بعيد بالحداثة الغربية

فالحداثة الغربية للعلم تنكر الرمز في الأدب وفي الشعر خصوصاً
وتعد إحالة واضحة وجامدة

وهي تريد إحالة مفتوحة لا تقف عند نقطة

مثلاً إذ قلت إنكيدو فكلنا سيذهب بأنه رمز الصداقة
ولو قلت ليلة ظلماء حالكة عصفت بالبلاد سترمز للقهر والظلم

هذا الرمز الذي تنتقد وجوده وتعده معلماً حداثياً

ينكره الحداثيون الأوائل

فهم يدعون إلى إعادة خلق الرمز وتغير دلالة الرموز
فنعطي لإنكيدو ببراعة دلالة جديدة
وأذكر كذلك إعادة بناء الأسطورة
فهم يريدون أن يبني الحداثي الأسطورة من جديد

ولي سؤال قد لا يصل لهم

لو أعاد شاعر ما بناء الرمز وصار يرمز باللون الأحمر للربيع

فبعد أن تستقر دلالة الرمز في عقولنا إلا يكون هذا كذلك جموداً


في الحقيقة هنا نمسك مشكلة الحداثة
لأنها خالية من العاطفة ومن الأحاسيس
وتظن أن الموضوع مرهون بدهشة العقل وتحريك خياله دائماً

الأدب ما كان إلا تواصلاً إنسانياً ينقل المشاعر والأحاسيس
ودور المبدع الحقيقي هو أن يحر ك فيك أعظ المشاعر في ذات الموضوع المطروح منذ بداية الخليقة

والموضوع ذو شجون



أما لماذا نقبل هذا النزوع في القصة ولا نقبله في الشعر

فننتقل للحداثين العرب
هؤلاء ظنوا أن الشعر هو الرمز وهو ترك الوزن وهو كثرة الصور

فكتب بعضهم نصوصاً أدبية لكنها ليست شعراً وأقرب للنثر
وبعضهم كتب نصوصاً مستغلقة ذابت بطبيعة الأحوال

ولذلك أسمى بعض النقاد القصة القصيرة جداً بقصيدة النثر

وهذا المصطلح يرفضه الحداثيون بطييعة الأحوال

لأنهم يريدونه في الشعر لا النثر
وهو أصح في النثر

لأننا نعطي للنص النثري بعداً شعرياً وهذا جائز

وهو كذلك بكثافته وعمق دلالته

وربما يكون وعي الحداثيين لذلك ونزوعهم نحو تغيير حراكهم

فيما أسميه مرحلة ما بعد الحداثة العربية

لأن مرحلة ما بعد الحداثة الغربية قامت قائمتها وكتب فيها الكثير

وكلمة ما بعد في الفلسفة الغربية تعني موت
أي موت الحداثة
كما قال بذلك المرحوم عبد الوهاب المسيري حين تكلم عن الحداثة واعياً لما يكتب في الغرب

وربما يظن النقاد العرب -وما أكثرهم - أن كلمة ما بعد الحداثة هي استكمال للحداثة

ويروجون لذلك

وهذا ما أسميناه التلوث النقدي