اكتب بجرحكَ ما تشاءُ
شعر: يوسف أحمد- فلسطين
( إلى من تشرفت بهم وبوفائهم عن بعد: د. عبد المعطي الدالاتي، وأبي العبادلة، وعلي المطيري، وفلاح الغريب، وعبير النحاس ونور الجندلي)
اكتب بجرحكَ ما تشاءُ
كما تشاءْ
فالليلُ أعمى
والنهارُ تلفّه سحبُ الدماءْ
والناس أميّونَ
لا يسْعَوْنَ
في عصر الحداثة
يطلبونَ العِلْمَ
نحو الصينِ
في برد الشتاءْ
لن يقرؤوك
فخطُّكَ المرقومُ بالشريانِِِ
مستترٌ على صَفْحات ماءْ
لن يقرؤوكَ
فلونُ وجهكَ أسمرٌ
وخريطةُ الجيناتِ تكشفُ عن
جذورِ العُرْب فيكَ
وصوتُك المسكونُ بالصلواتِ
يُفزعهم فينتفض الفضاءْ
لن يقرؤوك فخطُّك الكوفيّ
شفّر نصّه القانونُ
مذ صاغوه
والحاسوبُ يجهل رسمَه بالدمعِ
واللوبي المسيطرُ في الفضائياتِ والهيئاتِ
ليس تهزّه لغةُ البكاءْ
اكتب بجرحك ما تشاءُ
كما تشاءْ
لن يقرؤوكَ
فعالَمُ العدلِ الحديثِ
له كتاب سطّروه
كما يشاء الأقوياءْ
ونصوصُهم أصلُ الكتابِ
ونصُّ حزنكَ والحروفُ النازفاتُ من الوريدِ
هي الحواشي والهوامشُ،
والدساتير الحديثةُ قد أقرّت مبدأ التوثيقِ
في قلب النصوصِِ
فلا التفاتَ لما تضرّج خارجَ النصّ الموثّق بالدماءْ
اكتب بجرحك ما تشاءُ
كما تشاءْ
لا تنتظر أحدا
فهذي الأرضُ ذاكرةٌ من التاريخِ والأشخاصِ
تقرأ بصمة الآتين من أحشاء صرختِها
وتحفظُ درسَها عن ظهرِ قلبٍ
تعرف العشّاقَ في زمنِ البلاءْ
اكتب بجرحك ما تشاءُ
كما تشاءْ
لا تنتظر مددا
فهذي أمّةُ المليارِ ضاقتْ بابتسامتِكَ الوحيدةِ
حين أطلقتَ العنانَ لرغبةِ الشفتينِ
والقلبِ الممَزّقِِ
حيثُ راودك الضياءْ
اكتب بجرحك ما تشاءُ
كما تشاءْ
لا القدسُ في القدسِ الشريفِ
ولا البراقُ يطير من أرض الأماني
نحو صخرتها الشفيفةِ
في الليالي الحالكاتِ
ولا الرباطُ على ثغورِ رباطِها سهرتْ
ولا نيلُ الكنانةُ ينضحُ النَّبْلَ الذي ذخرتْه بين جفونِها
كلا ولا دارُ السلام تمتعتْ بالسِّلْم
مذ خلعتْ سروجَ خيولِها في غيبة " المنصورِ"
واستقوتْ على حلمِ الطفولةِ في مرابِعها
بآلاتِ التحالفِ والفناءْ
اكتبْ بجرحكَ ما تشاءُ
كما تشاءْ
اكتب فأمَّتُك العزيزةُ حاصرتكَ
بشِعْبِ غفلتِها الطويلةِ
قاطعتْكَ ، وعلّقتْ سِفْرَ الوثيقةِ
في الصدورِ
فلا تبادلُك المشاعرَ والأماني
وارتمتْ ترثيكَ في حُمْرِ المجالسِ
بالشعاراتِ البليغةِ
واستعارتْ أعينا منْ
كلّ أهلِ الأرضِ
كي تقوى على فعلِ البكاءْ
اكتبْ بجرحكَ ما تشاءُ
كما تشاءْ
يا سيّد الحزنِ العميقِ
ويا صراخَ الجرحِ في زمنِ الرثاءْ
أنتَ الوحيدُ
فلا يثبّطْكَ الهراءْ
لا تنتظرْ قلما لتكتبَ قصّة النزفِ الطويلةِ
في وُريقاتِ الهواءْ
سدّدْ جراحكَ وحدها
واكتبْ بجرحكَ ما تشاءْ